دمج الذكاء الاصطناعي والسلوك الرقمي داخل الفصول الدراسية
كشفت دراستان رائدتان، بدعم من برنامج المنح البحثية العملية التابع للمجلس الثقافي البريطاني، عن نموذج متطور لكيفية دمج الذكاء الاصطناعي والسلوك الرقمي والرفاهية العاطفية في بيئات التعلم داخل المدارس المصرية.
وتقدّم التجربتان، المنفذتان في كلية رمسيس للبنات بالقاهرة ومدرسة صلاح الدين الدولية بالإسكندرية، رؤية تقنية متكاملة تعيد تعريف علاقة الطلاب بالتكنولوجيا داخل الفصل وخارجه.
في القاهرة، قادت هالة توفيق مديرة المدرسة الثانوية في كلية رمسيس للبنات مشروعاً تعليمياً شاملاً يستهدف إعادة ضبط منظومة التفاعل الرقمي للطلاب.
ويعتمد المشروع على وضع سياسة رقمية متقدمة على مستوى المدرسة، مدعومة بورش عمل يقودها متخصصون في الصحة المعرفية، إلى جانب تدريب المعلمين على تصميم دروس تعتمد على أدوات الذكاء الاصطناعي التحليلية والتفاعلية.
ويمثل هذا التوجه محاولة عملية للإجابة عن السؤال المحوري الذي يشغل المؤسسات التعليمية عالمياً: كيف يمكن تحويل السلوك الرقمي المتسارع للطلاب إلى محرك تعلم فعّال وليس عائقاً أمام التركيز؟
وتشير نتائج الدراسة إلى أن تبنّي هذا النموذج الرقمي أدى إلى تغيّر ملحوظ في وعي الطلاب؛ إذ أظهروا فهماً أعمق لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الذاكرة والقدرة على التركيز، فيما أكد 80% منهم اكتشاف جوانب تعليمية ذات قيمة داخل المحتوى الرقمي اليومي.
كما أسهم البرنامج في رفع كفاءة المعلمين رقمياً، وتعزيز إدراكهم لآليات السلوك الإلكتروني، مع استعداد معظمهم لدمج أدوات الذكاء الاصطناعي في تخطيط الدروس وتنفيذها.
وفي الإسكندرية، اتجهت مدرسة صلاح الدين الدولية إلى اختبار تأثير نموذج التعلم الاجتماعي والعاطفي (SEL) باستخدام أدوات تحليلية رقمية، بقيادة القائد الأكاديمي مصطفى عطاس.
وأظهرت النتائج قفزة نوعية في أداء الطلاب؛ حيث أكد أكثر من 70% تحسناً في مستواهم الأكاديمي، إلى جانب ارتفاع المشاركة داخل الفصول بنسبة 25%، وانخفاض السلوكيات الصراعية بنسبة 30%.
ويعزز ذلك ما تشير إليه الأبحاث العالمية حول تأثير الدمج بين الذكاء العاطفي والتكنولوجيا التعليمية في بناء بيئات تعلم أكثر استقراراً وتحفيزاً.
وأكد عمار أحمد، مدير الامتحانات بالمجلس الثقافي البريطاني في مصر، أن التجربتين تثبتان أن محو الأمية الرقمية وتطوير القدرات العاطفية ليسا مسارين منفصلين داخل التعليم الحديث، بل يشكّلان منظومة تكاملية تعزز نضج الطلاب وقدرتهم على التعلم الذاتي. وأوضح أن تمكين المعلمين من أدوات الذكاء الاصطناعي، مع توفير الدعم البحثي والقيادي المناسب، ينعكس على جودة التعليم وفاعلية الفصول الدراسية بشكل مباشر.
وتأتي المبادرتان المصريتان ضمن مجموعة تضم 12 دراسة يقودها معلمون حول العالم ضمن دورة 2025 من برنامج المنح البحثية العملية، والتي تشمل دولاً مثل باكستان وزيمبابوي ونيجيريا. وتركز تلك الدراسات على مستقبل التعليم العالمي، بما في ذلك الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، والرفاهية الرقمية، وتطوير مهارات المعلمين عبر حلول تقنية مبتكرة.
وسيتم الكشف عن النتائج الكاملة لهذه المبادرات في الحدث العالمي عبر الإنترنت Action Research Now! خلال الفترة من 11 إلى 12 ديسمبر 2025، والذي سيعرض رؤى عملية قابلة للتطبيق على أنظمة التعليم دولياً، مؤكداً مكانة مصر كأحد روّاد تطوير استراتيجيات التعليم التقني الأخلاقي.