رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

مشروع دولي يكشف أعمق أسرار النيوليت ويحوّل شانلي أورفا إلى مركز عالمي لعلم الآثار

بوابة الوفد الإلكترونية

شهدت ولاية شانلي أورفا احتفالية رسمية كبرى بمناسبة الذكرى الخامسة لإطلاق مشروع "تاش تپيلر"، أحد أضخم المشاريع البحثية في تاريخ علم الآثار حول العالم، وسط حضور رفيع المستوى تقدمه السيد المحافظ، ورئيس البلدية، ونخبة من الأكاديميين والخبراء الدوليين.

وخلال الاحتفالية، أكّد المسؤولون أن هذا المشروع، الذي أعاد صياغة فهم العالم لبدايات التاريخ البشري، تحوّل خلال خمسة أعوام فقط إلى شبكة علمية واسعة تجمع كبار الباحثين من الشرق والغرب، وتكشف طبقات جديدة من الحضارة الإنسانية الضاربة في عمق 12 ألف عام.

مشروع يغيّر مسار كتابة التاريخ

وأشار المتحدثون إلى أن الاكتشافات الأولى، بدءًا من المسح السطحي عام 1963 ثم حفريات عالم الآثار الراحل كلاوس شميت في 1995، وصولًا إلى انطلاق المشروع رسميًا عام 2020 تحت إشراف وزارة الثقافة والسياحة التركية، كشفت أن غوبكلي تبه لم يكن مجرد مستوطنة، بل مركزًا لممارسات عقائدية معقّدة وبنية اجتماعية متقدمة، وهو ما أعاد تشكيل فهم الباحثين لعصر النيوليت.

وأوضح القائمون على المشروع أن منطقة "تاش تپيلر"، الممتدة من غوبكلي تبه إلى كاراهان تبه ومن ساي بورج إلى سيفرتبه، أثبتت من خلال الأدلة الأثرية أن الإنسان في تلك الفترة امتلك وعيًا متقدمًا في التنظيم الاجتماعي والطقوس الدينية والهندسة والعمارة.

شبكة علمية تضم 219 باحثًا من 36 مؤسسة

ووفق البيانات الرسمية، توسّع مشروع "تاش تپيلر" ليشمل 12 موقعًا أثريًا، بعد انضمام موقع أيانلار هويوك مؤخرًا، بحضور الأميرة اليابانية أكيكو ميكاسا. ويشارك في المشروع اليوم 219 عالمًا وطالبًا من 36 مؤسسة أكاديمية، بينها 15 جامعة تركية و21 مؤسسة دولية من اليابان وبريطانيا وفرنسا والصين وغيرها، ما جعله أحد أكبر "التحالفات العلمية" في علم الآثار الحديث.

اكتشافات 2025… نقلة جديدة

الكشف الأبرز لهذا العام تمثّل في العثور على تمثال بشري داخل جدار منشأة D في غوبكلي تبه، اكتُشف قبيل زيارة الأميرة أكيكو. وقد وصفه الخبراء بأنه من أهم الشواهد الفنية المعبرة عن أسلوب النحت في العصر النيوليتي.

كما عُثر في ساي بورج على تمثال بملامح وجه تُحاكي الموت وفمٍ مخيط، في أول نموذج من نوعه يكشف عن طقوس ف funerary rituals جديدة. أما في سيفرتبه، فتم تسجيل اكتشافات بارزة بينها نقوش وجوه بشرية بتقنيات عالية ومنفذة بأسلوب يختلف عن المواقع المجاورة، بالإضافة إلى خرزة من حجر السربنتين منقوشة بوجهين بشريين.

ترميمات واسعة ومراكز بحث جديدة

وضمن مشروع "إرث للمستقبل"، انتهت أعمال الترميم في الهيكل الأسدي بغوبكلي تبه العام الماضي والهيكل C هذا العام، بينما تتواصل أعمال ترميم الهيكل AD في كاراهان تبه. كما يقترب الانتهاء من مركز الزوار الجديد بغوبكلي تبه ومركز الأبحاث وبيت الحفريات في كاراهان تبه، المجهز لإجراء جميع الدراسات الآثارية والآركيومترية ضمن المشروع.

حضور عالمي ومعارض دولية كبرى

وأوضح المسؤولون أن المشروع بات واجهة ثقافية لتركيا حول العالم؛ فقد استقبل معرض “لغز المكان المقدس” في الكولوسيوم بروما أكثر من 6 ملايين زائر بين أكتوبر 2024 ومارس 2025. ومن المقرر أن تستضيف برلين العام القادم معرضًا يضم 100 قطعة أثرية، فيما تجري الاستعدادات لمعارض في لندن (2026) والمتحف الوطني بطوكيو (2027).

إلى جانب ذلك، عُقدت أكثر من 100 محاضرة ومؤتمر دولي تناولت نتائج المشروع في الصين واليابان والأميركيتين وروسيا وأغلب دول أوروبا والبلقان، كما استضافت تركيا في 2024 المؤتمر العالمي للنيوليت بمشاركة أكثر من ألف عالم من 63 دولة.

الموقع يستقبل 4 ملايين زائر

وأكدت وزارة الثقافة والسياحة أن غوبكلي تبه استقبل منذ افتتاحه أربعة ملايين زائر، بينهم نحو 750 ألفًا خلال العام الحالي فقط، مما يعكس مكانة الموقع باعتباره أحد أهم نقاط الجذب السياحي في تركيا والعالم.

دعم مؤسسي ومجتمعي واسع

وقدّم المسؤولون شكرهم لــالخطوط الجوية التركية – الراعي الرئيسي للمشروع، ومجموعة دوغوش الداعمة لحفريات غوبكلي تبه، ولجميع الخبراء والعاملين، وفي مقدمتهم الأستاذ الدكتور نجمى كارول ومديرو الحفريات، والهيئات المحلية والجامعات والمؤسسات الدولية المشاركة.

واختُتمت الاحتفالية بالتأكيد على أن مشروع "تاش تپيلر" سيواصل ترسيخ مكانته كـ"عاصمة النيوليت في العالم"، لما يحمله من رؤية علمية مستقبلية تربط بين الماضي والمستقبل وتكشف ملامح أولى خطوات الحضارة الإنسانية.