«ترامب» يستثنى نفسه.. ويقلب طاولة «إبستين» بتحقيقات تستهدف الديمقراطيين
فى الأسبوع الذى تصدرت فيه رسائل جيفرى إبستين الإلكترونية العناوين وكشفت عن إشارات متكررة لدونالد ترامب، تحرك الرئيس الأمريكى بسرعة ليأمر وزارة العدل بالتحقيق فى قائمة من المسؤولين البارزين الذين وردت أسماؤهم فى تلك الرسائل، لكن من دون أن يتضمن الأمر اسمه، حيث استهدف الديمقراطيين وحدهم. جاء ذلك رغم أن وزارة العدل كانت قد أعلنت قبل أربعة أشهر فقط أنها لم تجد فى ملفات إبستين أى مبرر لفتح تحقيقات إضافية.
جاءت الخطوة المفاجئة متزامنة مع كشف الديمقراطيين فى الكونغرس عن رسائل تشير إلى أن معرفة ترامب بعمليات الاتجار بالجنس التى ارتبط بها إبستين كانت أعمق مما كان معروفاً سابقاً. ومع ذلك، نفى ترامب بشكل قاطع أى علاقة له بتلك العمليات، وكرر فى أكثر من مناسبة أن ارتباطه بإبستين كان ضعيفاً ومتوتراً خلال السنوات الأخيرة من معرفتهما.
كتب ترامب على منصاته الاجتماعية مهاجماً الديمقراطيين ووصف الأمر بأنه عملية احتيال تشبه التحقيقات الروسية السابقة، وقال إن السجلات تشير إلى أن العديد من الرجال المقربين من الديمقراطيين أمضوا فترات طويلة مع إبستين وعلى ما سماه الجزيرة. وأرفق منشوره بتلميحات إلى قرب ظهور مزيد من التفاصيل.
وخلال أقل من أربع ساعات على منشوره، أعلنت المدعية العامة بام بوندى تعيين جاى كلايتون، المدعى العام فى مانهاتن، لقيادة التحقيق الجديد. وأكدت فى رسالة لترامب عبر موقع إكس أنها تثق بكلايتون وأن الوزارة ستتابع الأمر بإلحاح ونزاهة لتقديم إجابات للشعب الأمريكى.
هذا التحول الكبير أعاد التأكيد على مدى تراجع استقلالية وزارة العدل فى عهد ترامب، حيث أصبحت الوزارة تتحرك بطريقة تعكس توجهات ترمب السياسية بدلا من الاعتماد الصارم على الحقائق القانونية. والأخطر أن فتح تحقيق جديد قد يسمح للوزارة بمنع الكشف عن أى أجزاء إضافية من ملفات إبستين بحجة أنها قد تؤثر على تحقيقات جارية.حسب تحليل نيويورك تايمز الأمريكية
وفى تصريحات لصحفيين أثناء رحلته إلى ويست بالم بيتش بفلوريدا، حاول ترامب التقليل من شأن الإشارات التى وردت فى رسائل إبستين بشأن علاقتهما، وقال أن علاقته بإبستين كانت سيئة لسنوات، مضيفا أن التركيز يجب أن يكون على ما عرفه إبستين عن بيل كلينتون ومسؤولى جامعة هارفارد.
وفى منشور آخر ركز ترامب على شخصيات حددها بنفسه، من بينها بيل كلينتون، ولارى سامرز وزير الخزانة الأسبق، والمستثمر ريد هوفمان. ورد المتحدث باسم كلينتون بأن الرسائل تثبت أن الرئيس الأسبق لم يفعل شيئاً، وأن باقى الضجيج ليس إلا محاولة لصرف الانتباه عن الإخفاقات السياسية.
من جانبه، دعا هوفمان الرئيس الأميركى إلى الكشف الكامل عن جميع ملفات إبستين، مؤكدا أن ذلك سيكشف أن الدعوات لملاحقته لا أساس لها، وأنه مهتم أيضا بتحقيق العدالة لضحايا إبستين. ورفض ممثل سامرز التعليق.
وتشير تحقيقات سابقة للصحيفة إلى أن بنك جى بى مورغان تشيس دعم إبستين لسنوات رغم مؤشرات واضحة على سلوكه. وقد اعتذر هوفمان عن تعامله مع إبستين، بينما قال مكتب كلينتون سابقا أن الأخير لم يزر الجزيرة الخاصة ولم يلتق إبستين منذ أكثر من عشرة أعوام.
وأظهر تحليل جديد أن سامرز كان يتبادل الرسائل بشكل متكرر مع إبستين، رغم أنه سبق أن عبّر عن ندمه على علاقته السابقة به، وهو تصريح عززه موقعه سابقا كرئيس لجامعة هارفارد.
أما اختيار المنطقة الجنوبية لنيويورك لتولى التحقيق فيمثل اختبارا جديدا لاستقلال أحد أقوى المكاتب القانونية فى الولايات المتحدة. فقد رفضت قيادة المكتب سابقا ضغوط وزارة العدل لدعم سحب لائحة الاتهام بالرشوة ضد عمدة نيويورك إريك آدامز، ما أدى إلى استقالات واسعة وتدخل مساعد بارز لبوندى لتقديم الطلب أمام المحكمة.
رغم أن كلايتون يتمتع بسمعة قوية، فـإن مسيرته شهدت مواقف اعتبرت منحازة لترمب. ففى ظهور إعلامى الشهر الماضى، انتقد المدعين الذين لم يدافعوا عن ترامب خلال محاكماته الجنائية، وهو تصريح أثار غضب العديد من العاملين فى مكتبه.
وكان قد أصدر الديمقراطيون فى مجلس النواب يوم الأربعاء رسائل كتب فيها إبستين أن ترامب قضى ساعات فى منزله مع ضحية من ضحاياه، وأنه كان يعرف عن الفتيات اللواتى ثبت لاحقاً أن كثيراً منهن كن قاصرات.
كما نشر الجمهوريون رسائل أخرى تظهر فيها الإشارات المتكررة لاسم ترامب أيضاً. وفى إحدى الرسائل، كتب إبستين أن كلينتون لم يزر الجزيرة أبداً، فى إشارة معاكسة تماماً لما لمح إليه ترامب.
أثارت هذه التسريبات عاصفة سياسية واسعة.