نصائح رسول الله ﷺ حتى نبلغ رضا الله تعالى وجنته
رسول الله ﷺ.. قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن رسول الله ﷺ أرشدنا إلى إلى طريق نبلغ به رضا الله سبحانه وتعالى، وما ترك لنا طريقًا يؤدّي بنا إلى النار إلا حذّرنا منه، وأحدث لنا منه ذِكرًا، وتركنا صلى الله عليه وآله وسلم على المحجّة البيضاء، ليلُها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
رضا الله تعالى ورسول الله ﷺ
وأوضح جمعة أن لما زاغ الناس عن المحجّة البيضاء شاع الفساد، وفشت الفتن من حولنا؛ تلك الفتن التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «يخرج في آخر الزمان رجالٌ يختلون –أي يطلبون في خِداع– الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من السكر، وقلوبهم قلوب الذئاب؛ يقول الله عز وجل: أبي يُغترّون؟ أم عليّ يَجترئون؟ فبي حلفتُ لأبعثنّ على أولئك منهم فتنةً تدع الحليم منهم حيران» (رواه الترمذي).
وفي ذلك تصديق لقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ} [الأنفال: 25]، ذلك الحليم الذي يفكّر فلا يعرف قبيل الفتن من دبيرها، يحاول أن يعلم أين هو منها، فإذا به كأنّه في ظلماتٍ بعضها فوق بعض، كموج البحر. قال تعالى: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40].
وأكد جمعة أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يربّينا أن نكون أقوياء، وأن نأخذ بيد العاجز منا ونصل به إلى القوّة؛ فالعجز مذموم، خاصة إن كان في عبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس.
المؤمن العاجز خيرٌ من الفاجر القويّ عند جل جلاله ورسول الله ﷺ
وأوضح جمعة أنّ "المؤمن العاجز خيرٌ من الفاجر القويّ عند الله"، وينبغي أن يكون كذلك عند الناس؛ فالمؤمن يمتلك القيم والأخلاق، والإصلاح هو البناء الذي تقوم به الحضارة الإنسانية الحقيقية.
وقال جمعة: ومبدأ الإنجاز الذي نذمّه هو أن يكون وحده المعيار مع مخالفة الأخلاق والقيم والثوابت؛ أمّا الإنجاز مع الالتزام بكل ذلك فهو مطلوب ومأمور به في شرعنا.
وأضاف: ولم يكن نموذج الفاجر القوي بدعًا في اعتماد مبدأ الإنجاز المذموم؛ فتاريخ البشرية يشهد بوجود هذا النموذج منذ القديم. وخير دليل على ذلك "قوم عاد"، وهي إحدى الأمم البائدة، حيث تودّد لهم نبيّهم هود عليه السلام، كما حكى القرآن عنه فقال: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ العَالَمِينَ} [الشعراء: 124–127].
رسول الله ﷺ
وأدرك هودٌ أن قومه فُتنوا بمنجزاتهم؛ فأراد أن يذكّرهم أنّها نعم الله، وأن الله يزيدها إذا آمنوا به، فقال لهم: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ} [الشعراء: 128–133].
فتمسّكوا بشرعية النظام الذي هم عليه، وتمسّكوا بما ورثوه وقرّروه، ولو كان مخالفًا لمراد الله ورسوله، وقالوا حسمًا للقضية: {قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الوَاعِظِينَ * إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الأَوَّلِينَ} [الشعراء: 136–137].






