دراسة جديدة: التنظيف الجاف للملابس يضاعف خطر تلف الكبد 3 مرات
الكبد .. كشفت دراسة طبية حديثة عن ارتباط خطير بين المواد الكيميائية المستخدمة في التنظيف الجاف وتزايد احتمالات الإصابة بتلف الكبد ثلاث مرات، مما يرفع بدوره من خطر الإصابة بالسرطان أو الفشل الكبدي في المدى الطويل.
وأوضحت النتائج أن التعرض المزمن لمادة رباعي كلورو الإيثيلين (PCE)، وهي مادة شائعة في صناعة التنظيف الجاف وإزالة الشحوم الصناعية، يشكل تهديدًا صامتًا لصحة الكبد، حتى بين غير العاملين في المجال الصناعي.
قيود تنظيمية متأخرة وتأثيرات أوسع من المتوقع
في عام 2024، فرضت وكالة حماية البيئة الأمريكية قيودًا على استخدام مادة PCE، مع خطة للتخلص التدريجي منها خلال عقد كامل، بعد ثبوت صلتها بالسرطان وأمراض الكبد.
ورغم أن الخطر لا يقتصر على الملابس المعالجة بها، فإن التعرض المستمر عبر الهواء والمياه الملوثة يزيد من احتمالية تليف الكبد بمعدل ثلاث مرات مقارنة بغير المتعرضين.
نتائج علمية تدق ناقوس الخطر
أجرى باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا دراسة اعتمدت على بيانات 1614 بالغًا من المسح الوطني للصحة والتغذية بين عامي 2017 و2020، ووجدوا أن 81 مشاركًا لديهم مستويات قابلة للكشف من PCE في الدم، وأن هؤلاء الأشخاص كانوا أكثر عرضة بثلاثة أضعاف للإصابة بتلف كبدي كبير.
كما بيّن التحليل أن كل زيادة بمقدار نانوجرام واحد من المادة في الدم قد ترفع خطر التليف خمسة أضعاف، ما يعزز فرضية العلاقة السببية المباشرة بين التعرض للمادة وحدوث التليف الكبدي.
الآلية وراء الضرر
أوضح الدكتور برايان لي، أخصائي أمراض الكبد في جامعة جنوب كاليفورنيا، أن الكبد عند معالجته لمادة PCE يُنتج مركبات ثانوية تتفاعل مع خلايا الكبد، مما يسبب سلسلة من الالتهابات تؤدي إلى التليف.
وأكد أن هذا النوع من التفاعل لا يقل خطورة عن الضرر الناجم عن الإفراط في تناول الكحول أو السمنة أو الأدوية طويلة الأمد مثل الباراسيتامول.
أمراض الكبد تتزايد بوتيرة مقلقة
أشار التقرير إلى أن مرض MASLD، الكبد الدهني المرتبط بالخلل الأيضي، وهو الشكل الأكثر شيوعًا لتلف الكبد، بات يصيب نحو واحد من كل خمسة أشخاص في المملكة المتحدة، وقد تصل النسبة الحقيقية إلى 40 في المائة وفق تقديرات مؤسسة الكبد البريطانية.
والأخطر أن 80% من الحالات تمر دون تشخيص، بسبب غياب الأعراض الواضحة، ولا يُكتشف المرض غالبًا إلا أثناء فحوصات روتينية.
دعوة إلى التحرك والوقاية
دعا الدكتور لي الأطباء إلى توجيه أسئلة حول التعرض البيئي أثناء الفحوص، فيما ناشد صناع القرار بضرورة سنّ سياسات صارمة للحد من السموم الكيميائية المنتشرة في الهواء والمياه.
ويرى الباحثون أن هذه النتائج قد تمهد لتطوير استراتيجيات فحص مبكر لتحديد الفئات الأكثر عرضة للخطر، خصوصًا في ظل تزايد معدلات الوفيات الناتجة عن أمراض الكبد، التي تضاعفت أربع مرات خلال العقود الخمسة الماضية.
تشير الأدلة الجديدة إلى أن الخطر الكامن في مواد التنظيف الجاف لا يقتصر على الاستعمال الصناعي فحسب، بل يمتد ليشمل البيئة المحيطة وصحة الأفراد.
ومع استمرار ارتفاع معدلات الإصابة بتليف الكبد بين الشباب والأطفال، تبدو الحاجة ملحة إلى مراجعة استخدام المواد الكيميائية السامة وتكثيف الجهود للوقاية من هذا الخطر الصامت الذي يهدد صحة الكبد حول العالم.