كلام فى الهوا
هجمة شرسة على بلدنا الغالية تُغير كثيرًا من القيم والأخلاق، لدرجة ان الناس أصبحت تشك أن الحياة للأفضل، بعد أن شاهدوا صعود التافهين بسرعة الصاروخ إلى أعلى المراتب والدرجات، فأصبح السائد هو احترام الحرامى والجاهل.. لذلك نجد الناس فى الطرقات شخوصًا من غير ملامح حقيقية، وضاع الأمل وحل محله اليأس.. فضاع المتعلم وصعد الجاهل، وأصبح القدوة «مطرب» أو «لاعب» أو «فنان». ويحضرنى فى هذا المقام حكاية قالها أحد المسئولين فى مجال كرة القدم، بأن أحد الأساتذة فى جراحة القلب حضر إليه يحمل شكوى من أحد المدربين الذين لم يقيدوا ابنه فى أحد الفرق التى يقوم بتدريبها، وسأله هذا المسئول عن ابنه وسنه ودراسته، فقال له إن ابنه فى الصف الثالث الاعدادى وإنه يحب ممارسة كرة القدم، وأنه يرى أنه أفضل من لاعبين يلعبون الآن، وأنه يأمل أن يصبح مثلهم يحصل على ما يحصلون عليه، ولم يتعجب المسئول لأنه يعلم أن لاعب الكرة المشهور يحصل على أموال أكثر من الأطباء وغيرهم من الأساتذة فى كافة المجالات. وتذكرت أنا فى الحال قصيدة لعمنا الكبير بيرم التونسى كان عنونها «إلا البلد» يقول فى أبياتها « يا ولاد مالها مقلوب حالها.. فى عز عصر استقلالها شبعت تشخير.. كانت صلاة النبى أحسن من كده واتخن.. والعملة ماشية عدل معدن ورغيفها كبير.. أما البلاد الدون ربحت ومصر اندبحت.. غاية ما فى التهويش صبحت جرايدها كتير.. يادى الغلا اللى ورانا بالخرزانة.. والمقرعة لما هرانا.. وبقينا حمير»