رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

تعيشى يا بلدى

قبل يومين فقط، استيقظت مريم على أمل جديد للحياة بعد رحلة طويلة من الآلام والمعاناة مع المرض وعاد النور يشرق على عائلتها التى لم تفقد الإيمان يوما بأن ابنتهم ستعود للحياة من جديد.

البداية كانت قبل أكثر من عام عندما شعرت مريم طالبة الثانوية العامة ببعض الآلام مع بداية العام الدراسى وبعد إجراء بعض الفحوصات الطبية فى مسقط رأسها بشبراخيت محافظة البحيرة، جاءت النتائج غائمة وغير مبشرة مع توصية من الطبيب المعالج لوالدها بضرورة عرضها على استشارى كبد للاطمئنان، وعلى الفور بدأ الأب رحلة البحث عن طبيب كبد يفك له لغز هذه الآلام حتى تتفرغ مريم لدراستها ومستقبلها الذى سيحدده مجهودها فى الثانوية العامة، وهنا جاءنى صوت صديقى الكاتب الصحفى حسام عبدالبصير وعمها الفنان التشكيلى مجدى ونس طالبين المشورة وترشيح استشارى كبد للاطمئنان على حالة مريم باعتبارى مسئول عن الملف الطبى منذ سنوات، وبالطبع لم أجد أفضل من معهد الكبد «المرجعية الأولى لامراض الكبد فى مصر «، ولم أتردد فى الاتصال بصديقى وائل سليمان مسئول العلاقات العامة والإعلام بالهيئة العامة للمستشفيات التعليمية والذى عرضها على الاستاذ الدكتور محمد مصطفى عبدالغفار رئيس الهيئة الذى لم يتأخر يومًا عن مساعدة اى مريض وقام على الفور بتوجيه الحالة إلى الدكتور محمد صالح، عميد المعهد القومى للكبد والجهاز الهضمى.

وهنا بدأ المشوار الحقيقى للعلاج على يد الدكتور محمد عبدالوهاب الابجيجى استشارى أمراض الكبد والجهاز الهضمى ورئيس برنامج زراعة الكبد ملاك الرحمة الذى تولى ملف حالة مريم بداية بتجربة العلاج لمدة شهرين ونهاية بتشخيص طبى صادم نزل كصاعقة على رأس والدها مؤمن ونس (مريم محتاجة زراعة كبد).

كيف وهى مازالت فى ريعان الشباب وماذا ستفعل فى الثانوية العامة ومن المتبرع ومن أين سنأتى بتكاليف العملية؟

كلها أسئلة كادت تذهب بعقل الأب الذى بالكاد كان يحاول مسايرة أعباء الحياة وعبور أزمة الثانوية العامة؟

وجاءت كلمات الدكتور محمد عبدالوهاب مطمئنة لقلبه ليبدأ منذ حوالى تسعة أشهر فى رحلة العلاج تحاليل واشعات كثيرة بالقاهرة والبحيرة ومشاوير ومواعيد وانتظار، وكان الأب اول من تقدم للتبرع لابنته ولكن عمره الذى تجاوز الخمسين لا يسمح كما أن عمر شقيقتها التى يقل عن ٢١عاما أيضا لا يسمح، وتقدمت الام التى كانت آخر من يعلم بمسألة زرع الكبد للتبرع ليس بجزء من كبدها فقط وانما بعمرها كله إذا احتاجت مريم.

وعلى مدار ثلاثة أشهر تقريبا أنهت مريم ووالدتها كافة التحاليل والاشعات المطلوبة وتحدد الموعد السبت الماضى لإجراء العملية بمعهد الكبد على نفقة الدولة ولكن ظهرت مشكلة كادت تعصف بكل شىء، وهى أن مريم التى رشحها التنسيق بعد حصولها على الثانوية العامة فى تلك الظروف العصيبة لكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة أسيوط،لابد أن تحصل على إفادة بأنها غير مقيدة بالكلية والا ستحرم من العلاج على نفقة الدولة، حاولت من جهتى التواصل مع رئيس المجالس الطبية المتخصصة الدكتور محمد العقاد لايجاد حل لهذه الأزمة وكان الرجل فى منتهى الانسانية ولكن اللوائح بالفعل تمنع إلا إذا احضرنا من جامعة أسيوط مايفيد بأنها غير مقيدة بالكلية، وبدأنا فى البحث عن حل للازمة فهى بالفعل لم تتقدم باوراقها للكلية بسبب الظروف المرضية،وجاء الفرج على يد الدكتور أحمد عبدالمولى نائب رئيس جامعة أسيوط،والذى ضرب اروع الأمثلة فى الإنسانية عندما بادر مشكورًا بالاستعداد لعلاج مريم على نفقة الجامعة حتى لو تكلفت العملية مليون أو اثنين، ولكنى أبلغته أن مريم انتهت كل الإجراءات بالفعل بمعهد الكبد والأمر متوقف على إفادة من جامعة أسيوط، وعلى الفور استدعى مدير شئون الطلاب وأصدر تعليماته بتيسير الإجراءات لاستخراج الافادة المطلوبة،وقام زميلى الصحفى حسام أبو المكارم رئيس قسم المحافظات بالوفد مشكورًا بتكليف زميلنا يوسف عبداللطيف مراسلنا فى اسيوط باستخراج الافادة وارسالها عبر الواتس لحين حضوره بأصل الورقة للقاهرة، وعلى الجانب الآخر كان الدكتور محمد العقاد رئيس المجالس الطبية المتخصصة قد أصدر تعليماته بإصدار قرار العلاج بصورة الإفادة لحين إحضار الأصل وبالفعل تم إصدار القرار لتجرى مريم العملية السبت الماضى بنجاح،بعد أن تضافرت كل الجهود وتجمعت كل القلوب، حولها ليأتى صوت والدها بعد تسع ساعات ليبشرنى بنجاح العملية وخروجها ووالدتها إلى غرفة العناية المركزة بسلام.

وأخيرًا فحكاية مريم لم تكن مجرد حكاية مريضة تتلقى العلاج، بل كانت قصة صبر وإلهام لأب وأسرة لم تفقد الأمل يوما، ولأصدقاء وأقارب وأطباء ملائكة رحمة قرروا أن يقفوا بجانبها فى أصعب لحظات عمرها، حتى أصبح حلم الزراعة ممكنًا بعد أن كان بعيد المنال.