رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

ليلة انتخابية صاخبة تنتهى برباعية ديمقراطية مدوّية

الاشتراكى المسلم زهران ممدانى يهز عرش «ترامب» ويقلب خريطة السياسة الأمريكية

بوابة الوفد الإلكترونية

انقسامات داخلية حول المستقبل السياسى للولايات المتحدة

 

حقق الحزب الديمقراطى سلسلة انتصارات انتخابية مدوية، أعادت رسم موازين القوى داخل الحزب وبين جناحيه المتصارعين، المعتدل واليسارى، فى وقت أظهرت فيه النتائج أن القلق الاقتصادى واستياء الناخبين من الوضع الراهن كانا المحركين الرئيسيين وراء اختياراتهم.

ففى ليلة وُصفت بأنها نقطة تحول فى السياسة الأمريكية، فاز الديمقراطيون فى أربع معارك رئيسية منصب عمدة نيويورك، وحاكمى ولايتى نيوجيرسى وفرجينيا، إلى جانب تمرير الاقتراح 50 فى كاليفورنيا، الذى يتيح إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية قبل انتخابات التجديد النصفى.

لكن الحدث الأبرز كان فوز الاشتراكى الديمقراطى زهران ممدانى بمنصب عمدة نيويورك، فى مواجهة حاكم الولاية السابق أندرو كومو، الذى خاض السباق كمستقل بعد خسارته فى الانتخابات التمهيدية. فوز ممدانى اعتُبر زلزالاً سياسياً داخل الحزب الديمقراطى، حيث جمع فى حملته بين الشباب، والمستأجرين، وخريجى الجامعات، مقدماً نفسه كوجه جديد يعيد تعريف السياسة التقدمية فى قلب الولايات المتحدة.

فى خطاب نصرٍ حافل بالحماسة فى مسرح باراماونت ببروكلين، بدأ ممدانى حديثه باقتباس من الزعيم الاشتراكى الأمريكى يوجين ديبس، قبل أن يوجه سهام النقد الحادة إلى منافسه قائلاً: «فلتكن هذه الليلة آخر مرة أنطق فيها باسمه، ونحن نطوى صفحة سياسة تتخلى عن الكثيرين ولا تخضع إلا للقلة.»

ووصف ممدانى فوزه بأنه «تفويض للتغيير»، مؤكداً أن حملته تمثل «انتصاراً على الأموال الكبيرة والأفكار الصغيرة»، مضيفاً: «لقد قدمتم الليلة تفويضاً لنوع جديد من السياسة، لمدينةٍ يمكننا تحمّل تكاليفها».

وبينما كان اليسار يحتفل، حقق الجناح المعتدل أيضاً انتصارات مهمة، إذ فازت ميكى شيريل وأبيغيل سبانبرجر بمقعدى حاكمى ولايتى نيوجيرسى وفرجينيا على التوالى. ففى نيوجيرسى، تفوقت شيريل على الجمهورى جاك سياتاريلى بنسبة 56.2% مقابل 43.2% بعد فرز 95% من الأصوات، فيما حصدت سبانبرجر فى فرجينيا 57.5% من الأصوات متقدمةً على منافستها الجمهورية وينسوم إيرل سيرز.

ورغم أن ترامب خسر الولايتين فى انتخابات 2024 بفارق ضئيل، فإن النتائج الأخيرة أظهرت عودة قوية للديمقراطيين المعتدلين فى المناطق شبه المتأرجحة، بينما ظل جناح اليسار يحتفل فى معقله الحضرى بنيويورك.

وفى كاليفورنيا، صوّت الناخبون لصالح الاقتراح 50 الذى يتيح للمشرعين إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية قبل الانتخابات النصفية، خطوة وصفها مراقبون بأنها ضربة استباقية للجمهوريين، الذين سعوا إلى تعزيز هيمنتهم فى ولايات مثل تكساس وميسورى.

وفى خطابٍ احتفالى، دعا الحاكم جافين نيوسوم الولايات الزرقاء الأخرى إلى السير على خطى كاليفورنيا، قائلاً: «نحن بحاجة إلى أن نرى ولايات أخرى تواجه هذه اللحظة بشكل مباشر... قد ننهى فعلياً رئاسة دونالد ترامب كما نعرفها».

أما ترامب نفسه، فقد علّق على سلسلة الخسائر الجمهورية بمنشور غامض على موقعه Truth Social كتب فيه: «... وهكذا يبدأ الأمر!»، قبل أن يُعيد تحميل الخسائر على الإغلاق الحكومى الطويل وغيابه عن ورقة الاقتراع.

وردّ الجمهوريون بهجوم حاد على الديمقراطيين، محذرين من أن فوز ممدانى «يرسّخ تحول الحزب إلى يسار راديكالي»، بحسب رئيس مجلس النواب مايك جونسون، الذى توعّد بأن يدفع الديمقراطيون «الثمن فى انتخابات التجديد النصفى لعام 2026».

ورغم أن زعماء الحزب الديمقراطى، مثل تشاك شومر، لم يدعموا ممدانى علناً خلال الحملة، فإنهم سارعوا إلى تهنئته لاحقاً. وقال شومر فى بيان: «لقد عملت مع ممدانى فى قضايا عدة، وأتطلع إلى البناء على هذه الشراكة للحفاظ على مدينة نيويورك قوية وعادلة».

هكذا رسمت نتائج الليلة الانتخابية ملامح مشهد سياسى جديد داخل الحزب الديمقراطى، بين جناحٍ تقدمى يسعى لثورة اجتماعية، وجناحٍ وسطى يحاول الحفاظ على التوازن فى مواجهة موجة اليسار الصاعدة. أما ممدانى، فقد بدا مصمماً على مواصلة التحدى قائلاً فى ختام خطابه: «إذا كانت هناك طريقة لإرهاب المستبد، فهى تفكيك الظروف التى سمحت له بالوصول إلى السلطة... دونالد ترامب، ارفع مستوى الصوت».

وضمن تحليلات نشرتها الصحف العالمية اعتبرت أسوشيتدبرس أن سباقات الثلاثاء بمثابة توبيخ هادئ لترامب بالنسبة للعديد من الناخبين، بينما ترى نيويورك تايمز الأمريكية مع انتصاراتهم، أظهر الديمقراطيون أن حزبهم المحبط ــ الذى قضى العام الماضى غارقاً فى اللوم على نفسه ومحاسبة نفسه ــ لا يزال قادراً على تحقيق الهدف الأكثر أهمية فى السياسة.

قال جيسى فيرغسون، الخبير الاستراتيجى الديمقراطى المخضرم ذو الخبرة فى ولاية فرجينيا: «هناك أدلة متزايدة على رغبة الناخبين فى إقالة دونالد ترامب والموالين له، لكن لا يزال أمامنا الكثير لنفعله لإقناع الناس بتوظيفنا». وأضاف: «يشعر الناخبون الآن بأن حكومتهم تخونهم، وهذا يكلفهم الكثير. علينا ألا نكون مجرد رد فعل على ذلك، بل الترياق له».

ووصفت صحيفة التليجراف البريطانية الأمر بأنه أسوأ كابوس لترامب هو الفوز فى نيويورك وقالت صحيفة اللوموند الفرنسية إن انتخاب المرشحة الديمقراطى يؤكد فى المقام الأول على خط سياسى يتمثل فى خفض تكاليف المعيشة، وفرض الضرائب على الأثرياء، والمعارضة التامة لدونالد ترامب.

قال مايك دوهايم، الاستراتيجى الجمهورى المخضرم فى نيوجيرسى والمدير السياسى السابق للجنة الوطنية للحزب الجمهورى، إن نتائج الانتخابات كانت مجزرة حقيقية. مضيفاً أن ما حدث ليلة كارثية للجمهوريين فى الولاية ومحذراً من أن على الحزب أن ينتبه إلى التحذيرات القادمة من هذه النتائج على الصعيد الوطنى وأوضح أن ما جرى يعكس حالة استياء من الإدارة الحالية، ويؤكد فى الوقت نفسه أهمية المرشحين والحملات الانتخابية فى صنع الفارق.

يذكر أنه يتمتع الجمهوريون بأغلبية 219-213 فى مجلس النواب، و53-47 فى مجلس الشيوخ. وللفوز بمجلس الشيوخ، سيحتاج الديمقراطيون إلى الدفاع عن مقاعد فى ولايات شديدة التنافس، بما فى ذلك جورجيا وميشيغان ومينيسوتا، مع تحقيق تقدم فى الولايات التى يسيطر عليها الجمهوريون، بما فى ذلك فلوريدا وكارولاينا الشمالية.

لكن حزب ترامب يخسر تاريخيًا مقاعد فى مجلس النواب فى انتخابات التجديد النصفى. فاز الديمقراطيون بأغلبية مجلس النواب عام ٢٠١٨، وهى أول انتخابات تجديد نصفى لترامب، بفوزهم بـ٤١ مقعدًا، وهو ما أوصل سبانبرغر وشيريل إلى منصبيهما. استخدموا سلطتهم للرقابة على إدارة ترامب، وعزلوه مرتين.

وقال مات بينيت، نائب رئيس مؤسسة ثيرد واى، وهى مؤسسة بحثية ديمقراطية وسطية: «أعتقد أن فوز المعتدلين فى الولايات الكبرى التى تنتخب فى كثير من الأحيان حكامًا جمهوريين كان أكثر أهمية بكثير من فوز مرشح من أقصى اليسار فى نيويورك بحسب رويترز فى إشارة إلى انقسامات الرأى حول المشهد القادم فى السياسة الداخلية الأمريكية.