كم الأحداث والجرائم الاجتماعية التى نفاجأ بها على شبكات التواصل الاجتماعى أو ما يسمى الإعلام الاجتماعى التكنولوجى، هى جرائم تدق ناقوس الخطر الشديد الذى أصبح يضرب أوصال المجتمع المصرى حديثا، على وشك أن تتحول إلى ظاهرة اجتماعية قد تنذر بسقوط أخلاقى وسلوكى بين أفراد المجتمع، ومن ثم سوف تؤثر سلبًا على الحالة الاقتصادية وبالقطع على الأمن والسلم المجتمعى والسياسي؛ حتى وإن تأخرت التداعيات إلا أن مراكز البحوث الجنائية والمجتمعية عليها دور حيوى فى دراسة تلك الظواهر الجديدة وعلى المسؤولين عن الإعلام والأمن الوطنى أن يقيموا مراصد إعلامية متخصصة ومحايدة ترصد الحالات الإجتماعية والرأى العام واستطلاعاته المتعددة عبر جميع المنصات الإلكترونية من خلال عدة مراصد متنوعة ثم يتم تجميع كل هذه الاستطلاعات والوقائع والأحداث فى مخزن إعلامى لتبدأ مراحل جديدة من تحليل المعلومات وتصنيفها ودراستها علميًا كل وفق تخصصه وليس أمنيًا فقط وذلك على ضوء النتائج من أكثر من مصدر وأكثر من جهة لكى نشرع فى وضع الحلول التنفيذية حيث أننا نعانى من نقص حاد فى الدراسات الميدانية المتاحة والمتوفرة للدارسين والباحثين والمتخصصين والإعلاميين لنتمكن من الرصد والتقييم….على سبيل المثال لا الحصر هناك عدة ظواهر دخلية مثل ظاهرة العنف التى تسود المدارس العامة والخاصة والأجنبية وكذلك الأندية بين الأطفال والمراهقين.. ظاهرة أخرى من التنمر اللفظى والتنابز والتناحر بين الشباب فى الجامعات والكافيهات تصل إلى حد الإشتباك والتلاسن والوعيد والتهديد؛ أيضا تزايد ظاهرة التحرش فى الشارع والمواصلات بلا أسباب وبلا هدف إلا غياب الرقابة والتواجد المجتمعى واختفاء صفات النخوة والشهامة والجدعنة وسيادة مبدأ « أنا مالى « لا نريد مشاكل أو تعرض للأذى أو دخولنا أقسام شرطة...
هناك كذلك ظاهرة الخيانات المتكررة فى المناطق الشعبية وتعدد العلاقات نتيجة المخدرات والفقر والجهل واليأس وكلها نتيجتها الحتمية جرائم بشعة أول مرة يتعرض لها المجتمع المصرى والمشكلة فى سرعة إيقاع وتيرة حدوث تلك الجرائم المنفرة المخيفة على مستوى الصغار والكبار نساء أو رجالًا أو أهل...
ظاهرة غياب القدوة أدت إلى انعدام الاحترام والتوقير للكبار بعد أن تم هدم منظومة كبيرة من قيم الأسرة والتعليم وحتى رجال الدين، فما بالك الساسة…أما ظاهرة التغريب والاستقطاب التى يعيشها المجتمع فقد شطرته إلى شطرين أو ثلاث؛ مصر القديمة العجوزة ومصر الجديدة الحديثة ومصر أو إيجيبت التى لا نعرفها إلا على الشاشات وشبكات التواصل وأخبار الحفلات الباذخة والمهرجانات الساطعة والانتخابات المتلألئة وتلك يدفع فيها المرشح مئات الملايين ليحظى بكرسى نيابى لا نعلم ما هى الاستفادة منه؟ ولصالح من؟
حتى الفن والثقافة والإعلام الذى من المفترض أن يعبر عن الشعب والمتلقى ويخاطب الجمهور ويتقارب مع آماله وأحلامه قد انفصل كلية عنه فى مظهرية استعراض متعاليًا متباعدًا منافقًا مغازلا مالًا أو سلطة...
ظواهر تضرب المجتمع وتدعو إلى اليأس وهو قاتل بطيء يصيب الجيل الحالى بالموت السريع والجيل القادم بالموت الصامت المخيف حين يشعر الإنسان أن من يجد ويتعب ليس هو من يصل ويحقق ذاته وآماله، وأن التعليم ليس سبيلًا للتقدم والترقى وأن الأخلاق مجرد شعارات جوفاء لا تغنى ولا تسمن من جوع، وأن الشرف والنزاهة والكرامة فقاعات هوائية ومطبات صناعية لتجميل واقع قبيح له معايير مادية نفعية استغلالية...
نحتاج إلى دور حقيقى للدولة لمواجهة هذه الظواهر التى تخلخل التوازن الاجتماعى وتنذر بالسقوط الأخلاقى والإنسانى وهو أحد أنواع السقوط...