رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

نظرة أمل

لم تكن مصر فى يوم من الأيام دولة عابرة فى التاريخ بل هى التاريخ ذاته، وحين تقرر أن تبنى المتحف المصرى الكبير، فهى لا تُشيِّد مبنى من الحجارة والزجاج، بل تُقيم جسرًا بين مجد الأمس وطموح الغد، فالمتحف ليس مجرد صرح أثري، بل مشروع وطنى جامع، يُعيد تعريف العلاقة بين الحضارة والتنمية.

لقد أدركت الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى أن بناء الحاضر لا ينفصل عن استلهام الماضي، وأن الأمم الكبرى هى التى تصنع مستقبلها بيديها، كما حفظت ماضيها بعقولها، من هنا جاء المتحف المصرى الكبير كأحد أعظم المشروعات الثقافية فى القرن الحادى والعشرين، يختصر فى تفاصيله فكرة الجمهورية الجديدة.

يقف المتحف المصرى الكبير على أعتاب الأهرامات فى مواجهة الزمن، ليقول إن مصر لم تغب عن مسرح الحضارة يومًا، فكل ما فى هذا المشروع يحمل بصمة مصرية  من التصميم إلى البناء، ومن التغليف الأثرى إلى إدارة الإمداد والنقل، لقد شاركت المصانع الوطنية فى تصنيع الحوامل المعدنية والتجهيزات الداخلية، وواجهات العرض بمعايير دولية، لتعلن عن أن الصناعة المصرية لم تعد صناعة مقلدة، بل صارت شريكًا فى حفظ التراث الإنسانى.

ولأن الحضارة لا تزدهر بمعزل عن البنية التحتية فقد ارتبط المتحف بشبكة نقل ذكية تجعل الوصول إليه رحلة حضارية فى حد ذاتها؛ خط المترو الرابع بمحطتيه «المتحف المصري» و«الرماية»، والأتوبيس الترددى الكهربائى السريع BRT، ومحاور الطرق الحديثة التى تربط غرب القاهرة بشرقها والعاصمة الإدارية الجديدة، كل ذلك يجعل من المتحف مركزًا مفتوحًا على قلب الدولة ومجتمعها الحديث.

المتحف لا يخاطب الماضى فقط بل يستثمر فيه من أجل المستقبل، فهو نموذج لاقتصاد معرفى جديد، يربط بين الصناعات الثقافية والسياحة المستدامة، ويفتح آفاقًا لصناعات التصميم والنحت والزجاج والمعادن الدقيقة، كل قطعة أثرية هنا يمكن أن تكون مصدر إلهام لمنتج صناعى، وكل سائح يزور المتحف هو فرصة لتشغيل عقول وأيادٍ مصرية.

هكذا تتحول الثقافة إلى قوة اقتصادية والصناعة إلى وسيلة لصون الهوية، إنها فلسفة مصر الحديثة التى تمزج بين الحضارة والإنتاج، بين الأصالة والتكنولوجيا، لتقدم للعالم نموذجًا فريدًا لدولة تعرف كيف تُدير تاريخها، وكيف تُحوله إلى طاقة تنموية.

فى افتتاح المتحف المصرى الكبير لا تحتفل مصر بآثارها القديمة بل بعقلها الحديث، إنها تقول للعالم إن أمةً شيّدت الأهرامات بقدرةٍ على الخلود، تستطيع أن تبنى متحفًا يوازيها فى العظمة والمعنى.

إنه ليس فقط صرحًا ثقافيًا، بل رمز لإرادة وطن قرر أن يصنع مجده مرتين، مرةً بالحجر فى الماضي، ومرةً بالعقل والإرادة فى الحاضر، وسيبقى المتحف المصرى الكبير شاهدًا على أن مصر لا تكتفى بصناعة التاريخ بل تُعيد كتابته من جديد.

حفظ الله مصرنا الحبيبة