قناع توت عنخ آمون.. نهاية حقبة التحرير وبداية أسطورة جديدة بالمتحف المصري الكبير

في لحظة امتزجت فيها رهبة التاريخ بعظمة الحاضر، استقر القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون في مكانه الجديد داخل المتحف المصري الكبير، ليبدأ فصلًا جديدًا من رحلته الخالدة التي استمرت أكثر من ثلاثة آلاف عام.

فمع فجر اليوم الإثنين، تمت عملية نقل القناع ومجموعة مقتنيات الملك الشاب وسط إجراءات أمنية دقيقة، وبحضور قيادات وزارة السياحة والآثار، في خطوة وُصفت بأنها “النقلة الأهم في تاريخ المتحف”.
القناع الذهبي، الذي أبهر العالم منذ اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922 على يد هوارد كارتر، غادر قاعات المتحف المصري بالتحرير بعد أن ظل فيها رمزًا للحضارة المصرية على مدار عقود. وقد لحقت به اليوم آخر مقتنياته الملكية من التابوت وتمثال الكا، بعد أن أُغلق جناحه بالمتحف القديم إيذانًا ببدء عصر جديد من العرض المتحفي.


وسيكون القناع الذهبي محور العرض في المتحف المصري الكبير، الذي سيُفتتح رسميًا في الأول من نوفمبر المقبل، حيث تُعرض مقتنيات الملك كاملة لأول مرة داخل قاعتين على مساحة 7500 متر مربع، صُممتا لتعكس أجواء مقبرة وادي الملوك وتفاصيل حياة الفرعون الذي أصبح أيقونة خالدة في ذاكرة التاريخ الإنساني.
كبير الآثاريين يكشف للوفد أهمية قناع توت عنخ آمون
وفي تصريح خاص لبوابة الوفد الإلكترونية، قال الدكتور مجدي شاكر، كبير الآثاريين السابق بوزارة الآثار، إن القناع الذهبي يُعد “أعظم عمل فني وصلنا من الحضارة المصرية”، موضحًا أنه يجسّد مفهوم الخلود في عقيدة المصري القديم، حيث كانت ملامح الوجه تنبض بالسكينة والسمو، وكأنها تتحدى الزمن.

وأضاف شاكر: "هذا القناع لم يكن زينة للملك فقط، بل كان رمزًا لحياته الأبدية في العالم الآخر، وصُنع من الذهب لأنه المعدن الذي لا يصدأ ولا يفنى، تمامًا كما آمن المصري القديم بأن الروح لا تموت”.

اليوم، ومع وصول القناع إلى المتحف المصري الكبير، يعود توت عنخ آمون إلى عرشه الأبدي، ليطل بوجهه الذهبي من جديد على العالم، شاهداً على عظمة الفن المصري القديم، ومعلنًا أن الحضارة التي أبهرت الإنسانية لا تزال قادرة على أن تضيء طريق المستقبل.