رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

فى الصميم

اعتقدت إثيوبيا، وهى تبنى سدّها المنيع وتمارس سياساتها الأحادية فى مراحل الملء، أنها قادرة على الإضرار بمصر والسودان بمنع المياه أو التحكم فى جريانها. لكن من سنَّ سنّة الماء وأجرى النهر الخالد من منابعه إلى مصبّه فى البحر المتوسط، لم يترك لبشر أو مخلوق على وجه الأرض سلطة فى منحه أو منعه.
فبينما تغطرس رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، متوهّمًا أنه يستطيع تعطيل جريان النيل، كانت حكمة الله تعمل فى الخفاء. فإذا بالأمطار تتدفق والفيضانات تتعاظم على نحو لم تشهده المنطقة منذ سنوات. وهذا العام، لم تجد إثيوبيا بُدًّا من فتح بوابات السد لتصريف المياه رغماً عنها، بعدما عجزت عن حجزها أو التحكم فيها.
لقد تجلت قدرة الله فى أن الماء الذى جعله سببًا للحياة لا يمكن لبشر أن يوقفه أو يتحكم فيه. فحينما حاولت إثيوبيا حجب النيل عن مصر والسودان، جاء الفيضان كرسالة سماوية بأن الأنهار لا تخضع لغرور الحكام ولا لمشروعات القوة الزائفة.
غير أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فى الطبيعة، بل فى العناد الإثيوبى والحقد السياسى الذى دمّر السودان الشقيق، نتيجة الإصرار على الملء الأحادى وعدم احترام الاتفاقيات الدولية والقوانين التى تنظّم الأنهار العابرة للحدود.
اليوم، ومع فيضان المياه مجددًا، ينبغى أن تتحول الأزمة إلى فرصة للتخطيط العلمى الرشيد. علينا أن نستغل كل قطرة مياه تصل إلينا فى الزراعة والإنتاج والتنمية. وهذا يتطلب خطة وطنية متكاملة تعتمد على التنبؤ بكميات الأمطار والفيضانات، وتوظيفها لصالح الأمن الغذائى والمائى المصرى.
ولا يجوز أن نبرر تقليص زراعة القمح بحجّة وجود صادرات أخرى بالدولار، بل يجب أن نوسّع رقعة زراعته، خصوصًا فى المناطق الواعدة مثل محافظة الوادى الجديد، حتى نؤمّن غذاءنا ونحافظ على استقلال قرارنا، وفى الوقت ذاته نزرع الخضر والفواكه والزراعات المُعدة للتصدير فى مناطق الدلتا الجديدة، والمنيا وغيرها.
لقد فاضت المياه… وفاض معها الدرس الإلهى بأن فيضان الخير لا يُوقَف إذا أراده الله، وأن كل محاولة لقطع رزق الشعوب تصطدم بقدرة الخالق وعدله. فالماء يظل رمزًا للحياة، وعدالة السماء تظل فوق كل إرادة بشرية.
[email protected]