مايكروسوفت تكشف عن MAI-Image-1.. أول نموذج ذكاء اصطناعي داخلي لتوليد الصور

تواصل شركة مايكروسوفت المضي بخطى متسارعة نحو الاستقلال في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، في خطوة جديدة تشير إلى تقليص اعتمادها التدريجي على شريكتها الاستراتيجية OpenAI. فقد أعلنت الشركة رسميًا عن إطلاق نموذجها الجديد MAI-Image-1، وهو أول نموذج ذكاء اصطناعي من تطويرها الداخلي بالكامل لتوليد الصور عالية الدقة.
وبحسب ما ورد في تدوينة رسمية عبر مدونة مايكروسوفت، فإن MAI-Image-1 صُمم ليكون أكثر كفاءة في إنتاج صور واقعية تحاكي الطبيعة البشرية والإضاءة الطبيعية والمناظر البيئية بدقة متناهية.
وأوضحت الشركة أن النموذج لا يقتصر على إنشاء الصور الثابتة فحسب، بل يتمتع بقدرة على محاكاة تفاصيل الضوء والظلال والانعكاسات بشكل يجعل نتائجه أقرب إلى الأعمال الفنية الملتقطة بعدسة كاميرا احترافية.
ويخضع النموذج حاليًا لاختبارات مكثفة على منصة LMArena، وهي بيئة تجريبية داخلية مخصصة لاختبار قدرات النماذج الذكية التي تطورها مايكروسوفت. ووفقًا للشركة، من المقرر طرح MAI-Image-1 قريبًا جدًا على خدماتها الاستهلاكية مثل Copilot وBing Image Creator، ما يعني أنه سيصبح في متناول المستخدمين في المستقبل القريب لإنتاج صور مخصصة بناءً على الأوامر النصية.
ويُعد هذا الإعلان تتويجًا لجهود استمرت على مدار العام، حيث تعمل مايكروسوفت على بناء منظومة ذكاء اصطناعي خاصة بها تقلل من اعتمادها على تقنيات OpenAI، التي تعتمد عليها حاليًا في تشغيل بعض أدواتها مثل Copilot وBing Chat.
وخلال فصل الصيف الماضي، كشفت الشركة عن أولى ثمار هذه الاستراتيجية بإطلاق نموذجين تجريبيين مطورين داخليًا، هما MAI-Voice-1 المخصص لتحسين تفاعل الصوت الطبيعي بين الإنسان والآلة، وMAI-1-preview الذي يُعد نموذجًا لغويًا تجريبيًا يمثل بداية توجه مايكروسوفت نحو تطوير بدائل منافسة لنماذج GPT من OpenAI.
وفي ذلك الوقت، أوضح مصطفى سليمان، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، خلال مقابلة صحفية أن الشركة تمتلك "خارطة طريق شاملة تمتد لخمس سنوات"، مشيرًا إلى أن مايكروسوفت تستثمر في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل منهجي ومنظم "ربعًا تلو الآخر".
ويبدو أن هذه التصريحات بدأت تترجم الآن إلى واقع ملموس، مع تسارع وتيرة الإعلانات عن نماذج جديدة تصدر بوتيرة شبه ربع سنوية، ما يعكس التزام الشركة بخطتها بعيدة المدى لتأسيس منظومة ذكاء اصطناعي مستقلة ومتكاملة.
ويرى محللون أن إطلاق MAI-Image-1 يشكل خطوة استراتيجية مهمة لمايكروسوفت، خاصة في ظل تصاعد المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا مثل جوجل وميتا في مجال نماذج توليد الصور. فبينما تمتلك جوجل نموذج Imagen وميتا نموذج Emu، تسعى مايكروسوفت الآن لتأمين موقعها ضمن هذا السباق من خلال نموذجها الخاص الذي يمكن دمجه بعمق داخل منتجاتها المختلفة مثل Office وEdge وCopilot.
ويُتوقع أن يتيح MAI-Image-1 للمستخدمين إنشاء صور مخصصة بسرعة كبيرة مع تحكم أكبر في التفاصيل الدقيقة، مثل الإضاءة والأنماط الجمالية والخلفيات، وهو ما قد يفتح الباب أمام استخدامات واسعة في مجالات التسويق الرقمي، وتصميم المحتوى، والتعليم، والإنتاج الإبداعي.
كما يعكس النموذج الجديد تحولًا استراتيجيًا لدى مايكروسوفت، إذ تحاول الشركة تحقيق التوازن بين شراكتها القوية مع OpenAI وبين رغبتها في امتلاك تقنياتها الخاصة. ويشير بعض الخبراء إلى أن هذا التوجه قد يمنح الشركة مرونة أكبر في تطوير منتجاتها دون التقيد بسياسات أو جداول تطوير OpenAI، التي تركز بدورها على نماذج لغوية عامة مثل GPT-5.
ومع تزايد استثمارات مايكروسوفت في مجال الذكاء الاصطناعي، يُتوقع أن نشهد خلال العام المقبل المزيد من النماذج الداخلية المتخصصة في مجالات الصوت والرؤية والفيديو. فالشركة تبدو مصممة على بناء منظومة متكاملة تدمج الذكاء الاصطناعي في جميع منتجاتها، من ويندوز إلى أوفيس وحتى خدمات Azure السحابية.
بهذا الإطلاق، تضع مايكروسوفت حجر أساس جديد في رحلتها للتحول من مجرد شريك تقني إلى مطور رئيسي في عالم الذكاء الاصطناعي، ما يمهد الطريق لمرحلة جديدة من المنافسة في سوق النماذج التوليدية، ويعزز مكانتها كشركة تقود مستقبل التكنولوجيا بدلاً من أن تعتمد عليه.