يشير مصطلح جيل زد (Generation Z) إلى الأفراد المولودين تقريباً بين عامي 1997 و 2012. فهم أول جيل يُصنف على أنه "جيل رقمي" خالص. وقد أكسبتهم هذه النشأة مهارات تقنية عالية ووعياً عالمياً. ومع ذلك، فهم معرضون لمخاطر غير مسبوقة، تجسدت علاماتها في أحداث المغرب الأخيرة، حيث برز هذا الجيل كقوة للتعبئة والتأثر عبر الفضاء الرقمي، ما يثير تساؤلات حول استغلال طاقاتهم في سياق مخططات دولية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وتقسيم دوله إلى دويلات تخضع لنفوذ الكيان الصهيوني وحلفاءه.
يتميز جيل "Z" العربي بأنه نشأ في بيئة تكنولوجية متقدمة، ويختلف سلوكيا وأخلاقيا وثقافيا عن الأجيال السابقة، لكن هذه السمات تترافق مع تحديات داخلية جعلتهم مطمعا للإستخدام من جانب أطراف لا تريد خيرا بنا، وأهمها السمات الٱتية:
بيئة أسرية مضطربة حيث نشأ هذا الجيل في ظل ارتفاع ملحوظ في معدلات الطلاق والتفكك الأسري، مما أضعف دور الأسرة كحاضنة أولى لهذا الجيل.
أزمة الثقة حيث يميل هذا الجيل وسابقوه إلى الشك الكبير في الروايات الرسمية الصادرة من المؤسسات التقليدية (المسئولة عن جزء من هذه الظاهرة) معتمداً على مصادر المعلومات المفتوحة وغير الرسمية.
الفساد والتفاوت الكبير حيث يتفاقم شعور الإحباط لدى هذا الجيل وسابقيه بسبب ما يراه من فساد واسع وتفاوتات طبقية هائلة، حيث تلتهم قلة عوائد التنمية وتتراكم بعض الثروات بشكل غير عادل وغير شفاف.
الظلم: حيث يستشعر هذا الجيل الإحباط من شيوع المظالم في مناحي اليومية التي تنشأ بسبب استبداد فئات أو أفراد تستغل المناخ العام في ممارسة القهر والتسلط والظلم واستغلال النفوذ.
وقد تجلت كل هذه السمات في الرغبة الجامحة في التدمير في أحداث المغرب بدلا من التعبير السلمي عن الاحتجاج على مظاهر الخلل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
وقد ساهمت هذه الإحباطات في الحالة المغربية وغيرها في خلق بيئة خصبة للاستغلال الخارجي لغضب جيل زد Z في إطار ما يُعرف بحروب الجيل الرابع (4GW) والجيل الخامس (5GW) والتي تستهدف تدمير الدولة والمجتمع من الداخل عبر توظيف الشباب بشكل سلبي في تدمير مؤسسات الدولة والمجتمع وضرب الاستقرار للضغط على الحالة الوطنية وخلق سيولة تسهم في إعادة تشكيل المشهد في المنطقة وتقسيم المقسم وصولا إلى كيانات صغيرة متناحرة تحت الهيمنة الدولية والصهيونية. ويتم ذلك من خلال أنشطة مخابراتية من بينها:
التلاعب المعلوماتي الخوارزمي لتضخيم السلبيات وافتعال مشكلات إضافية غير حقيقية.
كما تتم محاولة استغلال قدرات هذا الجيل في التعبئة السريعة كما حدث في أحداث المغرب لتنفيذ حركات احتجاجية عشوائية وفوضوية تخريبية بدلا من التعبير المنضبط كما حدث في ثورة المغرب ٢٠١١ التي كانت الأفضل على الإطلاق بين كل ثورات الربيع العربي ٢٠١١.
إن النقد لجيل "Z" ينصب على أسلوب التعبير ولا ينسحب على حقه في الاحتجاج السلمي على أوجه الظلم والفساد وضعف مؤشرات العدالة الاجتماعية وغيرها من مظاهر الخلل في المجتمعات العربية، وهو ما يستدعي إدخال إصلاحات هيكلية جذرية تنزع دوافع السخط والغضب والتمرد التخريبي حتى لا يستغله اللئام لتدمير مستقبل شعوب المنطقة بأياديها، وعليه فإن الركائز الأساسية لروشتة الإصلاح تتمثل في الٱتي:
مواجهة الفساد والجريمة المنظمة التي تشوه مسارات التنمية والقضاء عليها قدر الإمكان.
توفير الخدمات الأساسية لكافة الفئات ... على أن تكون مجانا في بعض القطاعات مثل التعليم والرعاية الصحية والسكن وخدمات النقل الجماعي وبجودة لائقة ... وعلى أن تكون بتعريفة ميسرة في خدمات أخرى مثل الكهرباء والمياه لتحفيز المواطنين علي ترشيد استهلاكاتها.
تحسين معدلات الأجور بما يتناسب مع التضخم، خفض هوامش الربح "الإجرامي" في السلع، والخدمات من خلال وضع حدود بهامش الربح تكون استرشادية في البداية ثم إلزامية لاحقا متى توافرت القدرة على تطبيق ذلك، حيث إن هوامش الربح المبالغ فيها تلتهم عائدات التنمية لصالح قلة يغلب عليها الاحتكار والفساد والجشع في كافة مجالات السلع والخدمات والقطاع العقاري وغيرها.
توحيد نظم الأجور على المستوى القومي في كافة القطاعات الحكومية تحقيقا للعدالة، محاربة المظالم في المجتمع من خلال كبح جماح الفئات والأفراد الذين يمارسون التسلط واستغلال النفوذ والظلم والقهر بكافة صوره وفي كافة القطاعات والمجالات، توحيد كافة النظم التكافلية وفي مقدمتها نظم التأمين الصحي والمعاشات ومكافٱت نهاية الخدمة للعاملين في الدولة والقطاع الخاص من خلال توحيد ودمج الصناديق الخاصة بذلك بدلا من تعدد النظم بشكل غير عادل حاليا، إصلاحات اقتصادية داعمة للأسرة تستهدف الارتقاء بموازنة الأسرة المصرية (كما أشرت لذلك في مقالات سابقة)، تعزيز الدعم العيني للفئات الفقيرة ومعدومة الدخل، الدعوة إلى مناقشة هذه القضايا من خلال مسارات الحوار الوطني الذي توقف الحديث عنه مؤخرا للانشغال بقضايا خارجية.
ويمكن الخلاص من هذه المخاطر في تحويل جيل "Z" من هدف وأداة لأعدائنا في الحروب الحديثة على وعي وإرادة الشعوب ... إلى قوة تغيير إيجابية تبني وطناً يسود فيه العدل والإنصاف.