عودة فيسبوك إلى الشاشة الكبيرة.. فيلم "الحساب الاجتماعي" يكشف الجانب المظلم من المنصة

بعد مرور أكثر من 15 عامًا على فيلم "الشبكة الاجتماعية" الذي روى قصة تأسيس فيسبوك وصعود مارك زوكربيرج إلى القمة، يعود المخرج والكاتب الحائز على الأوسكار آرون سوركين بنسخة جديدة من العمل تحت عنوان "الحساب الاجتماعي"، والمقرر طرحه في دور العرض السينمائي يوم 9 أكتوبر 2026، ليكشف عن فصول جديدة من القصة، هذه المرة حول الجانب المظلم للشبكة العملاقة وتأثيرها على المجتمع والسياسة.
يأتي الإعلان عن الفيلم الجديد عبر تقرير لموقع "Deadline"، الذي أكد أن الجزء الثاني سيغوص في عمق القضايا التي هزّت سمعة فيسبوك خلال السنوات الأخيرة، وعلى رأسها التسريبات التي قدمتها المُبلّغة الشهيرة فرانسيس هاوجن، والتي كشفت أن الشركة كانت على علم بتأثير منصتها السلبي على الصحة النفسية للمستخدمين وعلى استقرار المجتمعات، لكنها اختارت الصمت حفاظًا على الأرباح.
ويحمل الفيلم عنوانًا لافتًا هو "الحساب الاجتماعي"، وهو اختيار ذكي يُجسّد تحول القصة من رحلة بناء شركة ناشئة إلى مواجهة أخلاقية كبرى تدور حول المسؤولية المجتمعية والتداعيات السياسية لتكنولوجيا التواصل الاجتماعي.
في هذا الجزء، يتولى الممثل جيريمي سترونج، نجم مسلسل "الخلافة" (Succession)، تجسيد شخصية مارك زوكربيرج، خلفًا للممثل جيسي أيزنبرج الذي لعب الدور في النسخة الأصلية عام 2010. ويُشارك في البطولة أيضًا مايكي ماديسون في دور المُبلّغة فرانسيس هاوجن، التي أصبحت رمزًا عالميًا للشجاعة في مواجهة عمالقة التكنولوجيا. كما ينضم الممثل جيريمي ألين وايت، المعروف بدوره في مسلسل "الدب" (The Bear)، لتجسيد شخصية الصحفي جيف هورويتز من صحيفة "وول ستريت جورنال"، الذي كشف سلسلة من التقارير الاستقصائية حول ممارسات فيسبوك الداخلية.
ويشارك الممثل الكوميدي الأمريكي بيل بور في الفيلم بدور غامض لم يُكشف عنه بعد، إلا أن مجلة "هوليوود ريبورتر" أشارت إلى أنه قد يُجسّد شخصية خيالية تجمع بين عدد من المسؤولين التنفيذيين السابقين في الشركة، في معالجة درامية ترمز إلى صراع القيم داخل مؤسسات التكنولوجيا الكبرى.
يُعيد آرون سوركين بهذه الخطوة إحياء التعاون الذي بدأ مع فيلم "الشبكة الاجتماعية"، الذي حصد ثلاث جوائز أوسكار من أصل ثماني ترشيحات، وكان من إخراج ديفيد فينشر. لكن في الجزء الجديد، يتولى سوركين مهام الكتابة والإخراج معًا، في محاولة لتقديم رؤية أكثر حدة وواقعية لما آل إليه عالم التواصل الرقمي بعد مرور عقد ونصف من الانفتاح والاضطراب.
ويُتوقع أن يسلط الفيلم الضوء على قضايا رئيسية مثل استغلال البيانات الشخصية، ونشر المعلومات المضللة، وتأثير الخوارزميات على الاستقطاب الاجتماعي والسياسي، إلى جانب الصراعات الداخلية التي تعيشها شركات التكنولوجيا العملاقة في ظل تزايد الضغوط الحكومية والدعوات إلى تنظيم أقوى للمحتوى الرقمي.
من المتوقع أن يُثير "الحساب الاجتماعي" موجة من الجدل فور صدوره، خاصة أنه يتناول شخصيات لا تزال فاعلة على الساحة التقنية والسياسية حتى اليوم. كما يُرجّح أن يُعيد إشعال النقاش حول دور فيسبوك في تشكيل الرأي العام والتأثير في الديمقراطية حول العالم.
يأتي هذا العمل في وقت يتزايد فيه الاهتمام العالمي بمساءلة شركات التكنولوجيا الكبرى، بعد سلسلة من التسريبات والفضائح التي وضعت "ميتا" تحت مجهر النقد العام. ومع هذا الفيلم، يبدو أن سوركين يستعد لتقديم رؤية فنية حادة تمزج بين الدراما والتحقيق الصحفي، في عمل قد يكون بمثابة "محاكمة سينمائية" لعصر وسائل التواصل الاجتماعي.
بهذا الجزء الجديد، يُعيد "الحساب الاجتماعي" الجمهور إلى داخل كواليس السلطة الرقمية، حيث يتحول الابتكار إلى معركة على الحقيقة، والنجاح إلى عبء أخلاقي ثقيل. وربما يكون السؤال الأبرز الذي سيتركه الفيلم في أذهان المشاهدين هو: من يدفع الثمن الحقيقي لتواصلنا الدائم في هذا العالم الافتراضي؟