رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

رؤية

تحل ذكرى نصر أكتوبر هذا العام فى سياق يختلف كثيرًا عن الأعوام السابقة، حيث تأتى وسط واقع إقليمى مضطرب وتوترات غير مسبوقة، على رأسها السياسات الإسرائيلية العدوانية وما تثيره من تحديات مستمرة. تتوالى السنوات، وتظل ذكرى النصر علامة مضيئة فى تاريخ الأمة العربية كلها، وتذكر المصريين بما يمكن أن تصنعه الإرادة الوطنية حين تتجسد فى عمل منظم وعزيمة لا تلين.

لقد سجل الجيش المصرى فى ٦ أكتوبر ١٩٧٣ واحدة من أعظم معارك العصر الحديث، حين عبر جنوده قناة السويس واقتحموا خط بارليف الذى اعتبرته إسرائيل حصنًا لا يُخترق. حطم المصريون هذه الأسطورة فى ساعات قليلة، وأثبتوا للعالم أن الشعوب التى تؤمن بحقها ولا تفرط فيه تستطيع قلب موازين القوى. إن ملحمة العبور لم تكن مجرد عملية عسكرية، بل كانت إعلانًا صريحًا بأن الهزيمة ليست قدرًا، وأن الإرادة إذا امتلكت التنظيم والإعداد تُحوِّل المستحيل إلى واقع ملموس.

أكثر من خمسة عقود مرت على هذا اليوم المجيد، ومع مرور الزمن يزداد حضوره قوة فى الذاكرة المصرية والعربية. فقد أعاد النصر لمصر ثقتها بنفسها، ورفع مكانتها السياسية والإقليمية، وأكد أن القيادة الواعية قادرة على تحويل الانكسار إلى عزة، واليأس إلى أمل. وما زالت الشعوب العربية ترى فى أكتوبر شاهدًا حيًا على أن الوحدة والصلابة تصنعان المعجزات.

اليوم، ومع تصاعد العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى كله وإصراره على مواصلة التجويع والتهجير لسكان قطاع غزة، يجد المصريون فى ذكرى أكتوبر دلالات جديدة. إن الانتصار الذى تحقق عام ١٩٧٣ يظل درسًا بليغًا يذكِّر الجميع بأن الشعوب تستطيع مواجهة العدوان مهما اشتدت الضغوط ومهما بالغ فى وحشيته وإجرامه. كما يرسخ هذا الانتصار إيمان الجميع بأن مصر قادرة على الصمود وحماية استقرارها الإقليمى، مستندة إلى قوتها التاريخية وموقعها الاستراتيجى.

لم يأتِ نصر أكتوبر من فراغ، بل جاء نتيجة إعداد دقيق وتخطيط طويل، وتضحيات جسيمة قدمها أبناء مصر. إنه درس للأجيال الجديدة يثبت أن حماية الأوطان تحتاج إلى وعى ووحدة وثقة فى المستقبل، ويذكِّر المصريين بأنهم قادرون على عبور الأزمات مهما بلغت حدتها.

أثبت ٦ أكتوبر أن قوة الإرادة تتفوق على قوة السلاح، وأن الشعوب حين تؤمن بقضيتها تستطيع أن تنتصر مهما بلغت التحديات. وبينما نتذكر بطولة الجنود الذين كتبوا بدمائهم صفحة العزة فى ذلك اليوم، يجب علينا أن تستدعى هذه الذكرى ضرورة مواجهة المخاطر، وتماسك الجبهة الداخلية، وبناء مستقبل يليق بالأمة المصرية.

إن ذكرى أكتوبر تجسد فى وقت واحد عبق التاريخ ونبض الحاضر، فهى لا تنتمى إلى الماضى وحده، بل تمتد بدروسها إلى المستقبل. إنها تذكِّر المصريين بأن النصر لا يُقاس فقط بعبور قناة أو هزيمة جيش، بل بقدرتهم المستمرة على حماية سيادتهم واستقلالهم وصياغة غدٍ أفضل لأبنائهم. لذلك تبقى روح أكتوبر أمانة فى أعناق الأجيال، ورسالة متجددة بأن من صنعوا المعجزة بالأمس قادرون على مواجهة تحديات اليوم وبناء انتصارات الغد.