رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

استثمارات صينية بمليارات الدولارات تعزز التحول الرقمي

وزﻳﺮ اﻻﺗﺼﺎﻻت: »ﺗﻴﺪا« نموذج ﻟﻠﺘﻜﺎﻣﻞ اﻟﺼﻨﺎﻋﻰ ورﺑﻂ ﻣﺼﺮ ﺑﺎﻷﺳﻮاق العالمية

بوابة الوفد الإلكترونية

السفير الصينى: العلاقات مع القاهرة فى أفضل مراحلها عبر التاريخ

 

فى أجواء احتفالية جمعت الدبلوماسية بالثقافة والتكنولوجيا، حمل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت رسالة تهنئة من الحكومة المصرية إلى الصين بمناسبة عيدها الوطنى الـ76، لكن ما بدا فى ظاهره مشاركة بروتوكولية، تحول إلى فرصة لإبراز عمق الشراكة الاستراتيجية التى تجمع القاهرة وبكين، شراكة تمتد من جذور حضارتين عريقتين، وصولاً إلى مشروعات استثمارية عملاقة تقود مسيرة التحول الرقمى والصناعى فى مصر، وبين كلمات الوزير وابتسامات الحاضرين، بدت معالم مستقبل أكثر قوة بين البلدين، يرسخ مكانة مصر كبوابة إقليمية للتكنولوجيا، ويعزز حضور الصين كقوة اقتصادية عالمية تمد جسور تعاونها عبر الشرق الأوسط وأفريقيا.

أكد الدكتور عمرو طلعت، خلال كلمته فى الاحتفال الذى أقامته السفارة الصينية بالقاهرة، أن مصر والصين لا تربطهما فقط علاقات سياسية حديثة، بل يمتد التواصل بين الشعبين إلى آلاف السنين، فكلتا الدولتين صاحبتا حضارة عريقة أسهمت فى تشكيل وعى الإنسانية ونهضتها العلمية والفنية والأدبية، موضحاً أن من أعظم القيم المشتركة بين الحضارتين هو الإيمان الراسخ بقيمة العمل، وهى القيمة التى لا تزال تحكم وتوجه الشراكة الاستراتيجية الحالية بين البلدين.

وأشار طلعت إلى أن مصر كانت أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية قبل سبعة عقود، وأن هذه الروابط تطورت لتصبح اليوم شراكة استراتيجية شاملة تحتفل هذا العام بمرور 11 عاماً على تدشينها.

أوضح الوزير أن العقد الماضى شهد تعميقاً غير مسبوق للشراكة المصرية الصينية، انعكس فى توافق الرؤى بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الصينى شى جين بينج، وقد تجلى ذلك فى عشرة لقاءات قمة خلال السنوات الأخيرة، ومشاركات بارزة لمصر فى فعاليات دولية كبرى، من بينها دعوة القاهرة كضيف شرف فى احتفالات الصين بعيد النصر عام 2015، ومشاركة قواتها المسلحة فى العروض العسكرية ببكين.

كما لفت طلعت إلى الزيارة التاريخية للرئيس الصينى إلى القاهرة عام 2016، حيث أعلنت مصر دعمها الكامل لمبادرة الحزام والطريق، التى شكلت أساساً لتعاون موسع فى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتنمية البشرية والذكاء الاصطناعى، إحياءً لطريق الحرير التاريخى بروح عصرية.

قطاع الاتصالات فى قلب الشراكة

من أبرز ملامح التعاون المصرى الصينى، الزخم المستمر فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فقد أسفر التعاون عن إنشاء مصانع لكابلات الألياف الضوئية والهواتف المحمولة، وإطلاق مراكز بيانات وسحب حوسبية، وتطوير حلول للذكاء الاصطناعى للتعرف على اللغات، إلى جانب مشروعات لبناء البنية التحتية الرقمية وتدريب الكوادر الشابة.

وأوضح طلعت أن زيارته الأخيرة إلى بكين فى سبتمبر 2024، ضمن فعاليات منتدى التعاون الصينى الأفريقى، شهدت توقيع 5 مذكرات تفاهم لإنشاء 3 مصانع لإنتاج 4 ملايين كيلومتر من كابلات الألياف الضوئية ومعدات الاتصال، كما شملت الاتفاقيات إنشاء صندوق استثمارى تكنولوجى بحجم 300 مليون دولار، إلى جانب خطط لإقامة ثلاثة مراكز لتصدير خدمات التعهيد توفر 800 فرصة عمل، وأربع معامل لتدريب أكثر من 3000 متخصص مصرى فى مجالات الذكاء الاصطناعى والشبكات.

امتد التعاون بين البلدين إلى مشروعات اقتصادية كبرى، أبرزها المنطقة الاقتصادية الصينية المصرية «تيدا» فى منطقة قناة السويس، التى تحولت إلى منصة صناعية عالمية تضم أكثر من 185 شركة باستثمارات صينية تتجاوز 3 مليارات دولار، وتوفر نحو 10 آلاف فرصة عمل مباشرة.

وكشف طلعت عن اتفاق جديد لتوسعة المنطقة بإضافة ثلاثة كيلومترات مربعة باستثمارات تصل إلى 100 مليون دولار، بما يسمح باستقبال صناعات متقدمة فى مجالات الطاقة الجديدة والمواد المتطورة، وتضم المنطقة بالفعل مصانع لإنتاج الكابلات والمواسير العملاقة والأجهزة المنزلية بنسبة مكون محلى تجاوزت 70% فى بعض المنتجات، ما جعلها نموذجاً للتكامل الصناعى الحقيقى وربط الإنتاج المصرى بالأسواق الإقليمية والدولية.

إلى جانب المنطقة الاقتصادية، شاركت الشركات الصينية فى تنفيذ العديد من المشروعات القومية العملاقة فى مصر، مثل بناء حى المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، وتشييد أبراج العلمين، وإنشاء القطار الكهربائى السريع، وأكد الوزير أن هذه المشروعات لم تقتصر على توفير التمويل أو التكنولوجيا، بل تضمنت نقل الخبرات التشغيلية وتعزيز الاستدامة، بما يدعم رؤية مصر للتحول إلى مركز صناعى ولوجيستى إقليمى.

فى ختام كلمته، شدد الدكتور عمرو طلعت على أن القيمة المضافة للإبداع البشرى فى مجالات الاتصالات والتكنولوجيا تمثل ركيزة أساسية للتنمية الحديثة، مؤكداً أن الشراكة المصرية الصينية أصبحت رصينة البنيان، رحبة الآفاق، وعميقة الأثر، وأضاف أن هناك إرادة مشتركة من الشعبين لتعميق هذه العلاقة، استعداداً للاحتفال بسبعين عاماً من التعاون الدبلوماسى العام المقبل.

قال السفير الصينى بالقاهرة لياو ليتشيانج أن العلاقات بين البلدين تمر حالياً بأفضل مراحلها فى التاريخ، وأصبحت نموذجاً للتضامن والمنفعة المتبادلة بين الصين والدول العربية والإفريقية، وأشار إلى أن لقاءات القمة المتكررة بين الرئيسين خلال العام الماضى رسمت خطوطاً واضحة لتعزيز التعاون فى كافة المجالات، ما يفتح آفاقاً أوسع لمستقبل مشترك أكثر إشراقاً.

يحمل التعاون المصرى الصينى خصوصية تتجاوز الاقتصاد والسياسة، فهو تعاون يجمع بين حضارتين قديمتين كان لهما دور أساسى فى تشكيل وعى البشرية، واليوم، تتجدد هذه الروابط عبر مشروعات الذكاء الاصطناعى والاتصالات والطاقة المتجددة، لتؤكد أن الشراكة بين القاهرة وبكين لا تعرف حدوداً، وأنها تمتد من جذور التاريخ لتصنع مستقبلاً مشتركاً للأجيال القادمة.