رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

بالتزامن مع انعقاد أعمال الدورة رقم 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومع نهاية سبتمبر 2025، تصبح فلسطين دولة معترفاً بها من قبل 157 دولة من أصل 193 دولة عضواً فى الأمم المتحدة، وهو ما يزيد قليلاً على 81٪ من جميع أعضاء الأمم المتحدة. ليثور الجدل حول جدوى هذا الاعتراف وأهميته، ما بين الرمزية السياسية ومتطلبات التمكين الفعلى لتصبح الدولة الفلسطينية واقعاً فعلياً بما يعنى واقعاً سياسياً واجتماعياً قائماً يرتبط بعناصر عملية (شعب، إقليم، سلطة فاعلة، قدرة على الدخول فى علاقات دولية)، وليس فقط بنصوص القانون، وليس مجرد واقع قانونى وظيفى.
سياسياً ودبلوماسياً، هو اعتراف مهم، يضاعف الضغوط الدبلوماسية على دولة الاحتلال، وبفرض مزيد من العزلة الدولية عليها، والأكثر أهمية هو أنه ينزع الشرعية عن الكثير من الممارسات غير القانونية التى تقوم بها إسرائيل خاصة فيما يتعلق بمحاولات فرض السيادة الإسرائيلية على أراضى الضفة والقدس.
قانونياً، الاعتراف الدولى بفلسطين دولة مستقلة ذات سيادة يمنحها مكسباً قانونياً مهماً، لأنه يفتح الباب أمام فلسطين للانضمام إلى عضوية المعاهدات والمنظمات الدولية الجنائية بشكل رسمى، أو رفع دعاوى أمام محكمة دولية هذا يزيد من ضغط المساءلة على من يرتكبون تهجيراً قسرياً.
إذن الاعتراف الدولى أداة ضرورية ومهمة لأنه يفتح أبواب المساءلة والضغط ويضع قضايا التهجير وممارسات الإبادة فى إطار المساءلة الدولية، لكنه ليس كافياً بمفرده لتحقيق حلم دولة فلسطينية، فالاعتراف وحده دون خطوات عملية لإقراره يظل بلا معنى، لأن العوامل البنيوية التى تعرقل قيام الدولة تظل قائمة. ثم إن أى تغيير حقيقى فى وضع السيادة الفلسطينية يجب أن يأتى من خلال مجلس الأمن وليس الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الجمعية العامة للأمم المتحدة تمنح شرعية سياسية ورمزية واسعة (مثل قرار «دولة مراقب غير عضو» عام 2012)، لكنها لا تملك سلطة ملزمة فيما يخص الاعتراف القانونى بالسيادة الكاملة أو العضوية الكاملة. حيث تنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة فى ميثاق الأمم المتحدة على أن قبول أى دولة عضواً جديداً يتم بقرار من الجمعية العامة بناءً على توصية مسبقة من مجلس الأمن، وهو ما يتطلب موافقة 9 أعضاء على الأقل من أصل 15، مع عدم استخدام أى من الأعضاء الدائمين (P5) حق النقض (الفيتو). وهو ما يعنى عملياً أن الجمعية العامة لا تملك وحدها سلطة منح العضوية الكاملة، بل يتعين أن يسبق تصويتها توصية من مجلس الأمن، حيث يمكن لأى عضو دائم، وفى مقدمتهم الولايات المتحدة فى الحالة الفلسطينية، أن يستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع صدور هذه التوصية. وبذلك، ورغم ما تحققه فلسطين من اعتراف واسع سواء فى الجمعية العامة أو من دول منفردة، فإن المفتاح القانونى للعضوية الكاملة والسيادة المعترف بها أممياً يظل محصوراً فى مجلس الأمن، الذى يبقى العقبة الحاسمة أمام أى تطور جوهرى فى هذا المسار طالما ظل الفيتو الأمريكى قائماً لصالح إسرائيل دائماً وأبداً. 
لذلك، معركة دولة فلسطينية لا يمكن اختزالها فقط فى ركن الاعتراف الدولى، بل تستوجب تحويل الشرعية الرمزية إلى سيادة فعلية تكسر معادلة الفيتو الأمريكى، وتفرض الدولة على الأرض، فإما أن تبقى فلسطين وعداً مؤجلاً، أو أن تصبح حقيقة راسخة فى النظام الدولى.