رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

اتجاه

نقرأ فى مبادرة «الحوكمة العالمية»، التى تحدث بها الرئيس الصينى، شى جين بينج، فى مؤتمر «شنغهاى» للتعاون، أوائل هذا الشهر «سبتمبر»، أن الهدف الأساسى للمبادرة، العمل على نظام عالمى، أكثر عدالة وإنصافاً، والتأكيد على مبدأ المساواة السيادية بين الدول، ومن بين أهداف أخرى، تمكين الدول النامية من المشاركة القرارات الدولية، وبهذه القواعد ودونها من الأهداف، تبقى مبادرة «الحوكمة»، البديل الموضوعى والأخلاقى، لتلك «العولمة» الأمريكية، التى أقل ما توصف بـ«المتوحشة»، طالما أجبرت الدول الفقيرة على استيراد كل شىء، بدلاً من تطوير صناعاتها المحلية، حتى أغرقتها فى الديون، لضمان تبعيتها الاقتصادية.. والسياسية أيضاً.
** وروح العدالة بالمفهوم الإنسانى، فى تلك المبادرة الصينية، أنها تتحدث عن فرص التنمية بالمشاركة والتعاون، وليس على ظرفية الإملاءات، التى تتوغل «العولمة» الأمريكية، فى فرضها على كافة الدول والأنظمة جبراً، على العكس من ما تتيحه «الحوكمة» لنفس الدول والأنظمة- الفقيرة طبعاً- من مساحات أكثر اتساعاً، للاستفادة لشعوبعها واقتصاداتها، وحتى فى استقلال قراراتها، طالما تلتزم بفضيلة «الاحترام»، أساساً فى التعاملات بين الدول، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، ومن ثم تطمئن الأنظمة النامية، لأن تتخلص بالتدريج، من «عولمة» الغرب، عبر تنويع الشركاء، والدعم الذى توفره «الحوكمة» للبنية التحتية، مثلاً، عبر مبادرة «الحزام والطريق».
** قد تكون مبادرة «الحوكمة»، جزءاً من استراتيجية شاملة، لتعزيز وضع الصين ونفوذها الدولى، لكن ليس بالسيطرة على النظام القائم، ولكن بالمشاركة فى هذا النظام، من خلال المبادرات والشعارات، التى تروج لصورتها، باعتبارها شريكاً عادلاً فى النظام الدولى، مثلما مبادرات ورؤى «التنمية العالمية- الأمن العالمى- الحضارات العالمية»، وكلها مبادرات تكشف عن نوايا أخلاقية، فيما تتجه إليه نحو نظام عالمى جديد، أكثر عدالة وإنصاف ومساواة، على غير ما تنطوى عليه «العولمة»، من قواعد وآليات تبتز بها دول العالم الفقير، أخطرها صندوق النقد الدولى، وبالتوازى البنك الدولى، اللذان ينتهيان بإفقار الشعوب، ببرامج الخصخصة ومتطلبات الإصلاح.
** نعرف أنه مع سقوط الاتحاد السوفيتى، أوائل التسعينات، اتجهت الولايات المتحدة الأمريكية، إلى الأسلوب الشيطانى «العولمة»، ليست انفتاحاً اقتصادياً أو تواصلاً ثقافياً، لكنه تأسس لخدمة مصالح شركات الغرب العملاقة، والبنوك عابرة القارات، وفرض نموذجاً اقتصادياً، أساسه الخصخصة وتقليص دور الدول، والعمل لحساب رأس المال والربح، على حساب السيادة الوطنية، وأيضاً العدالة الاجتماعية، وربما فكرة «العولمة» هذه، تكون امتداداً لأفكار الأمريكيين، نحو إخضاع الدول عبر «تخريب» اقتصاداتها، ولنتذكر اتفاقية «بريتون وودز»، عندما ابتزت دول العالم، فى العام 1944ـ قبل نهاية الحرب العالمية، واستولت على احتياطاتها من الذهب، مقابل الدولار الورقى كـ«عملة تقييم»، حتى كانت «صدمة نيكسون»، فى العام 1971، بفك الارتباط مع الذهب، وخسرت الدول أرصدتها.
** أليس من المنصف أن تهتم دول العالم، فى المقدمة منها الدول النامية، بإعادة النظر فى الممارسات الاقتصادية «الظالمة»، التى تمسك عليها الولايات المتحدة، وتتحكم بها فى مصائر الدول والشعوب، والنماذج عديدة، على انهيار اقتصادات وانهيار أنظمة، على مسارات التعامل مع مؤسسات «العولمة»، صندوق النقد الدولى، وإلى جانبه البنك الدولى، ودونهما من مؤسسات، مهمتها «الخفية» تخريب اقتصادات العالم النامى، كما حدث من قبل، مع الأرجنتين والبرازيل والصومال والسودان.. إلخ، لقد حان الوقت، لأن تكون «الحوكمة العالمية»، بمثابة الروح الجماعية، لإصلاح الأضرار الاقتصادية والاجتماعية، التى لاتزال «العولمة» تؤلم بها شعوب الأرض.

[email protected]