رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

لم يعد الجدل حول شخصية دونالد ترامب مقتصرًا على دوائر السياسة الأمريكية وحدها، بل تجاوزها إلى فضاء عالمي مفتوح، يتابع بشغف سلوكيات رئيس يتعمد إثارة العواصف أينما حلّ. 
السؤال الذي يفرض نفسه : 
هل نحن أمام حالة مرضية من الهذيان والنرجسية والفوقية، أم مجرد أسلوب سياسي محسوب يبرع صاحبه في توظيفه لصالحه؟

كثير من علماء النفس والسياسة وصفوا ترامب بالنرجسية المَرَضية، بل وصل بعضهم إلى القول إنه يجسّد صورة “السوليبسيست” الذي يرى العالم كله انعكاسًا لذاته. لكن المسألة أعقد من مجرد توصيف طبّي، فالمؤسسات الطبية في الولايات المتحدة ترفض إصدار تشخيص رسمي لشخصيات عامة دون فحص مباشر، التزامًا بقاعدة “جولدواتر” - هي مبدأ أخلاقي تبنّته الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA) سنة 1973 - والتي تحظر التشخيص عن بُعد. ومع ذلك، يبقى سلوك ترامب ماثلاً أمام الجميع { عناد، مبالغة في تضخيم الذات، وإصرار على تقديم نفسه باعتباره المنقذ الأوحد للأمة} .

في المقابل، لم يتردد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أن يلقّن ترامب درسا ً علنيا ً حين ذكّره بأن جائزة نوبل للسلام لا تُمنح بالكلمات ولا بالتصريحات النارية، بل بوقف الحروب وصناعة السلام؛ كانت رسالة فرنسية موجّهة بقدر ما هي درس قاسٍ جاء هدفها أن زمن المتاجرة بالشعارات على حساب الدماء ليس كافيا ً لإقناع العالم؛ ومع أن مثل هذه المواجهات قد تحرج ترامب سياسياً ، إلا أنها نادرا ً ما تُغيّر في جوهر أسلوبه أو شخصيته.

لكن الأهم من الجدل النفسي والسياسي هو انعكاس تلك السلوكيات على الرأي العام الأمريكي؛؛ فالمؤشرات الأخيرة تكشف عن صورة متراجعة بوضوح في نسبة الموافقة على أداء ترامب لا تتجاوز 38%، بينما يرفضه نحو 60% من الأمريكيين؛ بما أوصل الفارق الصافي بين المؤيدين والمعارضين الي 18 نقطة، وهو مؤشر سلبي !.. يُنذر بمشكلات انتخابية مستقبلية. صحيح أن ترامب ما زال يحافظ على قاعدة جمهورية صلبة، لكنه يفقد تدريجيا ً ثقة المترددين والمستقلين، وهي الكتلة التي تحسم عادة ً نتائج المعارك الكبرى.

الأمريكيون اليوم يعيشون حالة تذمّر متصاعدة نظرا ً للتضخم، وغلاء المعيشة، وضعف الثقة في مؤسسات الدولة، وانقسام داخلي متجذّر. 
في هذا المناخ، لم يعد خطاب ترامب الصاخب وحده كافياً  لإقناع الجمهور؛ حتى أن صورته الشخصية بدأت تهتز وانخفضت نسبة من يعتقدون أنه “يهتم بالناس العاديين” إلى 37% فقط. 
أما القضايا التي يجد فيها بعض التأييد النسبي فهي الأمن والهجرة والجريمة، مما يوضح تحوّل مركز قوته من الاقتصاد إلى ملفات الأمن الداخلي.

إن خطورة المشهد تكمن في أن ترامب يجسّد نموذجا ً لزعيم يتغذى على الانقسام ويصنع حضوره من الاستقطاب، بينما المجتمع الأمريكي نفسه بات في حاجة ماسة إلى خطاب يوحّد لا يفرّق، ويعالج جذور الأزمات بدلا ً من تضخيمها. فإذا استمر ترامب على هذا النهج، قد يحافظ على جمهوره المخلص، لكنه يخسر يوما ً بعد يوم ثقة الأمة الأوسع.

وهكذا، يبقى السؤال مفتوحا ً : هل يستطيع رئيس يتهمه البعض بالهذيان والنرجسية أن يقود أمة تبحث عن أمل واستقرار؟ 
أم أن العالم سيشهد قريبا ً انفجار الفجوة بين “الزعيم النجم” وجمهور لم يعد يرى في صخبه ما يشبه أحلامه؟