»أﻛﺘﻮﺑﺮ« ﻳﺤﺴﻢ أﺣﻼم اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﺮﻳﻜﻰ ﺑﻨﻮﺑﻞ

كشف استطلاع جديد للرأى عن أن غالبية ساحقة من الأمريكيين لا يرون أن الرئيس دونالد ترامب يستحق جائزة نوبل للسلام، فى مؤشر جديد على الفجوة بين صورته الذاتية ومحاولاته المتكررة لنيل الاعتراف الدولى وبين تقييم الرأى العام لسجله السياسي. الاستطلاع الذى أجرته صحيفة واشنطن بوست بالتعاون مع شركة إيبسوس فى الفترة من 11 إلى 15 سبتمبر أظهر أن 76٪ من الأمريكيين يرفضون منحه الجائزة، مقابل 22٪ فقط يرون أنه يستحقها. تأتى هذه النتيجة فى وقت تعكس فيه استطلاعات الرأى الأخرى تراجعاً فى نسب تأييد ترامب بشكل لافت، حيث أظهر أحدث استطلاع أجرته يوجوف/ إيكونوميست أن نسبة تأييده وصلت إلى أدنى مستوى له فى ولايته الثانية، حيث بلغت 39٪ مقابل رفض 57٪، بعد أن كانت 41٪ مقابل 54٪ فى الأسبوع السابق.
وبحسب نيوزويك، فإن نسبة التأييد الصافية لترامب تراجعت إلى سالب عشر نقاط، مع موافقة 44 فى المئة ورفض 54 فى المئة، وهو انخفاض طفيف عن الأسبوعين الماضيين. أما استطلاع بوست-إبسوس فقد أشار إلى أن 43 فى المئة من الأمريكيين يؤيدون أداء ترامب مقابل 56 فى المئة يعارضونه، بينهم 60 فى المئة يقيمون تعامله مع الحرب الروسية الأوكرانية بشكل سلبي، و58 فى المئة يعارضون نهجه فى التعامل مع الصراع الإسرائيلى الفلسطينى فى غزة.
ورغم أن الرئيس الأمريكى يحاول إقناع جمهوره بأنه يستحق مكاناً بين الحائزين على أرفع جائزة دولية للسلام، إلا أن الأرقام تكشف واقعاً مختلفاً، إذ يظل الشارع الأمريكى فى معظمه رافضاً لفكرة تكريم ترامب بجائزة نوبل، ما يجعل طموحاته معلقة بقرار لجنة نوبل التى ستعلن الفائز بجائزة هذا العام فى أكتوبر المقبل، وسط ترقب دولى لمعرفة إن كانت ستكسر التوقعات أو تعيد التأكيد على أن الرجل المثير للجدل سيبقى بعيداً عن منصة التكريم.
المفارقة أن الجدل حول جوائز نوبل لا يقتصر على ترامب وحده، إذ أظهر الاستطلاع نفسه أن 54 فى المئة من الأمريكيين يعتبرون أن الرئيس السابق باراك أوباما لم يكن يستحق الجائزة التى حصل عليها عام 2009، وهو رأى تبنته غالبية مماثلة فى استطلاعات سابقة أجرتها مؤسسات مثل غالوب ويو إس إيه توداي. وكان ترامب نفسه قد سخر مراراً من جائزة نوبل التى منحت لأوباما، ففى تجمع انتخابى عام 2020 قال للحشد متهكماً: «عندما نال أوباما الجائزة لم يتساءل بل قال فقط: ماذا فعلت؟ لم يكن لديه أدنى فكرة عما فعله»، ثم غرّد عام 2013 مطالباً بسحبها، بينما أقر جير لوندستاد المدير السابق لمعهد نوبل النرويجى لاحقاً أن كثيراً من أنصار أوباما اعتبروا الجائزة خطأ.
أما ترامب فقد سعى بشكل علنى للحصول على الجائزة منذ سنوات، غير أن جهوده تكثفت فى الفترة الأخيرة، حيث كرر خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة زعمه الكاذب بأنه «حل سبعة نزاعات» حول العالم، ملمحاً إلى أن نجاحه فى التوسط بملف أوكرانيا قد يكون بوابته للفوز. كما لوّح بعقوبات تجارية قاسية على روسيا إذا رفض الرئيس فلاديمير بوتين التفاوض لإنهاء الحرب. وفى يونيو الماضى عاد ليشكو من تهميشه، قبل أن ينشر على منصة «تروث سوشيال» منشوراً يستشهد فيه باتفاقية السلام التى قال إن إدارته ساعدت على إبرامها بين الكونغو الديمقراطية ورواندا كدليل على أحقيته، ثم ختم بالقول إنه لن يحصل على هذا الشرف مهما حقق من إنجازات. وأوضح ترامب: «لن أحصل على جائزة نوبل للسلام مهما فعلت، بما فى ذلك روسيا وأوكرانيا وإسرائيل وإيران، لكن الناس يعرفون، وهذا كل ما يهم بالنسبة لي»، معدداً مفاوضات أخرى زعم أنه قادها مثل «وقف الحرب بين صربيا وكوسوفو» و«الحفاظ على السلام بين مصر وإثيوبيا».
غير أن الأمر لا يتوقف على رغبة ترامب وحده، فالجائزة يحددها قرار لجنة نوبل النرويجية المؤلفة من خمسة أعضاء، وقد انتقد ثلاثة منهم الرئيس الأمريكى علناً فى السابق، من بينهم رئيس اللجنة يورغن واتنى فريدنس الذى أدان هجماته على وسائل الإعلام خلال حملته عام 2024، وعضو آخر وصفه فى مايو الماضى بأنه «يسير بخطى ثابتة فى تفكيك الديمقراطية الأمريكية»، وفق ما نقلته واشنطن بوست. ورغم ذلك فقد رُشح ترامب للجائزة مرات عدة، إذ تقدمت النائبة الجمهورية كلوديا تينى عام 2023 بترشيحه مشيدة بما وصفته بسياساته «التاريخية» فى الشرق الأوسط، بينما رشحه السياسى النرويجى اليمينى المتطرف كريستيان تيبرينغ-جيدى عام 2020 بسبب جهوده فى المصالحة بين الكوريتين، كما رشحه النائب السويدى ماغنوس جاكوبسون لتوسطه فى اتفاق لتطبيع العلاقات بين صربيا وكوسوفو. وفى العام التالى رشحته النائبة القومية السويدية لورا هوهتاسارى ومجموعة من النواب الأستراليين لدوره فى اتفاقيات أبراهام، لكن الجائزة ذهبت حينها إلى الصحفيين ماريا ريسا من الفلبين وديمترى موراتوف من روسيا لجهودهما فى حماية حرية التعبير. وفى مارس 2025 أعلن النائب الجمهورى داريل عيسى من كاليفورنيا عن أنه ينوى ترشيح ترامب للجائزة.