رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

محكمة جنايات أسيوط تقلب الموازين وتحول إعدام زوجة إلى مؤبد

المتهمة أمل محمد
المتهمة أمل محمد زكي

قررت محكمة جنايات أسيوط في جلستها الأخيرة، وبإجماع هيئة قضاتها، تعديل الحكم الصادر بالإعدام شنقا ضد المعلمة أمل محمد زكي، لتقضي بمعاقبتها بالسجن المؤبد بعد قبول الاستئناف المقدم منها شكلا وموضوعا.

المحكمة برئاسة المستشار هاني محمد عبد الآخر وعضوية المستشارين إبراهيم علام عبد الحليم وشريف محمد بدر الدين، استعرضت كامل أوراق الدعوى قبل النطق بقرارها الذي جاء ليبدل مسار القضية من إعدام إلى مؤبد، في واحدة من أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام بمحافظة أسيوط

سبعة عشر عاما من زواج انتهى بالمأساة

قبل أن تتحول حياتها إلى مأساة، كانت أمل محمد زكي تعيش مع زوجها يسري عبد العال حياة عائلية امتدت لسبعة عشر عاما، أثمرت عن خمسة أبناء من البنين والبنات.

كلاهما كان يعمل مدرسا في مدرسة بقرية مسارة، وحرصا على ادخار رواتبهما وباعت الزوجة مصوغاتها الذهبية لمساعدة زوجها في بناء منزل صغير يجمع شمل الأسرة بعيدا عن ضغوط العائلة، لكن السعادة لم تدم طويلا، إذ تبدلت الأحوال سريعا وتحول الاستقرار إلى مشكلات متفاقمة انتهت بجريمة صادمة هزت الرأي العام.

تفاصيل الجريمة المروعة

الواقعة تعود إلى قرية مساره بمركز ديروط، حيث اتهمت النيابة العامة المتهمة بقتل زوجها يسري عبد العال عمدا مع سبق الإصرار مستخدمة سلاحا أبيض أثناء وجودهما في المنزل، كما نسبت إليها شروعها في قتل طفلها الصغير عمر يسري عبد العال بعد أن سددت له طعنة نافذة في البطن لولا تدخل الأطباء وعلاجه العاجل لكان قد لقي مصيره.

التحقيقات كشفت أن الخلافات الزوجية والاضطرابات النفسية التي ألمت بالمتهمة كانت وراء الحادث، بعد أن لجأت لكتب غامضة أقنعتها إحدى زميلاتها بأنها تحميها من الحسد، الأمر الذي زاد من توتر العلاقة داخل الأسرة

بلاغ الشرطة وكشف الحقيقة

بداية خيوط الكارثة جاءت عندما تلقى مأمور مركز شرطة ديروط بلاغا من أهالي قرية مسارة يفيد بذبح الزوج يسري وطعن نجله الصغير عمر داخل منزل الأسرة.

تحركت قوات الشرطة بسرعة إلى موقع الحادث لتلقي القبض على الزوجة التي لم تنكر ما فعلت، بل اعترفت صراحة أمام رجال المباحث بارتكاب الواقعة.

تقرير الصحة النفسية

ولم تكتف المحكمة بوقائع الحادث وحدها بل أصدرت قرارا بإيداع المتهمة تحت الفحص بمستشفى الصحة النفسية والعقلية لمدة خمسة وأربعين يوما، لجنة ثلاثية من الأطباء النفسيين كلفت ببحث حالتها لتحديد مدى مسئوليتها الجنائية.

التقرير النهائي الصادر عن المجلس الإقليمي للصحة النفسية بوزارة الصحة أثبت أن المتهمة لا تعاني من مرض نفسي أو عقلي يحول دون إدراكها أو وعيها بما ارتكبته، لتبقى مسؤولة عن أفعالها كاملة أمام القانون

مرافعة الدفاع ونبرة الإنسانية

وخلال جلسات المحاكمة، حاول دفاع المتهمة التمسك بخيط أمل، مؤكدا أن ما حدث كان وليد لحظة اضطراب نفسي طارئ أعقب زيارتها لمحافظة المنيا ولقاءها بشخص منحها كتابا غريبا قلب حياتها رأسا على عقب.

ودعا الدفاع المحكمة إلى أن تبعث الأمل في أمل قبل أن يموت الأمل داخلها، مشيرا إلى أنها أم لخمسة أطفال في أمس الحاجة إليها، وأضاف أن مرافعته ليست قانونا فحسب، بل نداء قلب لطبيب هو في الأصل قاض يملك وصفة العلاج التي قد تعيد لملمة ما تبقى من أسرة ممزقة.

أقوالها أمام النيابة العامة

وفي تحقيقات النيابة العامة روت المتهمة تفاصيل مروعة، مؤكدة أن زوجها طلب منها صعود الطابق الثاني لممارسة علاقة غير مشروعة، لكنها بعدما توجهت إلى المطبخ حملت سكينا وأخفتها، ثم أثناء وجودها معه باغتته بطعنة قاتلة تركته غارقا في دمائه.

ولم تكتف بذلك، بل توجهت إلى غرفة ابنها الصغير لتطعنه أثناء نومه محاولة إيهام الشرطة بأن الزوج هو من ارتكب الجريمة ثم انتحر، غير أن شهادة الطفل الناجي كشفت الحقيقة كاملة.

اعترافات مثيرة أمام المحكمة

وأمام هيئة المحكمة وقفت أمل محمد زكي لتسرد تفاصيل لم تفصح عنها من قبل في تحقيقات النيابة أو أقوالها أمام رجال المباحث، تحدثت عن حياتها المستقرة مع زوجها، وعن مشروع بناء منزل للأسرة كان ثمرة سنوات من الادخار.

لكنها أشارت إلى أن حياتها انقلبت رأسا على عقب بعد أن حصلت على كتاب غريب حمل عبارات غير مفهومة، الزوج عندما اكتشف الكتاب اعتبره عملا من أعمال السحر والشعوذة التي ستدمر حياتهم، ومن هنا بدأت الخلافات تتفاقم حتى وصلت إلى ذروتها يوم الواقعة

روت المتهمة أنها في لحظة فقدان إدراك دخلت المطبخ، أمسكت بسكين وأخفتها ثم صعدت إلى زوجها الذي كان ينتظرها، وبعد انتهاء علاقتهما الزوجية باغتته بطعنة قاتلة أودت بحياته.

وعندما شاهدت زوجها مضرجا في دمائه هرعت إلى غرفة ابنها عمر وسددت له طعنة، ثم حملته إلى الشارع محاولة إنقاذه بعد أن أدركت هول ما فعلته، وأكدت أمام القضاة أنها كانت تحب زوجها بشدة ولم تستوعب حتى الآن كيف تحولت حياتها المستقرة إلى مأساة دموية

صدمة الحكم الأول بالإعدام

وبعد أن استعرضت هيئة المحكمة أقوال النيابة العامة والتقرير الطبي النفسي ومرافعة الدفاع، أصدرت الدائرة السادسة بمحكمة جنايات أسيوط قرارها الأول بإجماع الآراء بمعاقبة المتهمة بالإعدام شنقا، بعد استطلاع رأي المفتي، قرار كان بمثابة صدمة لكل من تابع تفاصيل القضية التي جمعت بين حب قديم وأبناء أبرياء ونهاية مأساوية.

خلفيات الحكم الأول

تجدر الإشارة إلى أن الدائرة السادسة بمحكمة جنايات أسيوط كانت قد قضت في مرحلة أولى بإعدام المتهمة شنقا بعد ثبوت التهم الموجهة إليها.

غير أن الاستئناف أعاد النظر في القضية، ليصدر الحكم الأخير بالسجن المؤبد الذي جمع بين العقوبة المشددة وبين مراعاة ملابسات الحادث