جدل حول علاقة الباراسيتامول بالتوحد: بريطانيا ترد على تصريحات ترامب المثيرة للجدل

التوحد .. في رد مباشر على تصريحات مثيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، دحض وزير الصحة البريطاني ويس ستريتنج، المزاعم التي تربط بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل وزيادة معدلات الإصابة باضطرابات النمو العصبي مثل التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. 

وفي لقاء مباشر ضمن برنامج "لورين"، شدد الوزير على أن "الطب لا يُستقى من السياسيين"، داعياً البريطانيين للاعتماد على توصيات الأطباء والعلماء ونظام الخدمات الصحية الوطنية (NHS).

وأشار ستريتنج إلى دراسة سويدية أجريت عام 2024 شملت أكثر من 2.4 مليون طفل، ولم تجد أي دليل يثبت الادعاءات التي أطلقها ترامب. وأضاف قائلاً: "اطرحوا الأسئلة، ولكن استندوا إلى العلم... ولا تجعلوا من تصريحات غير موثوقة أساسًا لاتخاذ قرارات صحية مهمة".

خبراء يرفضون الربط بين الباراسيتامول والتوحد

تصريحات ترامب، التي صدرت خلال خطاب له في أريزونا، أثارت موجة من الانتقادات في الأوساط الطبية والعلمية، ووُصفت بأنها "إثارة غير مسؤولة للذعر". وأكدت الدكتورة أليسون كايف، من وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية (MHRA)، أن "لا دليل على أن الباراسيتامول يسبب التوحد"، وشددت على أن الهيئة تراقب باستمرار سلامة الأدوية.

كما شددت الخبيرة النفسية الدكتورة مونيك بوثا على أن "تسليط اللوم على الأمهات في ظهور التوحد يعيدنا لعقود من وصم الأمهات"، مؤكدة أن تسكين الألم أثناء الحمل ضرورة طبية وليس رفاهية. وشاركتها الرأي الدكتورة هانا كيرك، التي قالت إن "الارتباط لا يعني السببية"، داعية إلى تجنب الذعر والتعامل مع هذه القضايا بحذر علمي.

ترامب يعلن عن مراجعة اتحادية ويعد بـ"حل للتوحد"

خلال خطابه، أعلن ترامب عن إطلاق مراجعة اتحادية لبحث أسباب ارتفاع معدلات التوحد، مدعومة من قبل وزير الصحة الأمريكي روبرت إف كينيدي الابن. وألمح ترامب إلى أن نتائج هذه المراجعة قد تُسفر عن "أحد أهم المؤتمرات الصحفية في تاريخه"، على حد وصفه، متعهداً بعدم تكرار "أخطاء الماضي".

توصيات علمية: الاستخدام الآمن للباراسيتامول ما زال قائمًا

رغم الجدل، ما زال الباراسيتامول يُوصى به كمسكن آمن للحامل، بشرط استخدامه بجرعات منخفضة ولفترات قصيرة. ويستخدمه نحو 50% من الحوامل في المملكة المتحدة، وترتفع النسبة في الولايات المتحدة إلى 65%.

وأفادت دراسة أمريكية حديثة أن بعض المؤشرات تستدعي مزيدًا من البحث، لكنها لا ترقى إلى إثبات علاقة سببية. وقال الدكتور ديدييه برادا، المؤلف المشارك في الدراسة، إن "الباراسيتامول لا يزال من أكثر الخيارات أمانًا لتسكين الألم أثناء الحمل"، مشددًا على ضرورة استشارة الأطباء قبل اتخاذ أي قرار.

مع تزايد المخاوف من انتشار المعلومات المضللة، يجمع الخبراء على ضرورة اتباع الإرشادات الطبية وعدم الانجرار وراء التصريحات السياسية غير المدعومة بأدلة علمية. التوحد، كما يوضح المختصون، ليس مرضًا يمكن تجنبه أو علاجه، بل هو حالة عصبية تطورية تظهر منذ الولادة، وتحتاج إلى دعم مجتمعي وفهم أعمق، لا لوم وتشكيك.