ماذا بعد؟!
فى كل حى، فى كل زقاق، وعلى كل أرض ترابية، تتناثر حكايات عن «موهبة الشارع» التى تنبض بالحياة فى شرايين الرياضة المصرية، هى الموهبة الفطرية التى لا تعرف القواعد، ولا تلتزم بحدود الملاعب الرسمية، بل تنطلق بحرية مطلقة، تُغنى اللعبة بإبداعها وبراعتها التى تشبه السحر، هذه الموهبة هى الأساس الذى قامت عليه نجومية أساطير كرة القدم مثل محمد صلاح وزيدان، وأجيال لا حصر لها من اللاعبين الذين صعدوا من ملاعب الأحياء الفقيرة إلى قمة المجد.
لكن، ورغم بريقها الساحر، لا تزال هذه الموهبة تواجه تحديات كبرى قد تنهى مسيرتها قبل أن تبدأ، «موهبة الشارع» هى كنز ثمين، لكنها جوهرة خام تحتاج إلى صقل وتوجيه لتتحول إلى ماسة حقيقية.
تكمن المشكلة الرئيسية فى أن موهبة الشارع غالبًا ما تعتمد على القدرات الفردية والمهارات البسيطة، دون الاهتمام بالجوانب الأساسية التى يفرضها الاحتراف الحديث، حيث إن اللاعب الموهوب فى الحارة قد لا يكون على دراية بأهمية التغذية السليمة التى تُبنى عليها اللياقة البدنية والقدرة على التحمل والتدريب العلمى الذى يركز على الجوانب التكتيكية والخططية، وليس فقط على المهارات الفردية والاستشفاء والوقاية من الإصابات التى تحمى اللاعب من انتهاء مسيرته مبكرًا لذلك، نجد أن العديد من «مواهب الشارع»، عاجزين عن التكيف مع متطلبات الاحتراف أو يقعون ضحية الإصابات التى تنهى مستقبلهم.
إن تحويل موهبة الشارع إلى نجم عالمى ليست مهمة اللاعب وحده، بل هى مسئولية جماعية تقع على عاتق الأندية، والجهات الرياضية، والمجتمع ككل على سبيل المثال لماذا لا تقوم وزارة الشباب والرياضة بإطلاق مشروع دورى الشارع لاكتشاف الرياضيين فى مختلف الألعاب الفردية والجماعية بالاحياء الشعبية من خلال الكشفيين، وكذلك مراكز الشباب عليها أن تفتح أبوابها لاستقبال هذه المواهب، وأن تستثمر لتوفير برامج تدريب متكاملة تجمع بين صقل الموهبة الفطرية وتنمية الجوانب البدنية والتكتيكية.
فى شهر رمضان المبارك يتعظم ظهور دوريات الشارع عبر مواقع التواصل الاجتماعى، حيث نجد فى شباب الحارة مهارات فردية تحتاج للاستثمار والاكتشاف الحقيقى قد يكون من وسط هؤلاء البرازيلى بلاى أو غيرهم من النجوم الذين سطعوا فى عالم الرياضة.
قانون العيب أيضًا هناك فى الاماكن الشعبية موروث ثقافى خاطئ بمنع الفتاة أن تلعب رياضة فردية أو جماعية أتمنى أن نرى حملات توعية باصطحاب نماذج رياضية نسائية نور الشربينى وفريال اشرف وجيانا فاروق وسمر حمزة وسارة سمير وهداية ملاك لتوعية الأهالى بالمناطق الشعبية أن الرياضة النسائية ليست بالغيب وأنها دور أساسى للبنت المصرية أن تمارس رياضة وتكون جزءًا من تشريف الوطن بالمحافل المختلفة.
إن موهبة الشارع هى أغنى مصدر للثروة الرياضية فى مصر، لكنها تحتاج إلى رعاية حقيقية، عندما نتمكن من الجمع بين الشغف الفطرى والتدريب الاحترافى، سنكون قد أطلقنا العنان لجيل جديد من الأبطال القادرين على رفع اسم مصر فى المحافل الدولية.