رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻋﻦ اﻟﺴﻼم ﻳﻐﺘﺎل ﺣﻠﻢ اﻟﻘﻄﺎع.. وﻳﻬﺪد أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن

بوابة الوفد الإلكترونية

خبراء: تسعة أشهر من جهود «ترامب» للسلام لم تكن سوى دوامة عبثية

دبلوماسيون عرب: إسرائيل باتت التهديد الأكبر لأمن الشرق الأوسط وليس إيران

 

يكرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب خطاباته القديمة، سواء حين يتفاخر بادعائه بأنه أنهى الخلاف بين مصر وأثيوبيا حول سد النهضة، أو عندما يؤكد أن لقاءاته مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وضعت الحرب فى أوكرانيا على طريق الحل، فيما تكشف الوقائع عكس ذلك تماماً. ويتجلى هذا التناقض بوضوح فى ملف غزة، إذ يعلن ترامب رغبته فى تحقيق السلام ويؤكد أن إدارته تعمل على وقف القتال، بينما تتحرك مؤسساته الرسمية فى الاتجاه المعاكس. وعارضت واشنطن مراراً مشاريع قرارات فى مجلس الأمن تدعو إلى وقف إطلاق النار، ووجهت تهديدات للدول التى تدرس الاعتراف بالدولة الفلسطينية، كما شنت حملة ضارية ضد المحكمة الجنائية الدولية لمجرد فتحها تحقيقات فى الانتهاكات الإسرائيلية فى غزة. كما كشر عن أنيابه مهدداً أفغانستان «إذا لم تُعد أفغانستان قاعدة باجرام الجوية للولايات المتحدة فستحدث أمور سيئة»، تلك القاعدة التى يريد استخدامها ضد الصين، ويعكس هذا التباين جوهر المفارقة: رئيس يروج لنفسه كوسيط للسلام فيما سياساته العملية تحول دون أى تسوية حقيقية.

وبعد شهر من القمة التى جمعته ببوتين فى ألاسكا، ما زال ترامب يبدى دهشته من غياب النتائج الملموسة لإنهاء الحرب الأوكرانية. وقال هذا الأسبوع: «لقد خذلنى. لقد خذلنى حقاً». لكن المؤشرات تكشف عن انسداد الأفق، سواء فى الملف الأوكرانى أو فى الشرق الأوسط، حيث وسع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو عملياته العسكرية بشن هجوم جديد على مدينة غزة وضربات فى مناطق أخرى بالمنطقة. وحتى بعد استهداف إسرائيل عناصر من حركة حماس داخل قطر، الدولة الحليفة لواشنطن التى تستضيف المفاوضات الدبلوماسية، اكتفى ترامب بالتحذير قائلاً: «عليهم أن يكونوا حذرين للغاية».

ويتناقض هذا الإحباط مع الصورة التى يحاول ترامب تصديرها عن نفسه على الساحة الدولية، بصفته صانع سلام يسعى لنيل جائزة نوبل. فعندما سئل عن أهدافه فى الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة، أجاب ببساطة: «السلام العالمى». لكن الواقع على الأرض يكشف العكس تماماً: الأزمات تتفاقم والحروب تتوسع بدلاً من أن تتراجع.

وبحسب أسوشيتدبرس يقول ماكس بيرجمان، المسئول السابق فى الخارجية الأمريكية بعهد أوباما والباحث فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن إن «الأشهر التسعة الماضية من جهود السلام لم تكن أكثر من دوامة عبثية». وأوضح أن ترامب يعتمد على خطوات صاخبة مثل التلويح بضربات عسكرية أو فرض رسوم جمركية واسعة، لكن عقد اتفاقيات سلام يتطلب خبرة ودبلوماسية يفتقر إليها فريقه. وأضاف: «يشبه الأمر أن يطلب منى شخص عقد صفقة فندقية، ستكون صفقة خاسرة».

من جانبه دافع البيت الأبيض عن ترامب، مشيراً إلى إشادة بعض القادة الأوروبيين بجهوده، فيما يكرر ترامب أنه لا يوظف سوى «أفضل الكفاءات». أما مات كرونيج، المستشار السابق فى البنتاجون، فاعتبر أن جرأة ترامب قد تجلب أحياناً نتائج كما حدث مع زيادة الإنفاق الدفاعى الأوروبى، لكنه حذر من تكرار سيناريو كوريا الشمالية عندما تراجع ترامب بعد فشل المفاوضات مع كيم جونج أون. وتساءل: «متى سيقرر أن الملفين الأوكرانى والغزى صعبان جداً وينتقل إلى موضوع آخر؟».

السياسة الخارجية عادة ما تدار بروح جماعية عبر مجلس الأمن القومى، لكن ترامب قلص عدد موظفى المجلس بشكل كبير حتى إن ماركو روبيو يشغل فى الوقت نفسه منصبى وزير الخارجية ومستشار الأمن القومى. وعلق كرونيج قائلاً: «شخص واحد فقط يحدد الاستراتيجية والبقية ينتظرون».

فى الشرق الأوسط، يجد ترامب نفسه غارقاً فى وضع متفجر. فقد زار دولاً عربية لتعزيز العلاقات، ودعم العمليات العسكرية الإسرائيلية فى غزة وإيران، لكن إسرائيل، وقد شجعتها نجاحاتها، وسعت ضرباتها لتشمل أهدافاً فى المنطقة، بما فى ذلك استهداف مسئولى حماس فى قطر. هذا التطور هدد المفاوضات الأمريكية وأضعف ثقة القادة العرب فى قدرة ترامب على التأثير على نتنياهو.

وبحسب التقرير كشف ثلاثة دبلوماسيين عرب بعد قمة مجلس التعاون الخليجى فى الدوحة أن بعض دول المنطقة باتت تعتبر إسرائيل التهديد الأمنى الأكبر لا إيران، فى تحول لافت عن مرحلة تقاربهم مع تل أبيب خلال ولاية ترامب الأولى حين دعم اتفاقيات أبراهام.

وحاول المسئولون الأمريكيون تهدئة الأجواء عبر التذكير بتصريحات ترامب المنتقدة لنتنياهو، وباجتماعات عقدها مع رئيس الوزراء القطرى لمناقشة ترتيبات أمنية جديدة. لكن خلال الجمعية العامة المقبلة، يتوقع أن يواجه ماركو روبيو والمبعوث ستيف ويتكوف انتقادات واسعة من الدول العربية المطالبة بتغيير جذرى فى سياسة واشنطن تجاه المنطقة. فبينما تؤكد الولايات المتحدة التزامها بضمان التفوق العسكرى الإسرائيلى، أثار الهجوم الإسرائيلى الأخير على قطر باستخدام أسلحة أمريكية الصنع موجة استياء، خصوصاً بعدما فشلت الدفاعات القطرية الأمريكية فى التصدى له.

أما فى أوروبا، فما زال أسلوب ترامب تجاه بوتين يثير جدلاً. فهو أحياناً يلمح إلى أن الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى يتحمل المسئولية عن استمرار الحرب بقدر بوتين الذى بدأ الغزو فى 2022. ورغم إصراره على أن لقاءه الأخير مع بوتين «حقق الكثير»، قال ترامب إن «التانجو يحتاج إلى شخصين»، مضيفاً: «هناك شخصان، زيلينسكى وبوتين، يكره كل منهما الآخر بشدة».

القلق الأوروبى تصاعد بعد اختراق طائرات روسية للمجال الجوى لبولندا وإستونيا العضوين فى الناتو. فقد دخلت ثلاث مقاتلات روسية أجواء إستونيا الجمعة، وهو ما دفع ترامب للتحذير من «مشكلة كبيرة».

وفى مؤتمر صحفى عقده بالمملكة المتحدة خلال زيارة رسمية، أكد ترامب التزامه بوقف الحرب فى غزة وأوكرانيا، قبل أن ينتقل إلى نبرة فلسفية قائلاً: «فى الحرب لا أحد يعرف، الحرب شىء مختلف، تحدث أمور بعكس ما تتوقع تماماً».