رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

مايكروسوفت تستسلم وتفصل تيمز في أوروبا لتجنب غرامة بمليارات الدولارات

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد معركة قانونية طويلة ومعقدة، أعلنت المفوضية الأوروبية موافقتها على التغييرات التي أجرتها شركة مايكروسوفت، لتضع بذلك حدًا لواحدة من أبرز قضايا مكافحة الاحتكار في قطاع التكنولوجيا.

 القضية التي بدأت بشكوى من شركة سلاك المنافسة، انتهت بتنازلات كبيرة من عملاق البرمجيات لضمان عدم تعرضه لغرامات مالية ضخمة. هذه التسوية ليست مجرد انتصار لـ"سلاك" وحدها، بل هي رسالة قوية من أوروبا لجميع شركات التكنولوجيا بضرورة الالتزام بقواعد المنافسة العادلة.
تعود جذور هذه القضية إلى سنوات مضت، عندما رفعت شركة "سلاك" شكوى رسمية ضد مايكروسوفت، متهمة إياها بدمج منصة التواصل والتعاون تيمز (Teams) بشكل غير قانوني مع حزمتها الشهيرة أوفيس (Office). "سلاك" ادعت أن هذا الدمج يمنح "تيمز" ميزة تنافسية غير عادلة، حيث يتم تثبيته تلقائيًا مع تطبيقات الإنتاجية التي لا غنى عنها في مئات الملايين من الشركات حول العالم.
لم تأخذ المفوضية الأوروبية الشكوى على محمل الجد في البداية، لكنها في عام 2023 فتحت تحقيقًا رسميًا، ثم في عام 2024 أصدرت استنتاجات أولية صادمة. خلص التحقيق إلى أن مايكروسوفت قد انتهكت بالفعل قوانين مكافحة الاحتكار، وأنها منحت "تيمز" ميزة تنافسية من خلال عدم إعطاء العملاء خيارًا لعدم الاشتراك في "تيمز" عند شراء حزمة "أوفيس". 

وزادت الطين بلة القيود التي فرضتها مايكروسوفت على توافق "تيمز" مع الخدمات المنافسة، مما يحد من خيارات المستخدمين بشكل كبير.
هذه الانتهاكات لم تكن مجرد مخالفات بسيطة؛ بل كانت قد تكلف مايكروسوفت غرامة تصل إلى 10% من إيراداتها السنوية العالمية، وهو مبلغ قد يصل إلى مليارات الدولارات. في محاولة يائسة لتجنب هذا المصير، بدأت مايكروسوفت في إجراء تغييرات حتى قبل أن تصدر المفوضية نتائج تحقيقها النهائي.
أول هذه التغييرات كان فصل "تيمز" عن حزم Office 365 وMicrosoft 365 في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي. كانت هذه خطوة مهمة، لكن المفوضية الأوروبية اعتبرتها غير كافية. كان التحدي الأكبر يكمن في إقناع المفوضية بأن مايكروسوفت لن تستمر في ممارساتها الاحتكارية بطرق أخرى خفية.
لذا، قدمت مايكروسوفت قائمة من الالتزامات لتفادي الغرامة الكبيرة. أولًا، وافقت على تقديم إصدارات من حزم Office 365 وMicrosoft 365 بدون "تيمز" للعملاء في أوروبا، وبسعر أقل بكثير. هذا الإجراء يمنح الشركات خيارًا حقيقيًا لاختيار أدوات التعاون التي تناسبها، بدلًا من إجبارها على استخدام "تيمز" كجزء من الحزمة الأساسية.
ثانيًا، تعهدت مايكروسوفت بعدم تقديم أي عروض ترويجية أو خصومات على "تيمز" أو الحزم التي تتضمنه، لضمان عدم حصولها على ميزة تسويقية غير عادلة. 

ثالثًا، وافقت الشركة على السماح لمنافسيها بدمج تطبيقاتهم مع بعض منتجاتها وخدماتها، وهو ما كان يمثل عقبة كبيرة أمام المنافسين.
وأخيرًا، سمحت مايكروسوفت للعملاء في أوروبا باستخراج بيانات رسائل "تيمز" الخاصة بهم بسهولة، واستخدامها في خدمات منافسة. هذه الخطوة حيوية لتمكين الشركات من الانتقال بين المنصات دون فقدان بياناتها الهامة، مما يعزز المنافسة في السوق.
قامت المفوضية الأوروبية باختبار هذه الالتزامات بين مايو ويونيو من هذا العام، وكانت النتائج إيجابية. 

استجابةً لملاحظات المفوضية، زادت مايكروسوفت الفرق في السعر بين الحزم التي تحتوي على "تيمز" والتي لا تحتوي عليه بنسبة 50%. كما التزمت بعرض خيارات الحزم بدون "تيمز" عند الإعلان عن منتجاتها، مما يزيد من شفافية الخيارات المتاحة للعملاء.
وفقًا للمفوضية، ستبقى هذه التعهدات سارية المفعول لمدة سبع سنوات، باستثناء تلك المتعلقة بالتوافق ونقل البيانات، والتي ستبقى سارية لمدة عشر سنوات. لضمان التزام مايكروسوفت الكامل بهذه الوعود، سيتم تعيين وكيل مستقل لمراقبة عملية التنفيذ.
هذه التسوية تنهي فصلًا مهمًا في تاريخ المنافسة الرقمية، وتؤكد على الدور الحاسم للمؤسسات التنظيمية في حماية الأسواق من الممارسات الاحتكارية. بينما تظل مايكروسوفت لاعبًا رئيسيًا، فإن هذا القرار يفرض عليها الالتزام بقواعد اللعبة، ويفتح الباب أمام مزيد من الفرص للمنافسين في سوق برامج التعاون الرقمي المزدحم.