رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

قطوف

أين الله؟

بوابة الوفد الإلكترونية

من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.

"سمية عبدالمنعم"

 

 

السماء مثقلة بالغيوم، وأنا طفلة في الخامسة من عمري أقطن في غزة، لا أملك سوى جدي بعد أن طوت القذائف بيتنا وعائلتي. كان جدي يردد: «الحلم وقود الحياة»، لكن المرض أوقعه طريحًا. سألت الطبيب الميداني:

– وأين الله؟

ابتسم: «في كل مكان.. ادعيه».


خرجت تحت المطر أبحث عنه. تسللت إلى شاحنة، فسمعت رجالًا يهودًا يتحدثون بضحكات باردة عن إبادة الفلسطينيين.. وكأننا دُّمى لا نستحق الحياة.. أيُقيم الله حيث الحقد؟ هربت.


التقطتني عائلة مسيحية، حاولت السيدة أن تحتويني، لكن زوجها لم يتوقف عن بث الكراهية.. فتاة مسلمة! دفعني أرضًا.. صرخت: «لن أجد الله هنا أيضًا!»


ثم باغتنا رجال ملثمون يزعمون أنهم مسلمون. سألتهم برجفة:

– هل تدلّونني على الله؟

قوبلت بالصمت والتهديد. صرخت إلى السماء: «أين أنت يا الله؟»


انقلبت الشاحنة وسط السيل، ووجدتني فجأة أمام باب المخيم مع أذان الفجر. هرعت إلى جدي، فابتسم كأنه عاد من الغياب. بكيت بين يديه:

– خرجت أبحث عن الله لأدعوه بشفائك، ولم أجده. لم أرَ إلا الكراهية والتعصب.

ربت على وجهي:

– الله في القلوب يا صغيرتي. هو من حفظك وأعادك. الإنسان مخيَّر، يختبره الله، ويغفر لتائب مهما عظم ذنبه.


تنهدت ثم همست:

– وكيف أخاطبه؟

– اكتبي له رسالة.


أمسكت قلمه وكتبت:

«حبيبي الله، احفظ لي جدي، وأوصل سلامي لعائلتي، وانزع الكراهية من قلوب البشر. حلم.»


أرتميت في حضنه، وشعرت بدفء آخر يتسلل لقلبي.. دفء الله.