رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

لعل وعسى

تناولنا فى المقال السابق كيف أن الصين مع مطلع القرن العشرين كانت تقف على حافة الانهيار، وأن التحول الفكرى العميق لدى شباب الصين كانت بداية الاستفاقة، ليس بالتظاهرات ولا بالثورات ولكن بالإعلان عن خلع عباءة الغرب والتمرد على الأيديولوجية الغربية التى دمرت شباب الصين، مع الدعوة الوطنية لتوحد القوميين والشيوعيين بعد حرب أهلية طاحنة بينهما، وشكلا معًا الجبهة الوطنية. وأن مصر كانت علامة مضيئة فى مسار الصين العظيم، عبر استضافتها لمؤتمر القاهرة عام 1943 وقيادة الوعد الدولى بتحرير الصين من المستعمر اليابانى، وعبر اتجاهها للانفتاح الاقتصادى عام 1974 والذى فشلت فيه مصر للأسف بفعل عوامل وأسباب لا يتسع الوقت لتناولها ، ولكن الصين تحت قيادة بينج سياو بينج أعلنت الانفتاح الاقتصادى عام 1978، ليكون بداية الصين الحقيقية للانتقام من التاريخ ولقصة ما زالت تكتب، عكس دول أخرى كان بالنسبة لها انتقام من النفس، وقد قلنا من قبل أن التاريخ سيؤكد أن الأمة العربية قد أضاعت من يدها فرصة استعادة التاريخ والمجد العربى عبر إعداد مشروع عربى مشترك بعد حرب النصر أكتوبر 73، يكفل لها التصدى لأى عدوان محتمل، ومواجهة التهدايات المستمرة، والإعلان عن تواجد قوة عربية عالمية متنامية المصادر ولكن لم تبلغ أشدها فأراد الله عبر جدار الهيئة العربية للتصنيع أن تبلغ أشدها بعد فترة لتكون قادرة على حماية ممتلكاتها وشرفها وعزتها، ولكن لم يكن فى وسط الأمة العربية حينئذ حكماء عرب مثل حكماء صهيون، فاختلف العرب وتشرذموا وانهالت عليهم الأكلة، عكس حكماء صهيون الذين بنوا جدار العلم والبحث العلمى فى مواجهة مباشرة لجدار التخلف والبحث الجنسى. فما حدث هذه الأيام من تعد على سيادة عربية كانت تظن بمواردها وإعلامها أنها تستطيع أن تروض الذئاب، لتجد نفسها فى لحظة محاطة بهجوم ذئب عظيم كاد أن يقضى عليها، هنا فقط نستطيع أن نؤكد أن تجربتنا العربية التى بذلنا فيها جهود كبيرة ومتكررة منذ السبعينيات من القرن الماضى لم تفشل ولكن تحتاج إلى إعادة النظر فى منطلقاتها الأساسية، وها قد جاءت الفرصة لإعادة هذه المنطلقات بعد تجارب مريرة خاضتها الدول العربية بعيدًا عن ساحة المجد والشرف. إن قيام العدو الإسرائيلى بضرب سيادة دولة قطر لهو مثال حقيقى على فشل واستحالة الترويض للذئاب، وأن تجربة الصين فى الانتقام من التاريخ عبر سياسية الانفتاح الاقتصادى وتوحيد القوميات ووطنية الشباب قد تكون تجربة ناجحة نستطيع القيام بها فى هذه الفترة، وأن وجود شخصية حكيمة مثل الرئيس السيسى والتى تقترب كثيراً من شخصية دونج سياو بينج قد تمثل بداية وفرصة لإستعادة هيبة الأمة وشرفها ولكن هذا يتطلب الآتى: أولًا: التفسير الصحيح للمتغيرات الإقليمية والدولية ببعدها الإستراتيجى والتاريخى الشامل، والذى يراهن على تراجع دور الولايات المتحدة كقطب دولى متفرد، وبالتزامن مع انغماس روسيا فى الحرب الأوكرانية، وسعيها لإعادة نفوذ فقدته فى أوراسيا عند انهيار الاتحاد السوفيتى أدى الى تراجع دورها فى الشرق الأوسط، ولا يمكن إغفال أثر تمرد النخبة السياسية الأوربية على إملاءات الصهيونية العالمية، وهو نفس التوجه الذى فعلته الصين سواء بتفسير للمتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة جعلتها أمة قادرة التى السير وسط الأزمات بلا خضوع أو خذلان. ثانياً: الإيمان بقدرات الأمة، وعدم الركون الى المصالح القطرية الضيقة والبراغماتية المثبطة للعزائم، وهذا يتطلب مصالحة عربية صادقة وسريعة تقودها مصر فقط لأنها الوحيدة القادرة على إثبات أن الأهداف الكبرى تحتاج الى تضحيات جسيمة ومؤلمة «وللحرية الحمراء باب بكل يدٍ مضرجة يدق». فبعد هزيمة 1967 تاه العرب بفئاتهم وشرائحهم الاجتماعية كلها فى فراغ الأفكار والمشاريع، يفسرون ما حدث وقلما يفكرون بكيفية الخروج منه. تاهوا وتخبطوا ولم يبحثوا سر ما حصل. فالسيطرة على فلسطين، ليست مجرد سيطرة على قطعة أرض، بل محور ومقياس الهيمنة أو التحرر، ومال العرب إلى التشدد والانغلاق كل على دولته بمزيد من العداوة تجاه الآخر، وبمزيد من القمع بحجة الخروج من الهزيمة التى سميت مجرد نكسة، وغابت النخب الفكرية، وبالتالى فإن ثالث المتطلبات هو قياس موازنة القوة حسب قدرات الجيوش وإهمال قدرات الشعوب، التى فشل من خلال التجارب أنها قادرة وحدها على التعامل مع هذه الغوغائية الدولية، لذا نرى أن التحليل التاريخى والمنطقى للأحداث فى السنين الأخيرة يؤكد أن التدافع فى العلاقات الدولية يسير لصالح قضايا العرب، ولكن على العرب تفعيل آلياتهم وعلى رأسها الهيئة العربية للتصنيع. وللحديث بقية إن شاء الله.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام