رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

لا يمكن التعاطى مع الهجوم الإسرائيلى على قادة حماس فى العاصمة القطرية الدوحة على أنه حدث عابر أو استثنائى فى سياق عدوان ممتد لما يقرب من العامين.

وما حدث لا يُقرأ فقط على أنه انتهاك لسيادة دولة مستقلة عضو فى الأمم المتحدة.

لكن الخطير فى الهجوم هو الواقع الذى تحاول إسرائيل إقراره من أنها قوة سيادية فوق إقليمية لديها فائض من القوة وغطاء دبلوماسى، قانونى وسياسى من الولايات المتحدة الأمريكية يتيح لها حرية اختيار ساحات الصراع كيفما تشاء، حتى لو على حساب سيادة الدول، وهى بذلك تسن سوابق خطيرة على مستوى النظام الدولى، وتقود دعائم هذا النظام القائمة على آليات الردع الجماعى والقانون الدولى إلى التحلل.

فالهجوم الإسرائيلى على الدوحة تحول نوعى خطير فى قواعد الاشتباك وتجاوز فج لكل الخطوط الحمراء.

فإسرائيل التى دمّرت غزة وقتلت عشرات الآلاف، وأضعفت حزب الله، واستهدفت إيران وسوريا، ها هى تنقل قواعد الاشتباك إلى مستوى غير مسبوق، حيث لم تعد تعترف بالفواصل التقليدية بين «عدو» و«حليف»، بل باتت ترى أن فائض قوتها العسكرية يمنحها حرية الحركة ضد أى طرف يستضيف أو يدعم أو حتى يفتح قنوات مع الفلسطينيين. وهذا يعنى أن الضربة فى الدوحة ليست نهاية المطاف، بل بداية مرحلة تُحكم فيها إسرائيل قبضتها على المجال الإقليمى بالقوة الغاشمة المعتدية، مستفيدة من الغطاء الأميركى ومحدودية رد الفعل الدولى.

والهجوم الإسرائيلى على قادة حماس فى الدوحة لم يكن مجرد محاولة لاغتيال شخصيات تفاوضية، بل هو إعلان واضح عن ملامح «إسرائيل الجديدة» ومشروعها الأوسع الذى يتجاوز الصراع التقليدى مع حماس أو مع ما يُسمى بمحور المقاومة. إنها دولة لم تعد ترى أى سقف لتحركاتها، فهى لا تريد فلسطينيين فى غزة أو الضفة وستسعى إلى تهجير جانب منهم، ولن تقدم أرضًا مقابل السلام لأنها ببساطة لم تعد تريد سلامًا. وفى ضوء هذا المنطق، يمكنها أن تضرب أى دولة فى ثوانٍ، حتى لو كانت حليفة أو حتى صديقة الراعى الأمريكى التاريخى للكيان.

ما حدث مع قطر يكشف أن فائض القوة الذى تمتلكه إسرائيل بات يُستخدم بلا تمييز، ضد العدو والحليف على حد سواء، وأن من يظن أن الحياد أو التحالف مع واشنطن يحميه، فهو يعيش فى وهم.

لذلك؛ ونحن فى انتظار قمة عربية إسلامية، لم يعد مقبولاً لا رسمياً ولا شعبياً الانحصار فى بيانات الشجب والتنديد التى لم تعد تسمن ولا تغنى من جوع.

والتحدى الأكبر يكمن فى ما إذا كان هذا التحرك سيبقى فى إطار بيانات الإدانة، أم أنه سيفتح الباب أمام خطوات عملية كفرض عقوبات أو إعادة تعريف العلاقة مع الولايات المتحدة ذاتها التى سمحت بتنامى هذا السلوك الإسرائيلى المنفلت.

حان الوقت لصياغة مقاربة جديدة وتعريف محدث لماهية الأمن القومى العربى، مقاربة قائمة على آليات ردع عربى جماعية، صلبة وفاعلة.

حديث الرئيس السيسى فى قمة مارس ٢٠١٥، حول طرح إنشاء قوة عربية مشتركة للتعامل مع التحديات الأمنية المتصاعدة، وعلى رأسها الإرهاب والحروب الأهلية فى سوريا واليمن وليبيا، بجانب تهديدات غير تقليدية كالمليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية.

 يبدو أنه كان يستشرف المستقبل، ويقرأ نتيجة تفاعلات إقليمية كانت فى طور التشكل، السيسى حاول أن يُعيد إحياء منطق «الأمن الجماعى العربى» على غرار تجربة قوات الردع العربية فى لبنان (1976)، لكن الظروف الإقليمية، والانقسامات بين العواصم العربية، حالت دون تحويل الفكرة من ورق إلى واقع. لكن الممارسات الإسرائيلية التى كشفت بوضوح عن أن إسرائيل لا تعترف حتى بضوابط التحالفات، وأنها مستعدة لأن تتصرف بمنطق الدولة فوق القانون حتى لو أدى ذلك إلى تقويض مصالح شركائها، تشير إلى أن الطرح الرئاسى المصرى ضرورة واجبة ملحة لا رفاهية.