رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

دراسة رائدة تفتح آفاقاً جديدة لتحسين التركيز والانتباه والذاكرة

بوابة الوفد الإلكترونية

توصل فريق من العلماء إلى أن التوقيت الدقيق للنشاط الكهربائي في دماغ الإنسان يحدد مدى قدرته على معالجة العالم من حوله.

 

فيما يمكن أن يُحدث الاكتشاف الجديد آثاراً بالغة على كيفية فهم ومعالجة للتركيز والانتباه والذاكرة في مرض الزهايمر واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط ADHD.

وأظهر باحثو جامعة بريمن الألمانية كيف أن مساراً فريداً - حيث تنتقل الإشارات الحسية كإشارات على موجات من إيقاعات غاما إلى مركز المعالجة في دماغ الإنسان - مسؤول عن القدرة على التركيز على شيء واحد وحجب جميع الضوضاء الأخرى أثناء ذلك، وفق ما نقل موقع New Atlas عن دورية Nature Communications.

 

"بشكل موضوعي"

من جهته، صرح الباحث في مجال الدماغ من جامعة بريمن، إريك دريبتز، أنه "في بيئة مليئة بالأصوات والموسيقى وضوضاء الخلفية، يتمكن الدماغ من التركيز على صوت واحد. أما الضوضاء الأخرى فليست أكثر هدوءاً بشكل موضوعي، بل يتم إدراكها بشكل أقل قوة في تلك اللحظة".

 

ولطالما حير علماء الأعصاب كيفية اختراق الدماغ لضوضاء العالم المزدحم للتركيز على ما هو مهم حقاً. فيما يكشف هذا البحث الجديد اللغز، مُظهراً أن السر لا يكمن فقط في قوة نشاط خلايا الدماغ بل في توقيته أيضاً.

 

فالتوقيت الدقيق للنشاط الكهربائي، المرتبط بإيقاعات غاما الطبيعية في الدماغ، هو ما يحدد ما إذا كانت المعلومات تتدفق بسلاسة من منطقة دماغية إلى أخرى أو تُشوّه أثناء انتقالها. كما يمكن أن يساعد هذا الاكتشاف في تفسير سبب ضعف الانتباه في حالات مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والفصام، ومرض الزهايمر - والتي تظهر جميعها اضطراباً في نشاط غاما.

آلية حاسمة

كما أضاف دريبتز أنه "حتى الآن، لم يكن من الواضح كيفية التحكم في هذه الآلية الحاسمة للبقاء على قيد الحياة لاختيار المعلومات ذات الصلة"، مردفاً أنه "عندما يعبر الشخص الشارع وتظهر سيارة فجأة من الجانب، يركز الدماغ بشكل فوري معالجته على هذه المعلومة البصرية الوحيدة وهي حركة السيارة".

 

كذلك تابع: "أما الانطباعات الأخرى، مثل اللافتات والمارة واللوحات الإعلانية، فتتلاشى في الخلفية لأنها تشتت الانتباه وتبطئ ردود الأفعال"، مبيناً أنه "فقط من خلال هذا التحديد المُستهدف للأولويات، يتمكن الشخص من الاستجابة بسرعة واتخاذ إجراءات مراوغة".

 

أنماط إيقاعية

ولتبسيط الأمر قدر الإمكان، غالباً ما تزامن مجموعات الخلايا العصبية نشاطها وفق أنماط إيقاعية. ويُعتقد أن إيقاعات غاما، التي تتذبذب ما بين 30 و90 مرة في الثانية، مهمة بشكل خاص لربط أجزاء الدماغ المختلفة المسؤولة عن الإدراك والانتباه والذاكرة.

 

كما أظهرت أبحاث سابقة أنه عندما تصطف موجات غاما بين مناطق الدماغ، يتحسن التواصل. لكن حتى الآن لم يُفهم جيداً ما إذا كان هذا التزامن يحفز "تحديد الأولويات المستهدفة" أم أنه مجرد نتيجة ثانوية لتغيرات أخرى.

 

وشرح دريبتز قائلاً إن "وصول الإشارة للدماغ مبكراً جداً أو متأخراً جداً، لا يكون لها أي تأثير. أما إذا وصلت ضمن الإطار الزمني الحساس، فإنها تغير نشاط الخلايا العصبية وكذلك السلوك"، مشيراً إلى أن حيوانات المختبر تفاعلت ببطء أكبر أو ارتكبت المزيد من الأخطاء - مما يستنتج منه أن إشارة الاختبار، التي لم تتضمن أي معلومات للمهمة، أصبحت جزءاً من عملية المعالجة، وبالتالي تداخلت مع أداء المهمة الفعلية.

 

اللحظة المناسبة

كما أردف أن "استمرار معالجة الإشارة في الدماغ يعتمد بشكل حاسم على وصولها في اللحظة المناسبة - خلال مرحلة قصيرة من زيادة استقبال الخلايا العصبية".

 

كذلك أوضح أن "الخلايا العصبية لا تعمل بشكل مستمر، بل في دورات سريعة. فهي تكون نشطة ومستقبلة بشكل خاص لبضعة ميلي ثانية، تليها فترة من انخفاض النشاط والإثارة، ثم تتكرر هذه الدورة كل 10 إلى 20 ميلي ثانية تقريباً. وعندما تصل الإشارة قبل ذروة هذه المرحلة النشطة بوقت قصير فقط، تُغيّر سلوك الخلايا العصبية".

بوابة توقيت

وفي الأساس، بدلاً من تعزيز جميع الإشارات بالتساوي، يستخدم الدماغ إيقاع غاما الخاص به كبوابة توقيت. إذ يتم تضخيم الإشارات التي تصل متزامنة مع الإيقاع، بينما يتم إخماد أو تجاهل تلك التي تأتي في اللحظة الخطأ.

 

كذلك تعد آلية التوقيت هذه ما يسمح للدماغ بالتقاط صوت في غرفة صاخبة أو التركيز على شيء واحد. وعندما يتم تعطيل إيقاعات غاما، كما لوحظ في اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والفصام ومرض الزهايمر، يمكن أن تصل الإشارات خارج الإيقاع وتفشل في الوصول بشكل نظيف، مما يؤدي إلى ضعف الانتباه وأداء الذاكرة.

 

صعوبة استبعاد المشتتات

وفي أدمغة مرضى اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، قد يكون ضعف تزامن غاما هو السبب في نقص الانتباه، ما يجعل من الصعب استبعاد المشتتات.

 

ففي عام 2016، وجدت دراسة رائدة أن تعريض فئران نموذجية لمرض الزهايمر لأضواء وامضة بتردد 40 هرتز - والمعروفة أيضاً باسم طول موجة غاما - (تم دمجها لاحقاً مع الأصوات) قلل من لويحات الأميلويد ونشط الخلايا المناعية التي تساعد في التخلص من البروتينات السامة. وقد واصل العلماء تطوير تحفيز وميض الضوء لتحفيز تذبذبات موجات غاما لدى مرضى الزهايمر.

تعزيز المعالجة الانتقائية

إذاً بشكل عام، تظهر هذه النتائج الجديدة أن الإدراك السليم له علاقة وثيقة بالتوقيت. فإيقاعات الدماغ تحدد النبضات وتتدفق المعلومات بشكل أفضل عندما تتوافق الإشارات مع ذروة النشاط في الخلايا العصبية.

 

فيما يفتح هذا الاكتشاف الباب أمام تطوير تدخلات جديدة لتحسين الانتباه والذاكرة، إضافة لتصميم تقنية واجهة الدماغ والحاسوب التي تعزز المعالجة الانتقائية وتخزين المعلومات.