د. شعيب خلف: الثقافة رسالة انتماء ووطنية نغرسها في وجدان الأجيال الجديدة

على هامش ملتقى "المبدع الصغير" بالعريش، كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور شعيب خلف القائم بأعمال رئيس إقليم القناة وسيناء الثقافي، الذي تحدث عن خطط الإقليم لاكتشاف المواهب، والتحديات التي تواجه الثقافة فى الاقليم، فضلًا عن سيرته الأكاديمية والإبداعية.

قال د. شعيب إن قصور الثقافة تمثل بيئة خصبة لاكتشاف الموهوبين، حيث تضم أماكن مخصصة لتعليم الموسيقى، وورش للفنون التشكيلية، ونوادي أدب للكبار والصغار، وأندية علوم وتكنولوجيا وتذوق فني وموسيقي، مضيفًا: "كل هذه المساحات قادرة على إفراز مبدع حقيقي، وكثير من الفنانين الكبار بدأوا من قصور الثقافة، ولا يوجد شاعر أو فنان بارز إلا ومرّ بتجربة نوادي الأدب".

وأوضح أن آليات الاكتشاف تتم من خلال الورش والأنشطة المفتوحة للجمهور، حيث تتضح موهبة الطفل أو الشاب بمجرد خضوعه للتجربة.
أكد رئيس الإقليم أن هيئة قصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان توفر الدعم للمبدع منذ بداياته: "نمنح الطفل أو الشاب الأدوات والمواد اللازمة، سواء في ورش الفن التشكيلي أو الموسيقى أو غيرهما، مع إشراف متخصصين، وغالبًا يكون القائمون على العمل الإداري أنفسهم من المبدعين".

وأشار إلى أن الإعلان عن الورش والأنشطة يكون مفتوحًا للجميع، ما يتيح فرصة متكافئة لكل موهبة ناشئة.
شدد “شعيب” على أن رسالة قصور الثقافة هي خدمة المتلقي أيًا كان عمره: "الثقافة تبدأ مع الطفل منذ شهوره الأولى كما يبدأ تعلم السباحة، وكلما كان العمر أصغر كلما تأقلمت أصابعه مع الآلة الموسيقية أو أدوات الفن، فيبدع بشكل أسرع".

ولفت إلى أن أندية التكنولوجيا والعلوم تتيح أيضًا المجال للشباب لممارسة جوانب إبداعية علمية بجانب الثقافية والفنية.
وكشف د. شعيب عن رحلته الأكاديمية، قائلًا إنه عُيّن بالهيئة منذ عام 1994، وحصل على الماجستير في البلاغة والنقد الأدبي عام 1996 من جامعة المنيا، ثم عمل أستاذًا بجامعة الفاتح في ليبيا بين 1998 و2005، قبل أن ينال الدكتوراه من جامعة عين شمس في البلاغة والنقد الأدبي.
كما أصدر نحو 15 كتابًا من بينها دواوين شعر وروايات ودراسات نقدية، وله أكثر من 105 دراسات منشورة في دوريات علمية ومجلات ثقافية داخل مصر وخارجها، منها "الثقافة الجديدة"، "إبداع"، "أدب ونقد"، و"الرافد" الإماراتية.
وأشار إلى أن ديوانه الأخير "حكايات الخبيثة تمشي بحرية كاملة دون أوراق ثبوتية" حصد الجائزة الأولى على مستوى الوطن العربي من بين 45 ديوانًا مشاركًا.
وتحدث رئيس الإقليم عن أبرز التحديات، مشيرًا إلى أن بعض المسارح متوقفة بسبب اشتراطات الحماية المدنية أو الصيانة، ما يضطرهم لاستخدام مسارح بديلة، مثل التعاون مع وزارة التربية والتعليم أو مراكز الشباب.
وقال: "الثقافة ليست حكرًا على القصور والبيوت، بل نذهب إلى المدارس، مراكز الشباب، المساجد والكنائس. وهناك بروتوكولات تعاون مع بعض الوزارات الشباب والرياضة، التربية والتعليم، والهدف أن نقدم خدمة ثقافية للوطن كله".
عن فكرة الاستثمار في قصور الثقافة، أوضح شعيب أن الوزارة بدأت بالفعل في تطبيق بعض الخطط، منها استغلال أسوار القصور في المدن الكبرى بالتعاون مع شركات الاتصالات أو البنوك، وغيرها من الخطط، مع الحفاظ في الوقت نفسه على الدور الأساسي للثقافة الجماهيرية كخدمة مجانية.
وأضاف: "الحفلات والكتب والمكتبات مجانية، لكن هناك بعض الأنشطة التدريبية مثل الموسيقى والفن التشكيلي تقدم بسعر رمزي مدعم، مع منح شهادات معتمدة تفيد المتدرب في مستقبله".
وبعث رئيس إقليم القناة وسيناء برسالة من قلب العريش: "حين نستضيف أكثر من مائة طفل مبدع على أرض سيناء، فهذه رسالة كبرى للعالم بأن هذه الأرض مصرية خالصة، معجونة بدماء الشهداء من أجدادنا وآبائنا. الثقافة هنا ليست مجرد نشاط، بل هي رسالة انتماء ووطنية نغرسها في وجدان الأجيال الجديدة".

يذكر أن ملتقى المبدع الصغير يقام بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر د. مسعود شومان، ومن خلال الإدارة العامة لرعاية المواهب برئاسة المخرج محمد صابر، بالتعاون مع إقليم القناة وسيناء الثقافي بإدارة د. شعيب خلف، وفرع ثقافة شمال سيناء برئاسة أشرف المشرحاني.
ويتضمن برنامج الملتقى 16 ورشة فنية وأدبية يقدمها نخبة من المدربين المتخصصين، ويستمر حتى 11 سبتمبر الجاري، بمشاركة نحو 100 طفل من مختلف محافظات مصر، بينهم 20 من الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير، بالتنسيق مع المركز القومي لثقافة الطفل.
ويأتي ذلك في إطار استراتيجية وزارة الثقافة التي تهدف إلى دعم المواهب، وتنمية قدرات النشء، بما يسهم في بناء جيل قادر على الابتكار والمنافسة في شتى المجالات الثقافية والفنية.