في عيد الفلاح .. شقاء طويل والحصاد مر

تحديات متراكمة ومشاكل بالجملة تثقل كاهل الفلاحين عامًا بعد الآخر، نتيجة تراكم المشاكل وعدم توفير المستلزمات، على رأسها عدم توافر الأسمدة فى الجمعيات الزراعية، ما يدفع المزارعين للجوء إلى السوق السوداء لإنقاذ محاصيلهم وعدم إهدار جهودهم، الأمر الذى خلق حالة من الغضب والأستياء بين عماد الأقتصاد الزراعى.
وبمناسبة عيد الفلاح الذى يوافق 9 سبتمبر من كل عام، يجب التعرف على أزمات «الفلاحين» ومشاكلهم ومحاولة إيصال صوتهم إلى المسؤولين، للعمل على حلها ورفع المعاناة عنهم، كونهم عماد الاقتصاد الزراعى وقاعدة الإنتاج الغذائى فى البلاد.
الإسكندرية .. أزمات متراكمة ومطالب لا تنتهى
الإسكندرية ـ شيرين طاهر:
مع مرور السنوات توارث الفلاح مشكلات متراكمة وديونًا لا تنقطع، ورغم الآمال الكبيرة بأن ينال مكانته المستحقة كرمز للعطاء منذ العصور الفرعونية وحتى اليوم، إلا أن الواقع يؤكد أن التحديات تزداد يومًا بعد يوم، فقد تعاقبت حكومات بعضها أنصف الفلاح، وأخرى فرضت عليه الضرائب واحتكرت منتجاته، واليوم يقف الفلاح المصرى فى مواجهة مباشرة مع ارتفاع أسعار البذور والأسمدة، وأزمة ضعف مياه الرى، بجانب تأثير التغيرات المناخية التى تضاعف أعباء الحياة اليومية وتجعلها أكثر صعوبة، فى ظل غياب الدعم الكافى من الجهات المعنية.
رأى الفلاح
قال المزارع سعيد عبد الحي: « الفلاح المصرى يواجه تحديات كثيرة تهدد حياته المعتمدة على الزراعة، بدءًا من التغيرات المناخية القاسية، ومرورًا بارتفاع أسعار البذور والمبيدات بشكل غير مسبوق، وصولًا إلى نقص الأسمدة والأيدى العاملة، هذه الأزمات أدت إلى تراجع حاد فى إنتاجية المحاصيل، وارتفاع أسعارها بالأسواق، ليجد الفلاح نفسه فى يوم عيده مثقلًا بالديون بدلاً من الاحتفاء بدوره».
« خسائر فادحة»
أكد المزارع عمرو السيد أن التغيرات المناخية ووقف الصادرات كبّدا المزارعين خسائر فادحة:«الحرارة الشديدة أتلفت محصول الطماطم، بجانب وقف التصدير الذى أدى إلى كساد المحصول بالأسواق.. التجار استغلوا الأزمة واشتروا منا بأبخس الأسعار ثم باعوا بأضعافها، كما زادت الآفات بسبب الحرارة، والرياح أسقطت أزهار البطيخ والخيار فانخفض الإنتاج وارتفعت الأسعار، وحتى الأسمدة لم نعد نحصل منها إلا على شيكارتين للفدان بعد أن كانت خمسًا، وبأسعار مرتفعة جدًا».
المزارع عزوز عبيد عبّر عن غضبه قائلاً: « نحن نعيش معاناة كبيرة لا يشعر بها أحد. رغم أن الرئيس السيسى يطالب الحكومة بالاهتمام بالفلاح، إلا أننا لم نر شيئًا ملموسًا. أسعار الأسمدة ترتفع يومًا بعد يوم، والجمعيات الزراعية لا توفر الكميات، فانتشرت السوق السوداء، كما أن الحرارة المرتفعة أضعفت سنابل القمح وأثرت على إنتاجيته، والحشرات كدودة الخريف باتت تهدد المحاصيل، وصغار الفلاحين هم الأكثر معاناة فى ظل غياب سعر عادل لتوريد القمح».
قال المزارع عبد الله محمد، تغير فصل الشتاء العام الماضى وأدى غياب الأمطار فى أكتوبر ونوفمبر إلى تأخر زراعة الشعير، الذى يعتمد 90% على الأمطار و10% فقط على الآبار، تساقط الأمطار جاء فى أبريل ومايو بشكل أربك حساباتنا، فتضاعفت الخسائر، وأصبحنا أمام واقع جديد يفرض نفسه على الزراعة المصرية.
كشف المزارع طه إسماعيل، أنه اضطر للتوقف عن زراعة البطيخ: « ورثت الأرض مصدرًا لرزقى، لكن مع ارتفاع أسعار البذور والمبيدات والأسمدة لم يعد بإمكانى الاستمرار، نحن نواجه نقصًا فى مياه الرى وأزمة حادة فى اليد العاملة، بعدما ترك الشباب المهنة وهاجروا للمدن بحثًا عن عمل آخر».
المزارع إبراهيم عاصى قال، لم أعد أملك المال لشراء الأسمدة، واضطررت لتأجير أرضى وزراعتها بالبرسيم بدلًا من المحاصيل الرئيسية، أزمة الأسمدة متفاقمة بسبب تلاعب الجمعيات الزراعية فى التوزيع، حيث يحصل بعض الأفراد على كميات أكبر بينما يُحرم آخرون. الشيكارة تجاوز سعرها 1100 جنيه، والجمعيات عاجزة عن توفير الكميات اللازمة.
قال المزارع هشام الصياد، إن محصول القمح يحتاج درجات حرارة معتدلة لينمو، لكن الحرارة المرتفعة أصابته بأمراض كالصدأ الأصفر والمن الدقيقى، ما أدى لتراجع إنتاجية الفدان إلى 6 أردب فقط، كما جفت بعض الترع والمصارف، واضطر بعض الفلاحين لاستخدام مياه المصارف الزراعية والصحية فى الرى، وهو ما يشكل خطرًا على صحة المصريين.»
وأكد حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب عام الفلاحين، عيد الفلاح ليس مجرد مناسبة للاحتفاء، بل فرصة لتسليط الضوء على التحديات التى تواجه الفلاح المصرى، من نقص الأسمدة وارتفاع التكاليف إلى غياب الدعم الحكومى.
وأكد أن النقابة تنظم احتفالات سنوية لتكريم كبار المزارعين وأصحاب الإنتاجية العالية، وتعرض خلالها إنجازات الفلاحين وما يواجهونه من صعوبات، حيث يُعد العيد مناسبة لتبادل الخبرات وتنظيم معارض وورش عمل لتطوير أساليب الزراعة وزيادة المعرفة الزراعية.
مشاكل الفلاحين تجاوزت قدرة الحكومة
كتب- ياسر مطرى:
مع حلول التاسع من سبتمبر من كل عام، يحتفل المصريون بـ«عيد الفلاح» الذى يتزامن مع العيد القومى لمحافظة الشرقية، تعود إلى الواجهة قضية الفلاح المصرى الذى يُعَد عماد الزراعة، وأحد ركائز الأمن الغذائى، ففى الوقت الذى يُفترض أن تمثل المناسبة فرصة لتكريم جهوده، يجد الفلاح نفسه هذا العام فى مواجهة تحديات متفاقمة من نقص الأسمدة والمبيدات، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وغياب العدالة فى تسعير المحاصيل الاستراتيجية، وعلى رأسها القمح.. واقع يثير مخاوف من تراجع زراعة القمح لصالح محاصيل أخرى أكثر جدوى اقتصادية، ما يهدد بآثار خطيرة على مستقبل الأمن الغذائى المصرى.
يقول الحاج محمد عبدالستار، النقيب العام للفلاحين الزراعيين، إن الفلاح المصرى يحارب بلا سلاح، موضحًا أن الفلاحين يبذلون جهدًا مضاعفًا لتحقيق الاكتفاء الذاتى رغم ضيق الإمكانيات، لافتًا إلى أن 30% من حصص الأسمدة لم تُصرف للفلاحين حتى الآن، ومع نهاية سبتمبر ستضيع هذه الحصة مع دخول الموسم الشتوى، وهو ما يعنى كارثة لمحصول القمح، مشددًا على أن مشكلات الفلاحين تجاوزت قدرات وكلاء الوزارات ووزير الزراعة، وأصبحت فى حاجة إلى تدخل رئاسى مباشر.
وأوضح عبد الستار أن أزمة نقص الأسمدة تعود إلى التوسع فى التصدير على حساب السوق المحلى، ما انعكس سلبًا على توافر الحصص فى الجمعيات الزراعية، مشيرًا إلى أن بعض الشركات والدول المستوردة سيطرت على سوق المبيدات الزراعية، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق حتى وصلت الشيكارة الواحدة 1300 جنيه، مطالبًا الحكومة بتغطية احتياجات السوق المحلى أولًا قبل التوسع فى التصدير.
من جانبه، أكد محمود إبراهيم السيد أن زراعة القمح لم تعد مجدية اقتصاديًا للفلاحين مقارنة بزراعة البرسيم، حيث تصل تكلفة الخدمة لـ «فدان القمح» إلى نحو 16.5 ألف جنيه، بينما لا يتجاوز صافى ربحه 22 إلى 24 ألف جنيه، فى حين يحقق فدان البرسيم عائدًا يتراوح بين 39 و42 ألف جنيه بتكاليف بسيطة، ما يجعل الفلاح يميل لزراعة البرسيم أو محاصيل بديلة تضمن له تغطية النفقات ومصاريف أسرته.
وأضاف السيد، أن البرسيم يتميز بقدرته على تحسين خصوبة التربة وتلبية الطلب المستمر كعلف للحيوانات، فى حين يظل القمح محصولًا استراتيجيًا للدولة، إلا أن سعر التوريد الحكومى لا يغطى التكلفة الفعلية للزراعة، رغم رفع سعر التوريد هذا الموسم من 2200 جنيه إلى 2350 جنيهًا كحد أقصى للأردب فى موسم 2025/2026.
أما مصطفى عبد العال، فأشار إلى أن تراجع الجدوى الاقتصادية للزراعة انعكس على العمالة الزراعية، حيث هجر كثير من العمال الحقول واتجهوا إلى أعمال أخرى تحقق دخلًا أفضل مثل قيادة «التوك توك» أو العمل فى مصانع العاشر من رمضان والصالحية الجديدة، موضحًا أن اليومية التى قد تصل إلى 500 جنيه فى بعض المهن لم يعد من الممكن تحقيقها فى الزراعة، خاصة مع انخفاض إنتاجية الفدان وارتفاع تكاليف الخدمة.
وأضاف أن ارتفاع قيمة إيجار الأراضى الزراعية ساهم فى تضخم تكلفة الإنتاج، ليجد الفلاح نفسه بين مطرقة التكاليف الباهظة وسندان الأسعار المنخفضة للمحاصيل، ما يجعل الاستمرار فى الزراعة عبئًا ثقيلًا لا يطاق.
أزمات مزارعى الدقهلية.. مسلسل لا ينتهى
كتب- أسامة الجارية:
لم يكن بإمكان أكبر المتشائمين أن يتوقع الحالة المتردية التى وصل إليها قطاع الزراعة فى مصر، حتى باتت أقدم مهنة عرفتها مصر، على شفا الانهيار، نتيجة التخبط فى السياسات الحكومية، وغيرها من العوامل التى دفعت الآلاف من العاملين بالزراعة إلى هجرة أراضيهم، والبحث عن مصادر دخل بديلة لهم ولأسرهم، بعدما أصبح ما تجود به الأرض لا يكفى لسد احتياجاتهم، فقد ترددت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلاح المصرى وتزايدت همومه ومشاكله.
وتنوعت صور استغلاله وإهدار إنتاجه، وضرب الحصار حوله بفعل السياسات العقيمة فجعلته يعيش فى خطر محدق ويفقد الأمل فى المستقبل الذى ضاع بعد أن اغتالته السياسات الإحتكارية المتوحشة، وكانت سببا جوهريا فى أن يصاحب ذلك حالات من تمرد جيل الشباب من الفلاحين على أرضهم وزرعهم، ومعه أصيب بأمراض جديدة مستعصية، جاءت أمراض الفشل الكلوى والفيروس الكبدى الوبائى التى انتشرت على أثر تراجع الرعاية الصحية، وتلوث الماء والغذاء.
وأكد مزارعو الدقهلية، أنهم يواجهون أياما صعبة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع ارتفاع أسعار كل المستلزمات الزراعية من أسمدة وتقاوي ومبيدات وأجرة المعدات الزراعية، وإيجار الأراضي وانخفاض ملحوظ لأسعار المنتجات الزراعية مع تراجع الاهتمام بمشاكل وهموم الفلاحين .
وأضاف المزارعون، أن مشكلة ارتفاع أسعار الأسمدة وعدم التزام المصانع بتوريد الحصة المخصصة كسماد مدعم والمحددة بـ 55%من إنتاجها يؤدي لعدم وصول السماد المدعم للجمعيات الزراعية بالكميات المطلوبة وفي الأوقات المناسبة مما يجبر الفلاحين على شراء الأسمدة من السوق السوداء خاصة أننا في ذروة احتياج المحاصيل الصيفيه للأسمدة.
ومن جانبه أكد محمد فهمى–مزارع- إننا نعانى مشكلتين الأولى غلاء الأسمدة والمستلزمات الزراعية والسولار المستخدم فى تشغيل آلات الري، والثانية تتمثل فى انخفاض أسعار منتجاتنا من المحاصيل الزراعية كالقطن والأرز، وهى محاصيل رئيسية للفلاح ، الأمر الذى سبب أزمة مالية يعانى منها معظم الفلاحين بقرى المحافظة الآن، بالإضافة إلى الارتفاع الحنونى فى أسعار أعلاف المواشى التى نربيها، وتعد مصدر الدخل الرئيسى لنا ، وأقترح أن يتم استخراج تدعيم أسعار الطاقة المستخدمة فى آلات الرى والأراضى الزراعية .
وطالب عادل زكريا- مزارع- بعودة الدورة الزراعية، وتفعيل الزراعة التعاقدية على كافة المحاصيل، وإنشاء صندوق التكافل الزراعي، وتسريع الانتهاء من مشروع «حياة كريمة»، واستكمال مشروع تبطين الترع، فضلا عن تخفيض أسعار الكهرباء للمشاريع الزراعية، والتوسع في الصناعات الزراعية.
ويقول المزارع السيد سعد عبد الحليم أحد أهالى قرية كفر حمودة مركز ههيا- إن صغار المزارعين يعانون الأمرين أثناء موسم الزراعة لحظر صرف الأسمدة للمساحات التى تقل عن 8 قراريط ولم يجدوا أمامهم سوى اللجوء للسوق السوداء لشراء احتياجاتهم من الأسمدة بأسعار مضاعفة.
كما طالب بضرورة إعادة النظر فى سياسة الأسمدة لتحقيق العدالة والمساواة بين المزارعين لإحداث طفرة فى الإنتاج الزراعي.
وقال حسن جلال–مزارع- إن الفلاح أصبح محاصرا بين الأزمات المختلفة حيث يخرج من أزمة لأخرى والفلاح «مش عارف يلاقيها منين ولا منين».
ويعانى الفلاح من نقص كميات الأسمدة التى يحصل عليها من الجمعية الزراعية، حيث يتم صرف ٣ شكائر أسمدة فقط لفدان الأرز فى حين إنه يحتاج الى شكائر ولم يجد المزارع أمامه سوى شراء باقى احتياجاته من السوق السوداء بأسعار باهظة حيث يتم شراء شيكارة الاسمدة زن50 كيلو بسعر 1500جنيه.
ولفت “محمود السيد مزارع، إلى أن المزارعين يعانون الأمرين من مشكلة ضعف مياه الرى وعدم وصولها الى نهايات الترع ولم يجدوا أمامهم سبيلا سوى اللجوء لمياه الصرف الزراعى المخلوطة بمياه الصرف الصحى لرى أراضيهم لحمايتها من العطش والتلف والموت.
وأضاف أن معاناة المزارعين لم تقف معاناه عند هذا الحد بل امتدت الى زيادة تكلفة زراعة فدان الأرض نتيجة ارتفاع أسعار المواد البترولية ومستلزمات الإنتاج والايدى العاملة بصورة لا تتناسب مع اسعار المحاصيل الزراعية التى تحددها الحكومة، فضلا عن اختفاء التقاوى المنتقاة وترك المزارعين فريسة للتجار معدومى الضمائر الذين يتاجرون فى التقاوى الفاسدة التى تلحق بالمحصول أضرارا جسيمة.
وطالب «شريف النادى مهندس زراعى» بتطبيق قانون الزراعات التعاقدية قد يكون الحل الأمثل لمشكلة غياب الدورة الزراعية وتعثر عمليات التسويق، مع الالتزام بما نص عليه الدستور من إلزام الدولة بشراء المحاصيل الأساسية بهامش ربح، ورجوع البنك الزراعي المصري لدوره الأساسي بدعم الفلاحين ماليا بطرق ميسرة وفوائد بسيطة.
وأقترح أن تقوم الدولة بتطبيق ما يسمى الاحتكار العادل، بحيث تكون الدولة هى المستقبل الوحيد للمحاصيل الزراعية، ومراعاة الموازنة بين التكاليف وسعر المحصول، وإطلاق حملات صحية لتلافى الأمراض التى يمكن أن تصيب الفلاحين من خلال تعاملهم اليومى مع المبيدات والمياه الملوثة فى بعض الأحيان.
رفع أسعار توريد المحاصيل.. أحلام القناوية
كتب- محمد عبدالصبور:
طالب مزارعو محافظة قنا، الحكومة بسرعة التدخل لحل أزمة نقص الأسمدة الكيماوية، ورفع أسعار توريد المحاصيل الاستراتيجية، خاصة قصب السكر والقمح، لمواكبة الارتفاع الكبير فى تكاليف مستلزمات الإنتاج، مؤكدين على أهمية دعم الميكنة الزراعية وتقليص فترات مناوبات الرى لتحسين العملية الزراعية.
النقص الحاد فى الأسمدة الكيماوية، سواء فى مخازن الجمعيات التعاونية الزراعية أو فى منافذ الشركة المصرية الزراعية، خاصة فى قرية خزام التابعة لمركز قوص جنوب محافظة قنا، يُعد أبرز الأزمات التى يعانى من الفلاحين فى الفترة الراهنة.. هذا ما أكده أحمد محمد أبو الوفا، مزارع من مركز قوص وعضو مجلس الاتحاد التعاونى المركزى بالجمعية الزراعية.
وشدد «أبو الوفا» على ضرورة رفع أسعار توريد المحاصيل الاستراتيجية التى تشتريها الدولة من المزارعين، وفى مقدمتها قصب السكر والقمح، مشيرًا إلى أن هذا أصبح أمرًا ملحًا فى ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومبيدات ووقود وأجور عمالة.
لكن محمود أحمد الطنانى، مزارع وعضو مجلس إدارة جمعية التعاون الزراعى بالقمانة بنجع حمادى شمال قنا، أكد أن مطالب المزارعين تتمثل فى رفع سعر توريد محصول قصب السكر من 2500 جنيه – كما أعلنت الحكومة مؤخرًا – إلى 3000 جنيه للطن كحد أدنى، لمواكبة ارتفاع تكاليف الزراعة.
ولفت «الطناني» إلى أن السعر الحالى لا يغطى تكلفة الإنتاج ولا يحقق طموحات المزارعين، مؤكدًا أن 3000 جنيه هو السعر العادل الذى يراعى الظروف الاقتصادية الراهنة للبلاد، مؤكدًا أن أزمة نقص الأسمدة الكيماوية بحاجة إلى حل جذرى، من خلال إلزام مصانع الأسمدة بتوفير الكميات المطلوبة للسوق المحلى ووقف التصدير مؤقتًا حتى تحقيق الاكتفاء الذاتى، لافتًا إلى أن الأسمدة تُنتج محليًا، وبالتالى يجب أن تكون الأولوية لتغطية احتياجات المزارعين داخل مصر.
حل الأزمة التى يعيشها الفلاح جاء فى رأى «الطناني» بتوفير الأسمدة الكيماوية على مدار العام، وإلغاء العمل بنظام الموسم، الذى يتسبب فى حرمان كثير من المزارعين من الحصول على مقرراتهم السمادية، مطالبًا أن تتبنى شركات السكر فكرة سداد ثمن الأسمدة عن المزارعين المتعثرين، على أن يتم خصمه لاحقًا من مستحقات التوريد، كما هو معمول به فى تسديد ثمن الشتلات والمخصبات الزراعية.
أما شكرى القوطلّى سليم، مزارع من قرية الرئيسية، فتحدث عن أزمة تأخر صرف مستحقات موردى قصب السكر حتى الآن، مطالبًا بإلغاء هذا النظام وصرف مستحقات التوريد أولًا بأول.
ودعا القوطلّى إلى تشكيل لجنة من المزارعين تضم أعضاء من نقابة الفلاحين وموردى القصب، تكون مهمتها مراقبة موازين شركات السكر ونسب خصم الشوائب، وهى من أبرز ما يقلق المزارعين خلال موسم التوريد. كما شدد على ضرورة حسن تعامل مندوبى شركة السكر مع المزارعين فى مناطق التوريد.
وفى سياق متصل، تحدث أحمد أبو سحلى، مزارع من مركز فرشوط، عن معاناة المزارعين من طول فترات انقطاع المياه بين مناوبات الرى، والتى وصلت إلى 12 يومًا انقطاع مقابل 6 أيام رى، خاصة فى منطقتى فرشوط والدهسة، موضحًا أن هذه الفترات غير مناسبة لمحصول قصب السكر، خصوصًا فى فصل الصيف الذى تزداد فيه احتياجات المحصول للمياه، مطالبًا بتقليص مدة انقطاع المياه خلال الصيف.
من جهته، طالب عبد الناصر عبد العال، مزارع بقرية زليتن بنجع حمادى، بضرورة دعم المزارعين بالميكنة والآلات الزراعية التى تسهل عمليات الزراعة والحصاد، وتخفف من الاعتماد على العمالة اليدوية التى أصبحت مرتفعة التكاليف ونادرة، مشددًا على أهمية إعادة النظر فى سعر أردب القمح، بما يواكب ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، ويشجع المزارعين على التوسع فى زراعة المحصول الاستراتيجى.
المنوفية تطالب بعدالة في تسعير المحاصيل
المنوفية – سناء عثمان:
محافظة المنوفية، من المحافظات الزراعية الهامة والتى تُغطّى أراضيها الزراعية أكثر من ثلثى مساحتها، وتشتهر بإنتاج محاصيل استراتيجية مثل القطن، والقمح، والأرز، والذرة، وتحديدًا من قرية سدود التابعة لمركز منوف، أجمع الفلاحين على مطلب واحد وهو العدالة فى تسعير المحاصيل وتوفير مستلزمات الزراعة.
فى البداية يقول سيد الرفاعى، فلاح ستيني:«قضيت عمرى بين الأرض، ولن أتركها حتى آخر يوم، لكن للأسف، الأمور أصبحت صعبة؛ البركة قلت، والإنتاج تراجع، والأجر لا يكفى نفقات المعيشة».
ويُضيف الشاب أحمد شوقى، خريج دبلوم فنى، اتجه إلى الزراعة بعد تعذر الحصول على وظيفة: «اتجهت لمهنة أجدادى، لكننا أصبحنا نعانى بشدة، كل عناصر الإنتاج زادت تكلفتها، من سولار وكيماوى وأجور عمال، بينما أسعار المحاصيل لا توازى الجهد والتكلفة».
أما إبراهيم ربيع، فلاح من مركز أشمون، فقال: «إحنا مطحونين. الجمعية الزراعية بتصرف 2 شكارة كيماوى فقط للفدان، والفدان بيحتاج من 4 إلى 5 شكائر. لتر السولار وصل لـ15.75 جنيه، ومياه الرى قليلة، ناهيك عن إيجارات الأرض اللى بقت نار، القيراط بـ3 آلاف جنيه»، مشيرًا إلى أن أمل المزارعين الوحيد هو أن تُصغى الدولة لمطالبهم، وتنفذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى أكد مرارًا أهمية دعم الفلاح باعتباره عصب الإنتاج الزراعى فى مصر.
من جانبه، أوضح المهندس ناصر أبو طالب، وكيل وزارة الزراعة بالمنوفية، أن الدولة تُولى اهتمامًا بالغًا بالقطاع الزراعى والثروة الحيوانية، باعتبارهما عنصرين أساسيين لتحقيق الأمن الغذائى والتنمية الريفية المستدامة، مؤكدًا أن هناك توجهًا لرفع أسعار عدد من المحاصيل الزراعية، بالتوازى مع تشديد الرقابة على المهندسين الزراعيين لضمان تواصلهم المستمر مع الفلاحين، وتقديم الدعم اللازم من خلال توفير الأسمدة، وتطهير الترع، وتحسين خدمات الرى.
وأشار إلى أن منظومة الحيازة الإلكترونية ستُسهم فى القضاء على معظم مشكلات توزيع الأسمدة، حيث تضمن لكل مزارع الحصول على حصته الكاملة، موضحًا أن الجمعيات الزراعية بالمحافظة تتوفر لديها حاليًا نحو 2000 طن من الأسمدة (يوريا ونترات)، موضحًا أنه تم إصدار 736 ترخيص تشغيل منذ بداية العام، تشمل مزارع دواجن، مصانع، ومحلات أعلاف. كما أُجريت معاينات ميدانية لـ13 مشروعًا متنوعًا، من بينها مزارع ماشية، مراكز تجميع ألبان، ومنحل، فى إطار التوسع فى دعم المشروعات الزراعية الصغيرة والمتوسطة، لافتًا إلى الانتهاء من توزيع أكثر من 35 ألف طن من نترات ويوريا الإئتمان للموسم الصيفى، إلى جانب المرور الميدانى على 1405 أفدنة من الخضر والفاكهة لتقديم الإرشادات الفنية وحل المعوقات.
وفى إطار الحفاظ على الرقعة الزراعية وتحسين منظومة الرى، تم تطهير نحو 34.2 كيلومتر من المساقى الخصوصية فى عدد من مراكز المحافظة (قويسنا، منوف، الباجور، تلا، أشمون، والشهداء)، لخدمة نحو 4212 فدانًا، مؤكدًا أن هذه الجهود تأتى تنفيذًا لتوجيهات اللواء إبراهيم أبو ليمون، محافظ المنوفية، بوضع خطة شاملة لتطهير المجارى المائية، بما يقلل من فاقد المياه، ويُحسن كفاءة الرى، ويحافظ على البيئة، ويحد من انتشار الأمراض حفاظًا على صحة المواطنين.