«حقوق المصطفى».. كيف نُوفي العهد مع النبي في ذكرى مولده الشريف؟
في ذكرى المولد النبوي الشريف، يتجدد الحديث حول حقوق النبي ﷺ على أمته، تلك الحقوق التي تمثل جوهر العلاقة بين المؤمنين ورسولهم، والتي أكد عليها القرآن الكريم والسنة المطهرة، فقد قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}، وهو ما يرسخ أن مقامه الشريف فوق كل مقام، وأن حقه مقدم على كل حق.
أولى الحقوق.. الإيمان الصادق والمحبّة الخالصة
من أبرز حقوق النبي ﷺ على أمته:
الإيمان به وتصديق نبوته، واليقين بعصمته فيما بلّغ عن ربه.
محبته والشوق إليه، بحيث يكون أحبّ إلى المؤمن من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين.
الإكثار من الصلاة والسلام عليه، امتثالًا لأمر الله في قوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
الطاعة والاتباع.. السبيل إلى رضا الله
يتأكد حقه ﷺ كذلك في:
طاعته فيما أمر، والانتهاء عما نهى عنه.
اتباع سنته، وإيثار شرعه على الهوى والشهوة.
الاقتداء به في المعاملات والأخلاق، فهو الأسوة الحسنة للمؤمنين في حياتهم كلها.
التعظيم والنصرة والدفاع عن سنته
من حقوقه ﷺ أيضًا:
تعظيمه وتوقيره، بما يليق بمقام النبوة.
نصرته والدفاع عن سنته، والرد على الشبهات التي تُثار حولها.
مدارسة سيرته العطرة ونشرها، والتخلق بأخلاقه في الرحمة والعدل والتواضع.
التعريف بشريعته وإظهار سماحة دينه في مواجهة الصور المغلوطة.
ومن صور الوفاء بحقه الشريف:
إكرام مشاهده وأمكنته في مكة والمدينة، وزيارة قبره الشريف.
شدّ الرحال إلى مسجده، استجابةً لقوله ﷺ: «لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» (متفق عليه).
التبرك بروضته ومنبره ومجالس الوحي التي شهدت نزول القرآن الكريم، وكل ما ارتبط بجنابه الشريف.
الكمال البشري للنبي ﷺ
وفي تصريح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، جاء أن النبي ﷺ اتصف بكل كمال بشري يليق بجنابه: من الصدق، والأمانة، والفطنة، وكمال العقل، والذكاء، وحُسن الخُلق. كما نزّهه الله عن كل ما ينفر في النسب أو الخلق أو الخُلق، وحفظه من القبايح والمعاصي، فلم يسجد لصنم قط، ولم يشرب خمرًا، ولم يعرف عنه شيء من عادات الجاهلية.
وأشار التقرير إلى أنه ﷺ جاز له ما يجوز لسائر البشر مما لا ينقص من مقامه، كالأكل والشرب والنوم والزواج، إلا أن عينه تنام وقلبه لا ينام، ليظل متصلًا بربه على الدوام.
إن حقوق النبي ﷺ على أمته ليست شعارات، بل واجبات إيمانية وأخلاقية تستلزم الطاعة والاتباع، والمحبة والتعظيم، والاقتداء والدفاع عن سنته، وزيارة مسجده الشريف. وفي ذكرى مولده المبارك، تتجدد الدعوة لأن نكون أوفياء لهذا العهد، وأن نجعل حياتنا ترجمة عملية لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
