الصادق الأمين.. أخلاق النبي قبل البعثة وبعدها

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان في مكة قبل بعثته يُلقب بـ "الصادق الأمين"، وهو لقب لم يُمنح لأحد غيره، رغم أن المجتمع المكي آنذاك كان يعيش أجواء الجاهلية المليئة بالكذب والخيانة.
وأضاف: «تخيّل رجلاً يرى الصدق من أعظم مكارم الأخلاق، فيتمسك به في وقت كان فيه الكذب عادة شائعة بين الناس، فصار هو الصادق الأمين بإذن الله».
الصادق الأمين.. شهادة الأعداء قبل الأصدقاء
يوضح علي جمعة أن أحدًا لم يتمكن يومًا من أن ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم كذبة واحدة طوال حياته، فاشتهر بالصدق والأمانة بين قومه حتى ائتمنوه على أموالهم وأعراضهم وأنفسهم، رغم معارضتهم لدعوته. ولهذا لُقّب بـ الصادق الأمين.
ويروي علي جمعة واقعة تؤكد مكانته، حينما وقف النبي صلى الله عليه وسلم على تلة صغيرة بمكة وقال لقومه: «يا معشر قريش، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقيّ؟»، فقالوا: نعم، ما جرّبنا عليك إلا صدقًا (رواه البخاري).
ردّ الأمانات عند الهجرة
ومن دلائل صدقه وأمانته، أنه عندما قرر الهجرة من مكة إلى المدينة بعد اشتداد أذى قريش للمسلمين، لم يترك المدينة سرًّا دون أن يردّ الودائع التي أودعها المشركون عنده. يقول علي جمعة: «المشركون كانوا يضعون ودائعهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم كفرهم به، لأنه لم يُعرف عنه قط خيانة أو تهاون بحق أحد».
خُلُق عظيم.. شهادة القرآن
أشار الدكتور علي جمعة إلى أن الله سبحانه وتعالى قد اختار لنا خير الرسل وخاتمهم، فشهد له في كتابه الكريم بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]. وأضاف أن الله عز وجل اصطفى نبيه ليكون أكمل الخلق ظاهرًا وباطنًا، خلقًا وخُلقًا، فكرًا ومنهجًا ودينًا وأحكامًا.
ويتابع: «إن الله تعالى أراد بفضله أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة للعالمين، فآمن به من آمن، وكفر به من كفر، وضلّ عنه من ضلّ، لكن يظلّ الحق ثابتًا بأنه خير خلق الله أجمعين».
القدوة التي لا تنطفئ
ويؤكد علي جمعة أن نعمة الإسلام تتجلى في كوننا أتباع النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي لم يكن مجرد قائد أو مصلح اجتماعي، بل قدوة متكاملة في الأخلاق والمعاملات، وصورة عملية للرحمة الإلهية في الأرض، ولهذا قال الله تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21].
وختم جمعة بقوله: «الحمد لله على نعمة الإسلام، إذ جعلنا من أتباع النبي المجتبى والحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فهو النور الذي أضاء للإنسانية طريق الحق، وهو الرحمة المهداة للعالمين».