هيئة الكتاب تنظم ندوة «صنع الله إبراهيم: مسيرة من الإبداع» تقديرا لاسهاماته

استعادة لدورها الثقافي، واحتفاء برموز الثقافة المصرية، تنظم الهيئة المصرية العامة للكتاب، في السادسة من مساء الأربعاء المقبل، ندوة بعنوان «صنع الله إبراهيم: مسيرة من الإبداع»، بقاعة علي مبارك التابعة لدار الكتب والوثائق القومية، وذلك بمقر الهيئة، تأتي هذه الندوة تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة.
يشارك في الندوة نخبة من النقاد والمبدعين، منهم الدكتور محمد سليم شوشة، والدكتور يسري عبد الله، والروائي يوسف القعيد، فيما يتولى إدارتها الدكتور عادل ضرغام، وذلك في إطار حرص الهيئة على تكريم رموز الأدب المصري المعاصر، وإلقاء الضوء على تجاربهم الإبداعية المؤثرة.
وتتناول الندوة تجربة الروائي الكبير صنع الله إبراهيم، أحد أبرز الأصوات الروائية في مصر والعالم العربي، والذي عرف، باعتماده على تقنيات جديدة في الكتابة الروائية التي تمزج بين التوثيق والتخييل، وقد قدّم على مدار مسيرته الممتدة أعمالًا شكلت علامات فارقة في الأدب العربي مثل: اللجنة، ذات، شرف، العمامة والقبعة، وردة، وغيرها من الروايات التي انشغلت بالواقع السياسي والاجتماعي المصري والعربي.
يذكر أن الروائي صنع الله إبراهيم ولد في القاهرة عام 1937، ودرس كلية الحقوق بجامعة القاهرة، وانخرط في الحركة الثقافية في خمسينيات القرن الماضي، مما انعكس بوضوح في أعماله الإبداعية، خصوصًا في روايته الأولى تلك الرائحة.
وتأتي هذه الندوة لتأكيد دور الثقافة في إلقاء الضوء على رموز الإبداع، والاحتفاء بمسيرتهم، بما يفتح أفقًا للحوار بين الأجيال المختلفة حول قيمة الأدب ودوره في مواجهة تحديات الواقع.
العامية تبحر على خليج السويس.. أمسية شعرية تختم المعرض الثالث للكتاب
من ناحية أخرى، وعلى ممشى أهل السويس المطل على الخليج، وفي ختام فعاليات معرض السويس الثالث للكتاب، الذي نظمته الهيئة المصرية العامة للكتاب، أقيمت أمسية شعرية خاصة بشعر العامية المصرية، أدارها وقدمها الشاعر حاتم مرعي. ربط مرعي بين أصوات الشعراء المشاركين بقراءات استعادة لرموز العامية الراحلين، فاستحضر نصوصًا من الكابتن غزالي، كامل عيد رمضان، عطية عليان، والشاعر الذي رحل مبكرًا أدهم الزهيري، كما قدّم صوت الشاعر مجدي عطية عبر نص نثري بعنوان "بيطل علي كورنيش مهجور"، يقول فيه :
"دموعه خلصت م القلل
شفايفه نشفت م العطش والشمس
رجليه بتدو حيثر علي أي ضلاية جنب اتنين حبيبة
ها يختفوا من قدامه
ورا جزع شجرة
رص القلل
بيغري العطشانين بالشرا
تلاتين سنة مشيهم
متكول علي صحته
بيفكر يجيب مكانه حمار
يريحه م المشي
حاطط جلابيته في سنانه الدهب
اللي ورثها عن المرحوم أبوه
طول النهار صوته زاحف
مابين الشوارع وسلالم البيوت
مدد جسمه علي كرسي رخام
بيطل علي كورنيش مهجور
كده يقدر يتطمن
انه ها يسمع دوشة الميه
وأصوات لناس عدت من سنين
ها تسليه
لحد ما يروح في سابع نومة."
كما قُرئ أيضًا نص للشاعر سمير فرج الله، الذي غيّبه المرض، بعنوان "في صحة أول مايو". فكان الحاضرون الغائبون في قلب الأمسية هم هؤلاء الشعراء الذين تركوا بصمتهم في تاريخ قصيدة العامية بالسويس.
الأمسية جمعت بين أصوات متعددة واتجاهات متباينة، من الزجل الشعبي وحتى قصيدة النثر العامية، فجاءت لوحة واسعة لتجارب ومذاقات الشعر.
المشاركون:
الشاعر أحمد أبو سمرة الذي قدّم نصًا بملامح الريف وهموم الفلاحين، ومن أجوائه:
"ماتعجنيش يامه واكفي الماجور /
السطح خالي م الحطب والأرض بور /
والشوك طرح جوه ضلوع الفلاحين /
فخ اتنصب يامه ولكل واحد دور.."
الشاعر حمدي عطية الذي قدّم قصيدة بروح صوفية شعبية، تحمل أصداء الذكر الحكيم وحالة التجلي.
الشاعرة ماجدة سعد التي تنوعت نصوصها بين الوطني والرومانسي.
الشاعرة منال صبحي التي عبّرت بصوت نسائي مشبع بروح المقاومة عن دماء الشهداء وجرح الأمهات، ومن أجوائها:
"ده دم ولادك الشهدا /
مافيش ولا مره حسبوها /
وكانوا بيضحكوا للطلق /
ولوش القنابل /
راجعين لامهم مجاريح /
فتداوي جرحهم بسمتها.."
الشاعرة مروة عبد السيد التي قرأت نصًا وجوديًا يمزج بين الفقد والخراب، ومنه:
"بين الحياه والموت /
كان ليّ بيت /
كان لي ولد /
كان لي قرايب في البلد /
... /
وأنا تحت أنقاض الهدد.."
الشاعر أمير لبيب الذي غنّى للحجاز بروح صوفية موسيقية، في نص يمزج بين الغناء والدعاء:
"الليلة صافية و القمر طالل على الأرواح /
... /
والست هاتدندن كمان "برضاك"."
الشاعر محمد أبو عمرة الذي قدّم نصًا ينحاز للتأمل الفلسفي واللغة المكثفة، ومن أجوائه:
"حدف نظره لحد الشوف /
وعاش أعمى /
وقال: عادي /
ما دام النور في ذاك الوقت راح يقطع.."
وقد تميزت الأمسية بتفاعل حار من جمهور السويس، الذين احتفوا بالتجارب الشعرية المتنوعة، فبدت المنصة وكأنها سفينة محملة بأصوات مختلفة، يجمعها بحر واحد هو بحر العامية المصرية.
بهذا الحضور الممزوج بين الأصالة والحداثة، بين الزجل والتفعيلة وقصيدة النثر، أثبتت الأمسية أن شعر العامية ما زال قادرًا على احتضان وجع الناس وأحلامهم، وأن المشهد الشعري في السويس ما زال نابضًا بالحياة، ضمن امتداد أوسع لمشهد العامية في مدن القناة وربوع مصر.