ظاهرة الفراشة في الفضاء تكشف كيف ستنتهي الشمس
الشمس .. في اكتشاف فلكي لافت، تمكن العلماء من رصد ما كان لسنواتٍ طويلة محجوبًا خلف ستار كثيف من الغبار الكوني.
وكشف تلسكوب جيمس ويب الفضائي، باستخدام أجهزته المتطورة، أخيرًا عن النواة الخفية لسديم الفراشة، وهو أحد أروع السدم الكوكبية التي عرفتها مجرتنا، مانحًا البشرية فرصة نادرة لمشاهدة سيناريو محتمل لنهاية الشمس.
رحلة الضوء عبر الغبار
سديم الفراشة، المعروف أيضًا باسم NGC 6302، يبعد نحو 3400 سنة ضوئية عن الأرض، وقد أذهل العلماء منذ اكتشافه في سبعينيات القرن الماضي بسبب شكله المذهل الذي يُشبه جناحي فراشة متألقة في الفضاء.
ورغم جماليته البصرية، ظل مركزه لغزًا غير قابل للكشف بسبب الغبار الكثيف، إلى أن جاء تلسكوب جيمس ويب بأدواته القادرة على التقاط الأشعة تحت الحمراء، ليخترق هذا الحجاب الكوني ويعرض ما وراءه.
تفاصيل مذهلة في قلب سديم يموت
الصور الجديدة كشفت عن تفاصيل غير مسبوقة داخل السديم، أبرزها وجود بلورات معدنية دقيقة مثل الكوارتز، تتشكل في حلقة كثيفة من المواد تحيط بالنجم المحتضر. كما رُصدت انبعاثات غنية بالحديد والنيكل، إضافة إلى جزيئات عضوية معقدة تُعرف بالهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات، وهي نفس الجزيئات التي تتشكل على الأرض في الدخان أو الخبز المحمص.
نشاط يفوق التوقعات
الافتراض السابق لدى علماء الفلك كان أن السدم الكوكبية تمثّل مراحل خاملة نسبيًا في حياة النجوم، لكن الدراسة الجديدة أظهرت العكس تمامًا.
وقال الدكتورة ميكاكو ماتسورا من جامعة كارديف، التي قادت الفريق العلمي: "لقد فوجئنا بمدى ديناميكية السديم... نرصد تشكّل أحجار كريمة في مناطق باردة ومستقرة، بينما تتشكل جزيئات نارية في مناطق سريعة وعنيفة، وكل ذلك داخل كيان واحد".
مرحلة قصيرة لكن حاسمة
النجم الموجود في قلب السديم، رغم حجمه الصغير نسبيًا، يتمتع بدرجة حرارة هائلة تصل إلى 220 ألف درجة مئوية. ومع ذلك، فإن هذه المرحلة من حياة النجم تُعتبر قصيرة للغاية، ولن تدوم أكثر من 20 ألف عام، وهي لحظة عابرة في عمر الكون.
شمسنا في مرآة الكون
تُشير هذه النتائج إلى أن الشمس قد تمر بتجربة مماثلة خلال نحو خمسة مليارات سنة، حين تنفد طاقتها وتتساقط طبقاتها الخارجية، تاركة وراءها سديمًا مشابهًا.
ويكون الشكل الفراشي لهذا السديم تحديدًا ناتجًا عن الحلقة الكثيفة من الغبار في مركزه، التي تُوجّه الغاز نحو فصين ممدودين، فتتخذ السحابة شكلاً أشبه بجناحين عملاقين.
أسرار الغد في سماء اليوم
هذا الكشف العلمي لا يمنحنا فقط فهمًا أعمق لتطور النجوم، بل يقدم أيضًا لمحة علمية لما قد يبدو عليه المشهد الأخير للشمس. وبينما تمتد أجنحة سديم الفراشة لثلاث سنوات ضوئية في الفضاء، فإن ما يحدث في قلبه يضيء الطريق أمام علم الفلك، ويفتح آفاقًا جديدة لفهم مصير النجوم.