احذر.. ذهان الذكاء الاصطناعي يصيب من يفرط في استخدام روبوتات المحادثة

أطلق مصطفى سليمان، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في شركة مايكروسوفت، تحذيراً لافتاً بشأن ظاهرة متصاعدة أطلق عليها اسم "ذهان الذكاء الاصطناعي"، مشيراً إلى تزايد عدد الحالات التي يُصاب فيها مستخدمون أصحاء بأوهام واضطرابات عقلية نتيجة التفاعل المفرط مع روبوتات المحادثة مثل ChatGPT وGrok.
وتعكس هذه الظاهرة، التي لا تزال خارج التصنيفات الطبية الرسمية، بحسب سليمان تحولًا مثيرًا للقلق في العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا.
محاكاة الوعي... خداع العقل
رغم عدم وجود دليل علمي على امتلاك أنظمة الذكاء الاصطناعي لأي شكل من أشكال الوعي، إلا أن سليمان يحذر من أن المحاكاة المتقدمة لمظاهر الإدراك البشري باتت مقنعة إلى درجة تدفع بعض المستخدمين إلى تصديق أن هذه الأنظمة حية أو تمتلك نوايا خاصة.
ويقول: "إذا بدا الذكاء الاصطناعي واعياً في نظر الناس، فسيتعاملون معه على هذا الأساس، بغض النظر عن الحقيقة العلمية".
قصص واقعية تكشف عمق المشكلة
ظهرت العديد من الحالات التي تعكس آثار "ذهان الذكاء الاصطناعي" على أرض الواقع. أحدهم رجل من اسكتلندا اقتنع بأنه سيحصل على تعويض مالي ضخم بعد أن بدا أن ChatGPT يدعمه في قضية قانونية.
وفي الولايات المتحدة، تقدم رجل يُدعى كريس سميث بطلب زواج من رفيقته الرقمية، واصفًا العلاقة بأنها "حب حقيقي".
أما الحالة الأكثر مأساوية فكانت لرجل تايلاندي يدعى ثونغبو وونغباندو، توفي أثناء رحلته لمقابلة شخصية افتراضية كان يظن أنها حقيقية، ليتبين لاحقًا أنها روبوت دردشة من Meta AI.
الرومانسية الرقمية... ظاهرة جديدة مثيرة للجدل
تكررت القصص عن علاقات عاطفية مزعومة بين البشر والروبوتات الذكية، في مشهد يذكر بفيلم "Her".
وعبر بعض المستخدمين عن "حزن شديد" بعد أن خففت شركات الذكاء الاصطناعي من نبرة التفاعل العاطفي لبرامج الدردشة، ما يشبه "الانفصال العاطفي" لدى البعض. هذه الحالات تثير تساؤلات حول حدود التفاعل الإنساني مع تقنيات لا تمتلك مشاعر أو وعيًا حقيقيًا.
دعوة للضبط والتحكم
سليمان دعا إلى ضرورة وضع قيود واضحة على طريقة تقديم الذكاء الاصطناعي للمستخدمين، مطالبًا الشركات بعدم الترويج لفكرة وعي الآلات أو السماح للأنظمة بإيحاءات توهم المستخدمين بذلك. كما شدد على أهمية عدم التغاضي عن الآثار النفسية العميقة التي قد تتركها هذه التكنولوجيا في حال غياب الرقابة والتوجيه.
خطر جديد على الأبواب
ولا تعتبر التحذيرات من "ذهان الذكاء الاصطناعي" مجرد مبالغة، بل تعكس قلقاً متزايدًا لدى الخبراء من تأثير التفاعل المطوّل مع الروبوتات على الإدراك البشري.
وشبّهت الدكتورة سوزان شيلمرداين، استشارية في مستشفى جريت أورموند ستريت، الاستخدام المفرط لروبوتات المحادثة بالأطعمة فائقة المعالجة، محذرة من أنها قد تؤدي إلى ظهور "عقول فائقة المعالجة"، معرضة للاختلال والتشويش الإدراكي.
مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي وازدياد اعتماده في الحياة اليومية، تبرز الحاجة الملحة لفهم أعمق لتأثيره على الصحة النفسية، وتحديد أطر واضحة تحمي المستخدمين من الوقوع في وهم خطير قد يربك علاقتهم بالواقع.