كلام فى الهوا
للمتنبى أشعار كثيرة يرصد فيها طباع البشر، منها ما يقول فيها «لهوى النفوس سريرة لا تعلم..عرضاً نظرت وخلت أنى أسلم» فيخبرنا بأن حب النفس وهواها له خفايا ودوافعه لا تدرك بسهولة، وهذه الدوافع متعلقة بالمشاعر والرغبات وهى من السلوكيات التى لا تدرك إلا بعد أن تقع من الشخص سواء كان ذلك بقصد أو من غير. ودائماً الهوى باطن خفى لا يمكن اكتشافه إلا بعد وقوعه، ثم يأتى فى ذات القصيدة ليرد قائلاً «وذو العقل يشقى فى النعيم بعقله.. وأخو الجهالة فى الشقاوة ينعم» ويشير هنا إلى أن صاحب العقل دائماً ما يشقى فى حياته بسبب عقله وتحليله لما يدور حوله، بينما الجاهل ينعم بحياته رغم شقاوته وغفلته لقلة علمه. ولم يكتفِ الشاعر بما ذكر من طباع البشر ليقول «والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم» وهذا يؤكد أن الظلم من طباع البشر سواء كان ذلك لأهله أو لوطنه، فلا تتعجب من الظلم لأنه طبع، وابحث عن العلة التى تمنع شخصاً من الظلم ربما تجدها راجعة إلى أصله الطيب أو الخوف من الله، وهناك علل أخرى تمنع الشخص من الظلم.