خرافة إسرائيل الكبرى.. توحد العرب

إحياء القضية الفلسطينية عربياً رد رادع لخطط «نتنياهو»
خبير : خريطة «نتنياهو» مرهونة بوعى الشعوب وتطوير الجيوش والحذر من الفوضى
لبنان على خُطى غزة برعاية حزب الله
العراق.. الجولة الأخيرة لإسرائيل للقضاء على نفوذ إيران
بعد خروج رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، لنقل رؤية «إسرائيل الكبرى»، كما يدعى، والتى وصفها البعض بأنها «أحلام اليقظة الضائعة».. حيث لاقت غضباً وانتقادات لاذعة فى دول عربية وإسلامية، ومن المحتمل أن تؤدى إلى «تصعيد» و«تهديد لسيادة» ثمانى دول، حيث طالب العديد بتحرك عربى للرد عليها، «باعتبارها جزءاً من مساعى نتنياهو لإعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط».
جدير بالذكر، أن نتنياهو تحدث عن «الحلم الإسرائيلى» بوصفه «مهمة أجيال» يُسلمها جيل إلى جيل، وكيف أنه يشعر بأنه فى مهمة «روحية وتاريخية» من أجل الشعب اليهودى، حيث أهداه حينها المذيع شارون جال، وهو نائب يمينى سابق، علبة بها تميمة تحمل خريطة «إسرائيل الكبرى» وقال له: «لا أهديها لك، فلا أريد توريطك بل هذه هدية لزوجتك سارة»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «ذا تايمز أوف إسرائيل».
ويذكر أن مصطلح «إسرائيل الكبرى» استخدم من قبل بعد حرب الأيام الستة فى يونيو 1967 للإشارة إلى إسرائيل ومناطق القدس الشرقية والضفة الغربية، وقطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء فى مصر، ومرتفعات الجولان.
فى البداية، أدانت وزارة الخارجية «ما أثير ببعض وسائل الإعلام الاسرائيلية حول ما يُسمى بـ «إسرائيل الكبرى»، وقال البيان: «تؤكد مصر بأنه لا سبيل لتحقيق السلام إلا من خلال العودة إلى المفاوضات وإنهاء الحرب على غزة وصولا لإقامة دولة فلسطينية على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية على أساس حل الدولتين والقرارات الدولية ذات الصلة».
ومن جانبها، استنكرت الخارجية الأردنية ما اعتبرته «تصعيداً استفزازياً خطيراً، وتهديداً لسيادة الدول».
وبدوره، أعلن العراق إدانته للتصريحات الصادرة بشأن ما يسمى «رؤية إسرائيل الكبرى»، والتى تكشف بوضوح عن «الأطماع التوسعية وتؤكد السعى إلى «زعزعة الأمن والاستقرار فى المنطقة».
وأدانت السعودية بدورها التصريحات الصادرة عن نتنياهو، وأكدت الخارجية السعودية «رفضها التام للأفكار والمشاريع الاستيطانية والتوسعية التى تتبناها سلطات الاحتلال الإسرائيلى»، مؤكدة «الحق التاريخى والقانونى للشعب الفلسطينى الشقيق فى إقامة دولته المستقلة».
أما إيران، فجاء موقفها على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائى، الذى اعتبر تصريحات نتنياهو «نية فاشية للتعدى على دول المنطقة».
وحذر الخبراء من خطورة تصريحات نتنياهو، ومطالبين بالتنبه لـ«أطماع إسرائيل التوسعية» فى المنطقة.
وقال هانى الجمل، رئيس وحدة الدراسات الأوروبية والاستراتيجية بمركز العرب، ما قام به نتنياهو بتقديم هذا العرض، أكد أنه جرىء، وأن ما يقوم به يعكس طموحاً استراتيجياً لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، وتوسيع النفوذ الإسرائيلى، لافتاً إلى أنه ما هو إلا مخطط يتم تنفيذه الآن والذى صدر عام 1993 فى كتابه الخاص، والذى يؤكد على دولة إسرائيل الكبرى من الفرات إلى نهر النيل، لذا وجب على هذه الدول الثمانى، التنسيق فيما بينها على عدة مستويات، منها المستوى العسكرى والدبلوماسى والاقتصادى، بالإضافة إلى الدول العربية والإسلامية وهى 31 دولة، والذين وقعوا سابقاً على بيان لرفض هذة المخططات الإسرائيلية، مضيفاً إلى أنه بما أن هذه الدولة لديها أدوات اقتصادية واسعة، من الممكن استخدامها على إسرائيل ومن يعاونها فى تنفيذ مخططاتها، لافتاً إلى أنه إذا استطاعت هذه الدولة أن يكون لديها أيديولوجية موحدة ترفض هذه السيطرة الإسرائيلية ومن يدافع عنها، لذا يجب أن يكون السلاح الاقتصادى هو أهم هذه الأسلحة.
وتابع»الجمل»، إلى أنهم يجب عليهم التكاتف لرفض المخططات الاتفاق الإبراهيمى التى أجبرت أمريكا عليه بعض الدول العربية، وأيضاً أن تضم بعض من الدول العربية والإسلامية، بالإضافة إلى خلق نوع جديد من المعاملات التجارية سواء كانت المعاملات المباشرة مع إسرائيل، أو المعاملات غير المباشرة مع الدول الداعمة لها وهى أمريكا، وأن يكون هناك نوع من أنواع التكامل الاقتصادى المبدئى بين هذه الدول، أى التحول إلى تكتلات اقتصادية جديدة مثل البريكس وغيرها من التجمعات التى تبتعد عن التجارة الأمريكية، وإذا كانت هذه الخطوة تصعيدية من هذه الدول، فمن الممكن أن تؤثر إيجابيا فى هذه المخططات وإجبار إسرائيل.
ونوه الخبير الإستراتيجى إلى أن هناك صعوبة فى تنفيذ هذا المخطط الإسرائيلى، وذلك بعد انهاكه فى حرب استمرت لمدة عامين مستمرين، وهى حرب الشوارع والعصابات مع حركة حماس، فمن الصعب على اسرائيل أن تتسع المساحة الجغرافية لأكثر من جبهة عسكرية خاصة أن إسرائيل هذه المرة، سوف تجد مجموعة من الجيوش النظامية، أقواها وأثقلها وذي الخبرة فى الحروب هو الجيش المصرى، خاصة وأن الموقف المصرى منذ اللحظة الأولى بعد هجمات إسرائيل فى السابع من أكتوبر هو مواجهة اسرائيل ضد مخطط التهجير وإنهاء القضية الفلسطينية، وأى مخطط إسرائيلى، يحاول أن يغير من جيوديسية المنطقة العربية، وأيضاً لا ننسى الموقف الأردنى، الذى يرفض هذا الوضع.
ولفت رئيس وحدة الدراسات الاوروبية، إلى أنه توجد نقطتان ضعيفتان يمكن أن تتوسع عليهما إسرائيل، وهما الضاحية الجنوبية اللبنانية، خاصة بعد سعى الدولة اللبنانية إلى نزع السلاح من حزب الله بنهاية هذا العام، بالإضافة إلى أن الخلاف الدائم بين حزب الله والسلطة القائمة بلبنان يدعم هذا الموقف الإسرائيلى، خاصة بعد تمركز إسرائيل فى خمس نقاط حتى الآن لم تخرج منها، والنقطة الأخرى هى الجانب السورى، خاصة وأن هناك تعاونا كبيراً بين إسرائيل وتركيا واستغلال إسرائيل للأوضاع فى منطقة الدروز هو الذى سمح لها بإعداد تموضع جديد للقوات الإسرائيلية على الأراضى السورية، ومن ثم تستطيع أن تستغل هذه الهشاشة العسكرية لدى سوريا فى التوسع على أراضيها، أما عن توغل إسرائيل فى العراق، فلا ننسى دعم إيران للعراق ولدولة طهران، وبالتالى يكونون حائط صد أمام الصراع الإسرائيلى.
تهديد مباشر لاستقرار الشرق الأوسط
فى الإطار نفسه، تحدثت خبيرة الشأن العربى والدولى، سها البغدادى، قائلة:«فى ضوء التصريحات الخطيرة التى أدلى بها رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو بشأن أطماعه التوسعية ونيته الاستيلاء على أجزاء من سيناء والأردن ودول عربية أخرى لإقامة ما يسميه بـ«إسرائيل الكبرى»، أؤكد أن هذه التصريحات تمثل استفزازاً سافراً للأمن القومى العربى وتهديداً مباشراً لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، لافتة إلى أن ما قاله نتنياهو لا يعدو كونه انعكاساً لعقيدة استعمارية توسعية تسعى لفرض واقع جديد بالقوة، ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق الدولية والشرعية الأممية. هذه التصريحات إنما تكشف النوايا الحقيقية للكيان الصهيونى الذى لم يتخلّ يوماً عن مشروعه الاستيطانى العدوانى.
وأوصت «البغدادى» الدول العربية بعدة أمور، وهى توحيد الموقف العربى عبر جامعة الدول العربية، لمواجهة هذا التصعيد سياسياً ودبلوماسياً على الساحة الدولية، بالإضافة إلى تقديم مذكرة عاجلة لمجلس الأمن والأمم المتحدة باعتبار هذه التصريحات تهديداً للأمن والسلم الدوليين، فضلاً عن تفعيل التحالفات الإقليمية مع الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، وفى مقدمتها دول عدم الانحياز، للضغط على الكيان الصهيونى وعزله دولياً، وتعزيز الأمن القومى العربى المشترك عبر التعاون العسكرى والاستخباراتى لمواجهة أى محاولات فعلية للمساس بحدود الدول، ولا ننسى دعم الشعب الفلسطينى بكافة الوسائل باعتباره خط الدفاع الأول عن القضية العربية والإسلامية، ونوهت على أن المنطقة اليوم أمام لحظة فارقة، تستوجب أعلى درجات اليقظة والوعى الاستراتيجى، والوقوف بحزم أمام أى محاولات لتغيير الخرائط والسيادة بالقوة.
وقال الدكتور سعد الزنط، خبير ومفكر سياسى، أن خريطة إسرائيل الكبرى، التى أفصح عنها رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو، تشمل 8 دول عربية وإسلامية، وهى: مصر والأردن ولبنان وسوريا والعراق والسعودية وإيران وجزء من شمال تركيا موطن الدروز، موضحاً أنه لا يوجد أى تضامن عربى اسلامى فعلى ضد مطامع خريطة نتنياهو الكُبرى فى دول المنطقة، وتساءل كيف للعرب أن تترك نتنياهو يعلن مطامع إسرائيل فى دول المنطقة علنا، وهو اختراق للمعايير الاقليمية والدولية، وعلى مستوى الوجود فى الشرق الأوسط، ولم تُبد أى دولة أو حتى الجامعة العربية رفضها لخريطة نتنياهو لأسرائيل الكبرى.
وأكد «الزنط» أنه مطلوب من الدول العربية وعلى رأسها مصر، اتخاذ إجراء ات حاسمة بشأن خريطة نتنياهو ومطامع إسرائيل الكُبرى من خلال موقف عربى واضح، ويجب على الدول العربية الإفاقة من الغيبوبة وتصحيح سياستها مع اسرائيل والدول الداعمة لها، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وعدم الاعتماد على مصر فى التحرك حيال تلك التصريحات واعتماد سياسة «الإدارة الأبوية» لمصر، وعلى جامعة الدول العربية عقد قمة طارئة على مستوى الدول المعنية وغير المعنية بالخريطة، لأنه تهديد وجودى لدول المنطقة، والدعوة إلى موقف عربى منسق تتوافر فيه الإرادة، مضيفاً أن مصر لن تنتظر رأى كل دولة، والسعودية التى ادعت أنها عاصمة القرار العربى، وسلمت إرادتها منذ مايو 2017 خلال مؤتمر مكافحة الإرهاب بحضور ترامب و64 دولة اسلامية وعربية، ومؤخرا بزيارة ترامب الأخيرة للمملكة، أعتقد أنه من شبه المستحيل أن يكون هناك موقف إيجابى قوى للمملكة تجاه خريطة نتنياهو.
وتابع «الزنط» أن لبنان ربما يحدث فيها حزب الله ما أحدثته حماس فى قطاع غزة، وموقفها تجاه خريطة نتنياهو ضعيف للغاية، وسيناريو غزة سوف يتكرر فى لبنان، خاصة بعد اعلان على لاريجانى أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى، من قلب لبنان أن حزب الله أمن قومى إيرانى، ولم ترد عليه دولة عربية واحدة، حتى رد الحكومة اللبنانية كان على استحياء، لافتاً إلى أنه من كل هذه المواقف لا أحد ينتظر تحرك العرب تجاه خريطة اسرائيل الكبرى، والرد لا يجب أن يكون شجب ورفض وبيانات، والرد الرادع لتجاوزات إسرائيل هو المطالبة بتحرير القدس والعودة إلى القضية الفلسطينية، فالأرض عربية، والعرب قادرون إذا توحدوا، مؤكداً إننا لا ننتظر أى تحرك عربى أو إسلامى أو دولى لتصحيح الأوضاع فى قطاع غزة، فحماس مُصرة على تحقيق أهداف نتنياهو فى القطاع وتوفر لها الفرص لإنهاء القضية، وملف غزة انتهى من أولويات العالم.
تطوير الاقتصاد وإنشاء كيانات ضخمة
وفى المقابل، علق ماهر فرغلى، خبير سياسى، على الخريطة قائلاً: «إن الرد المناسب للرد على خريطة اسرائيل الكبرى يتلخص فى نقاط بسيطة، أولها: رفع وعى الشعوب للحفاظ على أوطانها وتعريفهم بما يُحاك لأوطاننا ورفض الفوضى والتمسك بالاستقرار والأمن الداخلى لدول المنطقة، وأن اى تفكيك لأى دولة سيُسهم فى تحقيق حلم إسرائيل»، داعياً إلى تطوير الجيوش العربية وتنوع مصادر التسليح، والعامل الأهم هو تطوير الاقتصاد وإنشاء كيانات اقتصادية ضخمة تساعد فى الانتاج والاكتفاء، بتمويل عربى، فهذه الحرب قوة عسكرية واقتصادية وتكنولوجية.
وحول دور السعودية، أكد «فرغلي»، ضرورة التنسيق مع مصر والدول المعنية بالخريطة، وتكوين موقف عربى موحد تجاه التهديد الوجودى المعلن، وعلى الجامعة العربية إبداء موقف أقوى ورد قوى ضد مطامع إسرائيل الكبرى، متابعاً أن موقف العراق يتداخل فيه إيران وميليشيات وقواعد عسكرية، والعراق مستهدفة، خاصة بعد سقوط سوريا، ومن أهم الدول التى يلعب المشروع الصهيونى على تفكيكها، بسبب تنسيقها مع إيران، وتعطيل خطط إيران التوسعية والعسكرية أيضاً، والعراق أخر دولة خاضعة للنفوذ إيران، وهى الجولة الأخيرة بين إسرائيل وإيران.

