رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

علاء عوض يكتب : بوتين يربح وترامب يعود بلا أوراق

بوابة الوفد الإلكترونية

 ذهب ترامب الي الاسكا بهدف استراتيجي سطحي هو اقناع بوتين بوقف إطلاق النار لمدة شهر علي الاقل حتي يتسني له الفوز بجائزة نوبل للسلام  في مطلع اكتوبر القادم لذي أظهر حفاوة مذلة وهو يستقبل بوتين الذي يعد دكتاتور قاتل وفقا لادبيات السياسية الأمريكية  .


علي السجاد الأحمر.
تم استقبال بوتين  وطائرات بي 52 تحلق فوق رأسه   وهو في طريقه الي سيارة ترامب المدرعة، الشهيرة بلقب "The Beast"، وهو أمر نادر للغاية أن يحدث بين زعيمين، خاصة أنه يمثل اختراقًا للبروتوكولات الأمنية والدبلوماسية المعتاد 
وانطلق ترامب حيث الغرف المغلقة لعقد صفقة وقف إطلاق النار بين روسيا و اكروانيا .


كان يظن ان الهدف سهل علي غرار الاتفاق الموقع بتاريخ 8 أغسطس 2025 في واشنطن وانهي  النزاع الطويل بين أرمينيا وأذربيجان. 


ولكن ربما لم يدرك ترامب ان ماحدث في جنوب القوقاز  ازعج روسيا بشدة وهي تري منطقة نفوذها تلك تنقل الي محفظة نفوذ نتنياهو ترامب .


فهذا الاتفاق بدا وكأنه استغلال لانشغال موسكو في أوكرانيا لإقصائها من ملف حيوي في "حديقتها الخلفية القوقاز  ثم أن  إطلاق اسم ترامب  على الممر  الاستراتيجي الذي يربط بين أرمينيا وأذربيجان اغضب بوتين بشدة لانه يهدد دور روسيا كمحور رئيسي للطاقة والنقل  بين آسيا وأوروبا وخطوة لإعادة رسم موازين القوى في المنطقة على حسابها وعلي حساب حليفتها إيران .


فاسرائيل  اصبحت لديها حديقة خلفية اخري بجانب أذربيجان في جنوب القوقاز وعلي حدود إيران ولدي إسرائيل حضور تاريخي قوي في ممرات الطاقة  في القوقاز علي الاقل 50% من نفط إسرائيل يصل من أذربيجان الي ميناء عسقلان  وتنوي إسرائيل بعد ذلك نقله الي جنوب آسيا وشرق افريقيا عبر ميناء ايلات.


ليس هذا فحسب ما يزعج موسكو من التواجد الإسرائيلي فهي تعلم أن نفوذ صهيوني في منطقة القوقاز هدفه مع الوقت ربما  احياء إمبراطورية يهود الخزر مرة اخري والتي كانت تقع في منطقة استراتيجية جدًا بين أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، وتتحكم في طرق التجارة بين الشمال والجنوب والشرق والغرب .

 أذربيجان وأوكرانيا والمجر وضفاف البحر الاسود وقزوين كانت تشكل ملامحها الجغرافية تلك الإمبراطورية التي أعلن وفاتها في القرن الحادي عشر الميلادي .


بات اعادة احيائها علي جزء من أرض أوكرانيا ضرورة تقضيها تأمين  مشروع إسرائيل الكبري لوجستيا. 


هذا المشروع الذي تحدث عنه نتنياهو مؤخرا  بالتزامن مع قمة الاسكا واعتبر ان مسرح العمليات جاهز لميلادها  في ظل دعم ترامب الاعمي  للتطرف الإسرائيلي 
ذلك المشروع الذي تعتبره موسكو خطر جيوسياسي وجودي عليها .. نتنياهو نفسه قادم من يهود شرق أوروبا خليط من الاشكناز والخزر ساهم في إسقاط حليف موسكو بشار ثم قصف الحليف الأهم لهم إيران وفي الوقت نفسه بالتعاون مع ترامب اخرج أرمينيا  من فلك موسكو  مما عزز النفوذ الإسرائيلي في القوقاز .


اذا نتنياهو مثله مثل الرئيس الاوكراني  زيلينسكي   الذي تحاربه موسكو علي مدار ثلاث سنوات ومن خلفه أوروبا كي تبعد النفوذ الصهيو أمريكي عن حدودها  فهي تعلم أن الهدف تفكيك روسيا الي عدة دويلات. 


وان زيلينسكي وهو يهودي اشكنازي ربما تعود اصوله هو الاخر للخزر  مجرد مخلب قط يعمل علي تفريغ أوكرانيا ديموجغرافيا  علي خلفية تلك الحرب التي حصدت عشرات الآلاف وتسببت في هجرة العديد من الاوكرانيين مما يسهل اقامة اي كيان جغرافي  مستقبلا  يعمل علي اعادة  احياء الممر الخزري التجاري في إطار مشروع تقسيم أوكرانيا .

ذهب بوتين الي الاسكا امس الجمعة  وفي عقله خلفية الأحداث  السابقة  وفي ذهنه محفور صورة ترامب وهو يحتفي في 27 يوليو الماضي بإخراج روسيا من لعبة الطاقة  الأوروبية عبر إجبار  أوروبا بشراء الطاقة من امريكا بقيمة 750 مليار دولار .


فقرر ان يعطه درسا في فنون التلاعب السياسي لن ينساه ترامب  ويعيد به ترتيب أوراق اللعبة لصالح  كسر عزلة موسكو  وفك الحصار المضروب عليها .


وبالفعل نجح في تجريد ترامب من نرجسيتها التي كان يهين بها ضيوفه السابقين واجبره علي احترامه عبر بروتوكول دبلوماسي عنوانه الحفاوة غير المسبوقة تلك الحفاوة التي جلبت علي ترامب هجوم وسائل الإعلام الامريكي وانتقاده كونه افرط في التذلل لعدو استراتيجي لامريكا.


ثم انتقل بوتين للحركة الثانية علي رقعة شطرنج الاسكا  حرمان ترامب من هدفه الرئيسي من تلك القمة وهو  وقف إطلاق النار .

كان الصدمة الاولي بعنوان لا تنازلات وحمل تلك الرسالة وزير خارجية روسيا المخضرم 
لافروف   عند وصوله  ألاسكا مرتديًا سترةً كُتب عليها اسم الاتحاد السوفيتي. ما الذي كان يقصده  بذلك ؟ أوكرانيا ليست سوى ولاية روسية قبل الاتحاد السوفيتي، لم تكن موجودةً أساسا  ونحن هنا لتأكيد تلك الحقيقة.

ثم كانت الصدمة الثانية  لترامب من بوتين نفسه عندما أكد لترامب انه ليس في وضع يسمح له بوقف إطلاق النار  فقد كان في وضع افضل علي مسرح الحرب الاوكرانية في مفاوضات إسطنبول 2023 ورغم ذلك لم يستجيب لوقف إطلاق النار

وان الحل الوحيد هو أن تقنع زيلينسكي و أوروبا بالتنازل لروسيا عن ما لايقل من 30% من  أرض أوكرانيا وتقديم ضمانات بعدم ضمها  لحلف الناتو  و ان تتوقف عن  لعب دور مخلب القط مرة اخري ضد وطنها الام روسيا.


اصيب ترامب بالتوتر والقلق فسعيه الي جائزة نوبل للسلام يتعثر وهو لايملك أن يقدم الرد لبوتين وعليه أن يقنع أوروبا و زيلينسكي  بقبول عرض بوتين لا وقف لاطلاق النار إنما صفقة شاملة للسلام بشروط روسية .


ولكن هل تكرر أوروبا خطأئها مرة اخري وتقدم  علي الاقل 135 الف كليومتر من أرض أوكرانيا لبوتين مقابل سلام غير مضمون تماما كما فعلت مع هتلر في اتفاق ميونخ عام 1938  عندما وافق تشمبرلين و دالادييه علي منح هتلر إقليم السوديت  

التابع لتشيكوسلوفاكيا مقابل السلام وعدم اندلاع حرب كبري ورغم ذلك لم يتحقق السلام واجتاح هتلر بولندا  واشتعلت الحرب العالمية الثانية وفي كل الأحوال لم يكن يوم أمس الجمعة هو يوم حظ ترامب بالاسكا  يوم.

فحسب وسائل الإعلام الأمريكية المقربة منه وصفت غجاكي هاينريش، مراسلة فوكس نيوز المشهد قائلة لم يكن الشعور السائد في الغرفة جيدًا. لم يبدُ أن الأمور تسير على ما يرام. وبدا أن بوتين دخل بقوة، ودخل مباشرة في حديثه، وحصل على صورة بجانب الرئيس ثم غادر  وفي نفس السياق أكدت شبكة cnn  ان ترامب غادر غاضبا .


ترامب نفسه  كانت لغة جسده تعكس توتره وعندما تحدث عقب لقاء بوتين  القي الكرة في ملعب أوكرانيا وأوروبا وأعلن انه سوف يستدعي زيلينسكي للقاء في أمريكا الاثنين القادم  ولعل هدف بوتين غير المعلن من هذا اللقاء تحميل زيلينسكي امر فشل المفاوضات مع بوتين.

ولسان حال ترامب يقول اذا كانا امريكا عالقة في 37 تريليون دولار ديون فهي اذا ليست في وضع يسمح لها بالاستمرار في تمويل أوكرانيا عسكريا ولا حتي تقديم ضمانات أمنية لها .


لذا يمكن القول أن بوتين  خرج منتصر من الاسكا  بفضل قراته فقد جعل من ترامب مجرد سفير له يقنع أوروبا و أوكرانيا بالاستسلام لموسكو وهذا نجاح تكتيكي كبير 

وفي هذا  السياق أيضا  نجح في كسر عزلة روسيا وتجريد قرار المحكمة الجنائيه الدولية باعتقاله  من قوته التنفيذية فهو وصل الي امريكا وغادر في حراسة القوات الجوية الامريكة والأهم أيضا انه تجنب فرض مزيد من العقوبات علي بلاده .


وعمق جراح ترامب مع الداخل في أمريكا  حيث تعرض لهجوم إعلامي شديد بعد ان قام بتعويم بوتين سياسيا علي المسرح الدولي وكذلك تعزيز صورته أمام الداخل الروسي وفي المقابل لم يقدم بوتين اي تنازلات وترك ترامب وحيدا في مواجهة عواصف  غضب الداخل الأمريكي وحلف الناتو و أوروبا.