مكاتب تحفيظ القرآن بمساجد البحر الأحمر.. "كتاتيب زمان" تعود بروح عصرية
في ظل جهود وزارة الأوقاف المصرية للارتقاء بالمستوى الديني والتربوي للأطفال، تشهد محافظة البحر الأحمر انتشارًا لافتًا لمكاتب تحفيظ القرآن الكريم داخل المساجد، والتي تُعرف شعبيًا بـ"الكتاتيب"، في مشهد يعيد إلى الأذهان صورة التعليم الديني التقليدي ولكن بأساليب عصرية وحديثة تراعي الجوانب التربوية والنفسية للأطفال.
وأكدت الدكتور رمضان يوسف وكيل وزارة الاوقاف بالبحر الأحمر أن هذه المكاتب تخضع لإشراف مباشر من الوزارة، حيث يتم اختيار المحفظين وفق معايير دقيقة، تضمن أن يكونوا مؤهلين دينيًا وتربويًا، فضلًا عن خضوعهم لدورات تدريبية مستمرة تهدف إلى تنمية مهاراتهم في التعامل مع الأطفال، وتطوير أساليب التحفيظ بما يتناسب مع الفئات العمرية المختلفة.
كما أضاف رمضان أن هذه المكاتب تهدف إلى تعزيز دور المسجد في بناء الإنسان والمجتمع، من خلال منظومة تعليمية شاملة لتحفيظ القرآن الكريم لكافة الفئات العمرية، بدءًا من الأطفال مرورًا بالشباب وحتى كبار السن.
كما تسعى إلى غرس القيم الإسلامية والأخلاقية في نفوس النشء عبر منهج تربوي معتدل، يُشرف عليه نخبة من الأئمة والدعاة المؤهلين.
وتُولي المكاتب اهتمامًا خاصًا بتعليم أحكام التجويد وتصحيح التلاوة وفق قواعد الضبط السليم، إلى جانب الإعداد العلمي والروحي لجيل من الحُفّاظ القادرين على تمثيل مصر في المحافل والمسابقات القرآنية محليًا ودوليًا.
كما تعمل على نشر الثقافة القرآنية وتعزيز الارتباط الروحي بكتاب الله تعالى داخل المجتمع، بما يرسّخ الهوية الدينية ويعزز القيم الوسطية بين الأفراد.
وتشهد هذه المكاتب إقبالًا متزايدًا من الأهالي في مختلف مدن المحافظة، مثل الغردقة وسفاجا والقصير ومرسى علم، لما لمسوه من أثر إيجابي على سلوك أبنائهم، سواء من حيث حفظ القرآن الكريم أو تعزيز القيم الأخلاقية والانضباط الشخصي.
وتحرص الوزارة على تنظيم اختبارات دورية لقياس مستوى التقدم لدى الأطفال، كما تُمنح شهادات تقدير للمتفوقين، في خطوة تشجيعية تهدف إلى تعزيز روح المنافسة بين المشاركين، وتحفيزهم على الاستمرار في مسيرة الحفظ.
وفي سياق متصل، نوه عدد من الأئمة إلى أن هذه المكاتب لا تقتصر فقط على التحفيظ، بل تشمل أيضًا تعليم مبادئ التجويد، والسلوكيات الإسلامية، وتقديم برامج مبسطة لشرح المعاني العامة للآيات بما يتناسب مع أعمار الأطفال، في بيئة آمنة ومحفزة.
يُذكر أن وزارة الأوقاف كانت قد أعلنت مؤخرًا عن خطة لتوسيع قاعدة مكاتب التحفيظ المعتمدة على مستوى الجمهورية، وخصصت ميزانيات لدعم المحفظين، ووفرت كتبًا تعليمية معتمدة، في خطوة تهدف إلى مواجهة المكاتب غير المرخصة التي قد تقدم محتوى غير دقيق أو تفتقر إلى المعايير التربوية السليمة.
بهذا تعود كتاتيب زمان، ولكن بروح عصرية مدروسة، تجمع بين أصالة التحفيظ وتقنيات التربية الحديثة، لتنشئة جيل حافظ لكتاب الله، وواعٍ بدينه وأخلاقه.
