كاريزما
<< لا يزال الشاعر الدكتور إبراهيم ناجى حاضراً نابضاً بالحياة برغم رحيله منذ ٧٢ عاما؛ وذلك لأن قصائده تتجدد دائماً وتعيدنا إلى أيام الرومانتيكية الصادقة؛ إبراهيم ناجى كان طبيباً وشاعراً وموسيقياً ومترجماً وصحفياً، حيث كان مساهماً بمقالاته وترجماته وقصائده وقصصه فى جريدة السياسة التابعة لحزب الأحرار الدستوريين.. وكان والده مثقفاً ما شجعه على خوض عالم الشعر والأدب بقوة وثقة.
<< صدر مؤخراً كتاب مهم عن شاعرنا بعنوان: "زيارة حميمة تأخرت كثيراً" كتبته حفيدته الدكتورة سامية محرز؛ وإبراهيم ناجى جدها لأمها.. أهمية هذا الكتاب أنها استعانت فيه بأوراق ناجى الشخصة ومسودات لقصائده بخط يده وترجمات أدبية ومشاريع وكتب غير مكتملة فى الطب.. المهم أن ناجى ترك بعد رحيله تراثاً أدبياً وشعرياً لم ينشر بعد ويحتاج هذا التراث إلى مجموعة من النقاد المهتمين باشعاره؛ لجمع ما لم ينشر فى دواوين لأن إنتاجه الحقيقى أكبر من الدواوين الأربعة التى نشرت له وهى (وراء الغمام) و(ليالى القاهرة) و(فى معبد الليل) و(الطائر الجريح) نشرت هذه الدواوين قبل وفاته فى ٢٧ مارس ١٩٥٣.
<< قصيدة (الأطلال) لم يتم غناؤها إلا عام ١٩٦٦.. بعد محاولات عديدة من شاعر الشباب أحمد رامى لإقناع أم كلثوم بغنائها فقد أكدت له أكثر من مرة أن القصيدة لن تنجح؛ وقالت: كيف يمكن أن يردد الناس معى كلمات مثل: يا فؤادى رحم الله الهوى وطائر الشوك (هو طائر أسطورى يقتل نفسه بشوكة فى صدره يغرسها فى قلبه.. حين تموت حبيبته) وغير ذلك من مفردات ومعان صعبة؛ وهنا أكد لها رامى أنه سيغير بقدر الإمكان من الكلمات غير المعتادة فى أغنية مثل رحم الله الهوى فصارت لا تسل أين الهوى؛ ثم قال لها عن طائر الشوك: دعى الجمهور يسأل عن معنى ذلك ويتعرف على معلومات مفيدة؛ ثم دمج قصيدة أخرى لناجى مع الأطلال فصار الناتج مبهراً.
<< أما الموسيقار رياض السنباطى فقد بذل جهداً كبيراً فى تلحين القصيدة وقال لها: تأكدى أن هذه الأغنية ستكون درة أغانيك. واستمر تردد أم كلثوم فقد اعترضت على لحن الفقرة الأخيرة من الأغنية ورفضت غناء القصيدة إلا لو تم تعديلها، لكن السنباطى اعترض تماماً وأدخل اللحن فى درج مكتبه عاماً كاملاً حتى اقتنعت من تلقاء نفسها؛ وألحت عليه أن تغنى.. وكانت الأغنية التى حازت على (لقب) أجمل قصائد القرن العشرين..!
<< رحم الله إبراهيم ناجى الذى لا تموت ذكراه أبداً.