دار الإفتاء تحسم الجدل: الحشيش محرم شرعًا بإجماع العلماء والأدلة

أوضحت دار الإفتاء المصرية بشكل حاسم الموقف الشرعي من تعاطي مخدر الحشيش، ردًا على ما أُثير في الآونة الأخيرة من محاولات البعض الترويج لفكرة أنه ليس من المحرمات الشرعية بحجة أنه لا يُسكر أو لا يُذهب العقل تمامًا كالكحول.
وأكدت الدار أن مخدر الحشيش محرم شرعًا تحريمًا قطعيًا، لما له من آثار مدمرة على النفس والعقل والمجتمع، ولوروده ضمن النصوص الشرعية والقواعد الفقهية العامة التي تحفظ الضروريات الخمس.
الحفاظ على النفس والعقل من مقاصد الشريعة
وشددت الإفتاء على تذكير الناس بأن الشريعة الإسلامية كرّمت الإنسان، وجعلت من أولوياتها حماية الضروريات الخمس، وهي: النفس، والعقل، والدين، والعِرض، والمال. ومن هذا المنطلق، جاءت النصوص الشرعية الصريحة التي تُحرّم كل ما يُفضي إلى هلاك النفس أو إفساد العقل، باعتبار ذلك خروجًا على مقصد الخلافة في الأرض.
واستشهدت بقول الله تعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]،
و{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]،
مما يبيّن حرمة التعدي على النفس بأي وسيلة كانت، ومنها تعاطي المواد التي تفتك بها كالخمر والمخدرات.
الحشيش ليس "خفيفًا".. بل مهلِكٌ مدمِّر
أكدت الإفتاء على أن الحشيش من المواد التي تُفقد التوازن العصبي والإدراكي، وتُحدث خللًا في وظائف الدماغ، وقد تؤدي إلى تليف الرئة وضمور خلايا المخ وتعطيل التركيز.
وأكّد أن الضرر الصحي والنفسي المؤكد لهذه المادة يجعل تحريمها أمرًا مقطوعًا به، حتى لو لم تكن تُذهب العقل تمامًا كالخمر.
نصوص شرعية وإجماع علمي وفقهي
أوضحت دار الإفتاء أن الشرع الحنيف لم يقتصر في تحريمه على كل مُسكر فقط، بل تعدى ذلك إلى تحريم كل مُخدِّر ومُفْتِر. واستندت في ذلك إلى حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود:"نهى رسول الله ﷺ عن كل مسكر ومفتر".
وأشارت إلى أن العلماء اتفقوا بالإجماع على تحريم كل ما يُذهِب الفهم أو يُخدّر الإحساس أو يُضعف الإرادة، حتى لو لم يُسكر، كما نقل الإمام بدر الدين العيني في كتابه البناية عن الإجماع على حرمة الحشيش.
لا ضرر ولا ضرار.. قاعدة حاكمة
كما أكدت الدار أن من القواعد الأصولية الكبرى في الفقه الإسلامي قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، وهي قاعدة تجعل كل ما يُلحق ضررًا بالإنسان محرّمًا شرعًا. وبما أن المخدرات ومنها الحشيش تسبب أضرارًا نفسية وجسدية واجتماعية واضحة، فإن حرمتها مستقرّة بأدلة النقل والعقل معًا.
تأكيد على القانون والفتوى الموثوقة
أشارت دار الإفتاء إلى أن القانون المصري يجرّم أيضًا تعاطي المواد المخدرة، ويضاعف العقوبة في حال الاتجار بها، نظرًا لخطرها البالغ على المجتمع.
ودعت الدار الجمهور إلى ضرورة التثبت والرجوع إلى المؤسسات الدينية الرسمية عند البحث عن الأحكام الشرعية، وعدم الانسياق خلف فتاوى فردية أو شاذة أو محمولة على تفسيرات مغلوطة تُلبِس الباطل ثوب الدين.
دعوة للتوعية المجتمعية
وختمت دار الإفتاء حديثها بنداء موجه للأسر والشباب:"لا تنخدعوا بالكلام المغلوط الذي يزين السم في العسل، ولا تجعلوا من فتاوى باطلة مداخل للضياع. إن ديننا يحمي العقل والنفس والمجتمع، وكل ما يُذهب هذه النعم هو عدوان على الإنسان، وعدوان على الشريعة".