رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

فى الحومة

لا أخفيكم سرا أننى لم أكن انتوى الحديث فى هذا الموضوع لتكرار الكلمات والاحساس بالعجز وفقد الكلام معناه ودلالاته، فقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادى، ولكن مشاهد الحزن والألم والدموع فى عيون أطفال غزة ونسائها وصرخاتهم وأناتهم ووقوفهم ليل نهار للبحث عن لقيمات مخافة من موت الأطفال فى وضع مرير ومخيف فى مجاعة مؤلمة، وأصبح مئات الأطفال يموتون جوعا لعدم وجود طعام فى حصار لغزة يمثل عار على الإنسانية، فلم يفعلها كفار قريش ومزقوا الصحيفة التى كانت تنص على عدم البيع والشراء لشعب بنى هاشم ورفضوا الاستمرار فى تلك الجريمة انتصارا لقيم المروءة العربية وقالوا أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم جوعى.
لكن اليوم من منا لا يشاهد غزة تحتضر جوعا ومجلس جامعة الدول العربية فى دورة انعقاد عادية يجتمع مندوبيه لينددوا فى بيانهم بتلك الأفعال غير الإنسانية من حصار قاتل لأهل غزة ومناشدة المجتمع الدولى بوقف الحرب وفك الحصار.
ومن جانبه ناشد «جوتيريش» الأمين العام للأمم المتحدة المجتمع الدولى ودولة الاحتلال ضرورة حماية المدنيين واحترامهم وأدان بشدة العنف المستمر بما فى ذلك إطلاق النار على الأشخاص الذين يحاولون الحصول على الطعام لعائلاتهم وقتلهم، وفى تلك المآسى التى يشيب لها الولدان يغيب الضمير العالمى وتموت الإنسانية لدى المجتمع وتصبح شريعة الغاب هى السائدة وأصبح الحديث عن حقوق الإنسان أمرا لا يتعدى جدران المنتديات السياسية.
والمحزن أن العرب تناسوا تاريخهم الخالد والمشهود بهبتهم لنجدة الملهوف وقد قامت الحروب الطويلة بسبب دفاعهم بأموالهم وأنفسهم عن جوار من طلب جوارهم فاستمرت حرب «البسوس» أربعين عاما بسبب طلب سيدة الجوار من «كليب» وقام أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز بنثر القمح على الجبال حتى لا يقال أن الطير جاع فى عهد عمر، ولا شك أن مروءة العرب مضرب الأمثال، فالغريب والعجيب فى هذه الأيام أن العرب وصل بهم العجز والانكسار والخذلان إلى أن سلاحهم البتار هو الشجب والتنديد فقط لاغير، وغياب الدور الدبلوماسى العادى من تشكيل لجنة تحمل مطالب الجامعة من وقف الحرب وإدخال المساعدات بلغة قوية وجادة إلى المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبى وأمريكا وقطع كافة العلاقات الدبلوماسية مع دولة الاحتلال ووقف حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقى وقتل الأطفال والنساء والمدنيين العزل لتصفية القضية الفلسطينية.
وفى ظل هذا التراخى العربى تعبث دولة الاحتلال فى الأرض فسادا، فتقوم بضرب القوات السورية فى السويداء وصناعة الفرقة بين سكان البلاد من العشائر العربية والدروز الموحدين والتدخل بهدف حمايتهم وغرضهم فى ذلك هو عدم تمكين حكومة سوريا من امتداد سيادتها على البلاد حتى تستكمل دولة الكيان الغاصب سيطرتها ناحية الشرق امتداد لهضبة الجولان لتنفيذ مشروعها الكبير الذى نسميه حلما، فى وجود العراق الجريح والمنقسم منذ الاحتلال الأمريكى والذى كان حصنا منيعا وركيزة أساسية للأمن القومى العربى، ولبنان الذى أصبح شتات بفضل الطائفية المقيتة والأزمات الاقتصادية الصعبة، أليس المشهد واضح وضوح الشمس فى رابعة النهار، إن دولة الاحتلال تنفذ مشروعها على كافة الأصعدة العربية ولا تعبأ بأحد ولا تضع وزنا للعرب وهى فى طريقها ماضية باستراتيجية واضحة من تفتيت أوصال الدول العربية وتزكية المشكلات والخلافات الداخلية وذلك المخطط بدأ بـ «وعد بلفور» واتفاقية «سايكس بيكو» وبروتوكولات حكماء صهيون لصنع واقع عربى هش لا يملك قوة ولا سلطان ولا إرادة، وما يحدث فى السويداء هو تطبيق لذلك المخطط من إشعال النزاعات العرقية والمذهبية ولا وقت لذلك التراخى العربى، فالصراع وجودى ويجب وحدة الصف لمواجهة التهديدات الوجودية وعار على أحرار العالم ترك اطفال غزة يلقوا مصير الموت جوعا.. وللحديث بقية.