للوطن وللتاريخ
نتيجة الثانوية العامة ليست نهاية المطاف، ولا يجب التعامل مع نتيجة الثانوية العامة والمجموع الحاصل عليه أي طالب على أنه مقياس النجاح والفشل في الحياة بشكل عام، سواء في الشعبة العلمية أو الأدبية. ولا يمكن التعامل مع الأمر على أنه المعيار الوحيد لقدرات وكفاءة أي طالب لأسباب كثيرة.
والحقيقة المؤكدة أن المرحلة الثانوية، سواء كانت الثانوية العامة أو الأزهرية، أو حتى الدبلومات الفنية وغيرها من الشهادات المماثلة، هي مجرد مرحلة وانتهت؛ لبدء مرحلة جديدة تختلف تمامًا عن سابقتها.
ولا يجب التعامل بين الطلاب وبعضهم البعض على أساس المجموع. وهناك صداقات وعلاقات بين بعض الطلاب تنتهي بمجرد إعلان النتيجة على أساس أن الحاصلين على مجموع أعلى هم أولى ببعض، ومن ثم تكوين جماعات وصداقات على أساس المجموع، والكليات التي يلتحق بها كل طالب.
والمؤكد أن المستقبل والرزق بيد الله قبل كل شيء. ولا يدرك غالبية الطلاب أن النجاح والتفوق ليس بالالتحاق بالكليات التي يطلقون عليها "كليات القمة"، بقدر ما يتعلق النجاح بالثقة في النفس، والقدرة على النجاح في أي مكان، والإيمان بأن الله أراد الخير في مكان معين، دون التطرق للمجموع.
والحياة التي نعيشها الآن تثبت بشكل يومي أن النجاح والقدرة على إحداث التغيير والنقلة النوعية لحياة أي شخص أو أسرة لا يرتبط في كثير من الأحيان بالالتحاق بكليات القمة، وإنما ببذل الجهد في أي نشاط أو عمل أو تخصص بما يتواكب مع متطلبات العصر. ويؤسفني النظر سنويًا لنتيجة الثانوية العامة وكأنها المقياس بين دخول الجنة والنار، وليس الجامعة، والحكم على المستقبل وكل الأمور لمجرد إعلان المجموع، في الوقت الذي شهدت فيه مصر على مدار السنوات الماضية تنوعًا لا مثيل له في مسارات التعليم الجامعي.
ويكفي أن الجامعات التكنولوجية الآن أصبحت الملاذ الآمن للكثير من الطلاب البسطاء الذين لم يلتحقوا بكليات القطاع الطبي أو الهندسي في صدارة الجامعات الحكومية، خاصة أن الرسوم لا تزيد عن 15 ألف جنيهًا. كذلك البرامج المميزة في الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والتكنولوجية، والتي يجب التفاعل معها بشكل أفضل نحو متطلبات المستقبل.
وهناك الملايين من الذين لم يلتحقوا بالجامعة من الأساس وحققوا نجاحات مبهرة في عملهم. وهناك ملايين تعلموا في الجامعة وحصلوا على تخصصات معينة، ثم كان النجاح المبهر في تخصص ونشاط لا علاقة له بالمؤهل؛ لأن القضية هي أن تعمل ما تحب كي تبدع فيه وتقدم الجديد.
خلاصة القول: إن الثانوية العامة ليست نهاية المطاف، وليست المعيار الأساسي لبناء المستقبل، وإنما الأصل هو دراسة المجال الذي يحبه الطالب كي يبدع فيه ويتميز، والقدرة على التعامل مع البديل. ويجب التعامل مع الغد بشكل أفضل وليس النظر للمجموع؛ لأنه أصبح يمثل الماضي الذي لن يعود. حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء، وللحديث بقية إن شاء الله.