نائب رئيس جامعة الأزهر يشارك في احتفالية تخريج الدفعة الـ53 بكلية طب البنات

أوضح الدكتور محمد فكري خضر، نائب رئيس جامعة الأزهر لفرع البنات، أن كلية الطب ليست مجرد مكان للتعليم، بل هي مصنع للعطاء والرحمة، حيث يُغرس في النفوس حب العلم وخدمة الإنسانية؛ جاء ذلك خلال كلمته في احتفالية تخريج الدفعة ال (53 ) الأولى في برنامج الطب التكاملي.
وأشار فكري إلى أنه من بين
أسوار الأزهر الشريف، ومن قلب منهجه الوسطيّ المعتدل، نشأت كلية طب البنات بالقاهرة؛ لتحمل على عاتقها مهمّة إعداد طبيبة الأزهر، تلك التي لا تكتفي بتلقي العلوم النظرية والعملية، بل تتربى في بيئة علمية وروحية تحصنها بالأخلاق، وتزرع فيها قيم الرحمة، والصبر، والأمانة، والصدق.
وبيَّن فكري أن طبيبة الأزهر تتميز بحضورها المهني الراقي، وبكفاءتها العلمية التي أثبتت جدارتها في شتى ميادين العمل الطبي؛ سواء في المستشفيات الجامعية، أو المراكز البحثية، أو ساحات العمل الإنساني داخل مصر وخارجها.
ولا شك أن هذا التميز لم يكن ليُصاغ لولا جهود متواصلة من نخبة مباركة من الأساتذة والعلماء والمربيات، الذين لم يدّخروا وقتًا ولا جهدًا في تعليم وتدريب وتأهيل هذه الكوكبة النابضة بالحياة.
وقال فكري: إننا نعيش في زمن تتسارع فيه التحديات الصحية، وتزداد فيه حاجة العالم إلى رعاية متكاملة، لافتًا أننا نجد طبيبة الأزهر تتقدم ليس فقط لتداوي المرضى، بل لتكون رمزًا للعلم الملتزم، والإيمان العامل، والضمير اليقظ ،مشيرًا إلى أن هذا قد تجلى واضحًا في كل أزمة صحية تمرّ بها البلاد بداية من جائحة كورونا إلى القوافل الطبية حيث كانت الطبيبة الأزهريّة حاضرة، شامخة، تعطي دون منّة، وتخدم دون كلل، وتُثبت أن الكفاءة لا تعني التخلي عن المبادئ، وأن الحياء لا يمنع الريادة.
ووجه فكري الشكر والتقدير إلى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف حفظه الله – هذا القائد الحكيم، والرمز المعتدل، الذي لم يدخر جهدًا في دعم المرأة عامة والفتاة الأزهريّة خاصة؛ فلقد أولى فضيلته فرع البنات عناية خاصة، إيمانًا منه بأن الفتاة الأزهرية قادرة على حمل لواء الوسطية والعلم، وأنها عنصر فاعل في بناء الوطن، وشريكة أساسية في نشر رسالة الأزهر السمحة، التي تدعو إلى الرحمة، والعدل، والمساواة، واحترام الإنسان.
ولذلك نقول بثقة: كل إنجاز نحتفي به اليوم، وكل شهادة تُمنح، وكل طبيبة تتخرّج، إنما هو ثمرة من ثمار دعم فضيلة الإمام الأكبر، الذي لم يكتفِ بالكلام، بل صنع واقعًا جديدًا للمرأة الأزهرية، وفتح لها أبواب الريادة والمشاركة الفاعلة.
وقال فكري لبناته الخريجات:
لقد أثبتُنّ أنكنّ قادرات على التميز، ليس في مجالكنّ الدراسي فقط؛ بل في الأخلاق والانضباط والحرص على خدمة المجتمع، وهي القيم التي نعتز بها في جامعة الأزهر التي نحرص على أن تكون جوهر كل خريج وخريجة من هذه الجامعة العريقة.
وأكد فكري أننا نرى اليوم في أعينكن إشراق المستقبل ووهج الأمل، أنتنَّ طبيبات الغد، وعماد الأمة، ونبراس الرحمة في أحلك الظروف، لقد بذلتن الجهد، وسهرتن الليالي، وتحديتن كل العقبات للوصول إلى هذه اللحظة المشرقة.
وأوضح فكري أن خريج كلية الطب ليس مجرد طالب أكمل مسيرته الدراسية، بل هو مشروع إنسان يحمل على عاتقه رسالة عظيمة، رسالة حياة وصحة وعطاء، واليوم نحتفي بخريجاتنا اللاتي أثبتن أن الطموح لا حدود له، وأن العمل الجاد يؤتي ثماره، وحفل تخريج طبيبات الأزهر ليس كأي حفل فهو لحظة فخر واعتزاز، وإننا في جامعة الأزهر الشريف نفخر بكن، فأنتن الجيل الذي يجمع بين العلم الشرعي والتخصصي، بين الأخلاق والقيم والتميز الأكاديمي.
ونصح فكري بناته الخريجات قائلًا: اليوم تبدأ رحلتكن الحقيقية، حيث تنتقلن من قاعات المحاضرات إلى ميادين العمل، ولكن اعلمن أن هذه المهنة العظيمة ليست فقط وظيفة، بل هي رسالة إنسانية وأمانة إلهية، وعليكن أن تكنّ طبيبات ليس فقط بالأداء والمهارة؛ بل بالروح والقلب، وأن تُظهِرن الرحمة في كل تعامل، وأن تكون أخلاقكن انعكاسًا لما تعلمتن في رحاب الأزهر الشريف، وتذكرن دائمًا أن الطبيب المميز ليس فقط من يُتقن علاج الجسد، بل من يمتلك روح الرحمة التي تعالج الأرواح قبل الأجساد.
ووجه فكري الشكر والتقدير إلى أعضاء هيئة التدريس قائلًا: أنتم الأيدي التي غسلت الغبار عن كل فكرة، والعقول التي بلورت العلم في أذهان طالباتنا، والإرادة التي شجعت على الاستمرار والسعي إلى التميز، من خلال التفاني والإخلاص، فجزاكم الله خير الجزاء على كل ما قدمتموه، وبارك في علمكم وعملكم.
كما وجه فكري التهنئة والشكر إلى أولياء الأمور شركاء النجاح في هذا الحفل، فلولا دعمكم المتواصل، ورعايتكم المستمرة، وتضحياتكم العميقة، لما كانت هذه اللحظة ممكنة، فأنتم من زرعتم الأمل في قلوب بناتكم، وكنتم دائمًا المصدر الذي يمدهن بالقوة لمواصلة مسيرتهن الدراسية في أوقات التحدي فلا شك أن نجاحهن هو نجاح لكم، ولكم فيه من الأجر والثواب الجزيل.