دعوات يوم عرفة قادتها للقمة.. "ملك" الأولى على التعليم الزراعي

من قلب بيت بسيط في محافظة القاهرة، خرجت حكاية فتاة تحدّت الواقع، وتمسكت بحلمها، وكتبت اسمها بحروف من نور على قائمة أوائل الجمهورية في التعليم الفني الزراعي.

 

ملك عبد المجيد محمد شلبي، طالبة مجتهدة بمدرسة الفنية المتقدمة الزراعية بمسطرد بمحافظة القليوبية، والتي تصدرت أوائل الجمهورية في التعليم الزراعي لعام 2025، بعد أن حصلت على 483 درجة من 540، بنسبة 89.44٪.

 

رغم حصولها على مجموع مرتفع في الشهادة الإعدادية، اختارت "ملك" أن تسلك طريق التعليم الفني الزراعي، ليس هروبًا من الثانوية العامة، بل وفاءً لأسرتها، وتقديرًا لظروف والدها الذي يعمل سائقًا بهيئة الثروة السمكية، ووالدتها ربة منزل كرّست حياتها من أجل أبنائها الأربعة.
 

كانت نصيحة خالها هي الدافع: "ادخلي التعليم الفني واشتغلي على نفسك، هتتفوقي وتوصلي للجامعة"، فاستجابت ملك، وبدأت رحلتها مع العلم، وعينها على القمة.

 

تقول "ملك" والدموع تسبق كلماتها: "كنت بحس إن فيه يوم هييجي وأفرّحهم كلهم.. كنت بسهر وأذاكر وأدعي، وكنت بدعي ربنا في كل صلاة وكل يوم عرفة إني أكون من الأوائل، كنت بذاكر بدموع التعب وبقوة الأمل، وكل اللي في بالي صورة أبويا وأمي وهما فرحانين بيا".

 

وتابعت: "أبويا بطل، شقي وتعب علشان نعيش كويس، وماما كانت الحضن والدعاء والسند.. وأخواتي كانوا بيحبوني وبيفرحوا بكل نجاح ليا، أنا كنت حاسة إني ماينفعش أحقق أقل من حلمهم".

 

مشهد إعلان النتيجة تحوّل لعرس داخل البيت، دموع وضحكات وسجدات شكر، قال والدها متأثرًا: "ملك خلتني أطول السما بفرحتي.. شفت تعبي راجعلي فرحة، طول عمري بدعيلها وربنا ماخيّبش أملي".

 

وأضافت والدتها: "كنت دايمًا بدعيلها وهي نايمة، وكنت بقرأ لها قرآن، وكل يوم عرفة كنت بقول: يا رب فرّح قلبي بيها.. ربنا سمع دعائي".

 

أشقاؤها عبّروا عن فخرهم بها بعيون تملؤها المحبة:
"ملك مش بس أختنا، دي فخر العيلة.. شافت الصعب وقررت تكمله وتنجح".

 

أما خالتها، التي كانت كلمة السر في هذا المسار، فقالت: "من أول يوم قلت لها: النجاح مش في الطريق، النجاح في الإرادة.. وملك حطت هدفها قدامها، ومشيت ورا حلمها لحد ما وصلت".

 

وتحلم "ملك" اليوم بأن تلتحق بكلية الزراعة جامعة عين شمس، وتتخصص في علم التغذية، وأن تصبح أستاذة جامعية تنقل العلم والأمل لجيل جديد، مؤكدة أنها تربت على حب الزراعة، خاصة من خلال زياراتها المتكررة لأسرة والدتها في ريف محافظة الغربية.

 

وتختتم "ملك" حديثها بكلمات تمس القلوب: "أنا ماوصلتش لوحدي.. وصلت بدعاء أمي، وصبر أبويا، وحب إخواتي، وتشجيع خالي، وكل لحظة وجع اتحولت لخطوة على سلم النجاح.. ولسه مكملة بإذن الله".

 

قصة "ملك شلبي" ليست مجرد نجاح دراسي، بل حكاية إيمان وعزيمة وصبر.. حكاية بنت مصرية رفعت راية الأمل في وجه التحدي، وأثبتت أن الدعاء في يوم عرفة وصبر خمس سنين كفيلان بأن يصنعا مجدًا حقيقيًا.

ملك عبد المجيد