نبض الكلمات
في لحظةٍ واحدة، تعطلت الاتصالات، توقفت المحافظ الإلكترونية، شُلّت البنوك، وتوقف النبض الرقمي للدولة... كل ذلك بسبب حريق واحد! فهل هذه دولة رقمية أم كيان هشّ يعيش على أطراف
فجر الاثنين الماضي ، اندلع حريق هائل داخل سنترال رمسيس أحد أهم المراكز السيادية لشبكات الاتصالات والبنية التحتية الرقمية. وخلال دقائق فقط، انقطعت خدمات الاتصالات والإنترنت عن أجزاء واسعة من العاصمة، تبعتها انهيارات في منظومات الدفع الإلكتروني، وتعطّل التحويلات البنكية، مما كشف عن كارثة حقيقية في البنية السيبرانية للدولة ، في مشهد لا يحدث إلا في جمهوريات الأنظمة الورقية، تحوّل حريق محدود في سنترال رمسيس إلى كارثة وطنية شاملة عطّلت شبكة الحياة في مصر. توقف الاقتصاد، اختنقت الاتصالات، شُلّت المحافظ الإلكترونية، وانكشفت الهشاشة الصادمة لما يسمى بالدولة الرقمية.
فقد اندلع حريق هائل في أحد كبائن الاتصالات داخل سنترال رمسيس أحد الأعمدة الرئيسية لشبكات الاتصال والبنية التكنولوجية في مصر ، وفي غضون دقائق، عمّ الانقطاع الشبكي أنحاء واسعة من القاهرة الكبرى، ثم امتد التأثير إلى المحافظات ، توقفت خدمات الهاتف المحمول ، وتعطلت شبكات الإنترنت الأرضي والمحمول ، وانهارت تطبيقات المحافظ الإلكترونية ، وتعطلت المعاملات البنكية الرقمية ، توقفت خدمات الطوارئ الإلكترونية، وخطوط الدعم الحكومية.
ما حدث لا يمكن اعتباره مجرد "حادث عرضي"، بل جرس إنذار مدوٍّ لفشل حكومي في إدارة بنية تحتية يفترض أن تكون محصنة وموزعة جغرافياً تحسباً لأي طارئ ، كشف عن غياب خطط الطوارئ البديلة لتوزيع الخدمة على مراكز أخرى ، الاعتماد الكلي على نقطة مركزية واحدة في البنية التحتية الرقمية ، ما كُشف لم يكن خللاً فنياً طارئاً بل سقوطًا مدويًا لمشروع التحول الرقمي الذي تغنت به الحكومة لسنوات. ما حدث يثبت أن البنية التحتية الرقمية لا تزال هشة، مركزية، تفتقد أي خطة بديلة أو توزيع جغرافي للطوارئ ، ما جرى كان له تأثير مدمر على الاقتصاد ، ملايين التحويلات المالية تعطلت ، الشراء الإلكتروني توقف تمامًا ، المحافظ الرقمية أصبحت خارج الخدمة ، التجاروالمستهلكون علقوا في دوامة الصمت التكنولوجي ،المستثمرون فقدوا الثقة في بنية لا تصمد أمام حريق بسيط ، فسنوات من التصريحات البراقة عن "التحول الرقمي" و"مصر الرقمية" انهارت أمام أول اختبار حقيقي. فكيف تزعم الدولة أنها تحولت إلى الرقمية بينما خدمة واحدة مركزية تسقط النظام بأكمله؟ كيف تقبل مؤسسات مالية ومصرفية أن تربط مصيرها بكابل واحد؟.
فمن غير المقبول أن تعتمد دولة بأكملها في اتصالاتها ومعاملاتها على سنترال واحد أو كابل واحد. أين النسخ الاحتياطية؟ أين الشبكات الموزعة؟ وأين غرفة إدارة الأزمات؟ ، ورغم حديث الحكومه المتكرر عن "التحول الرقمي إلا أنها فشلت في إدارة الأزمات التقنية، فتأثير الحادث على المواطن البسيط وتعطل الخدمات، توقف المحافظ، تعذر صرف الأموال أزمات ضربت المنظومه الماليه بالشلل التام ، فهل نحن أمام أزمة إدارة أم فساد في البنية التحتية؟.... لم يكن الحريق هو الخطر ،الخطر كان في انكشاف عمق الفشل الحكومي في تأمين البنية الرقمية ، الخطر كان في غياب البدائل، غياب خطط الطوارئ، غياب الحوكمة ، فالخطر كان في أن المواطن أصبح رهينة لعطل تقني بسيط ، إن ما حدث في سنترال رمسيس ليس مجرد "حادث عرضي"، بل ناقوس خطر يجب أن يُفتح له تحقيق وطني شفاف. فالدولة التي تسقط بنار سنترال، ستسقط في أول اختبار سيبراني خارجي.
رئيس لجنة المرأة بالقليوبية وسكرتير عام إتحاد المرأة الوفديه
[email protected]