"رجال الإطفاء لا يهربون من النيران بل إليها"
د.جمال فرويز يكشف لـ"الوفد" الأبعاد النفسية لحريق سنترال رمسيس وانقطاع الإنترنت

في أعقاب الحريق الكبير الذي اندلع في سنترال رمسيس، وأدى إلى انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت عن آلاف المواطنين، كشف الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، وعلاج الأطفال والبالغين خلال تصريح خاص لـ"بوابة الوفد الإلكترونية"، الآثار النفسية التي خلفها هذا الحدث على رجال الإطفاء والدفاع المدني، إضافة إلى المواطنين المتضررين، وتطرّق في حديثه إلى مجموعة من القضايا الحيوية، بدءًا من قدرة رجال الإطفاء على مواجهة الأزمات وصولًا إلى تفصيل الفرق النفسي بين الحاجة الفعلية إلى الاتصال وبين حالة الإدمان على الإنترنت.
تأثير حريق سنترال رمسيس على الصحة النفسية لرجال الإطفاء
أكد الدكتور جمال فرويز فيما يخص التأثير النفسي للحريق على رجال الإطفاء، أنهم لن يصابون بالاكتئاب بسبب مشاهدة مشاهد حريق عنيف كحادثة سنترال رمسيس، موضحاً أن هؤلاء الأفراد مدربون ومؤهلون لمواجهة مثل هذه الحالات، ومرتبطون بطبيعة عملهم التي تفرض عليهم التعامل مع الحوادث باستمرار، ومع ذلك، نبه إلى أن الإصابة بالاكتئاب تصبح ممكنة في حال وجود عوامل وراثية، مما يجعل بعض الأفراد أكثر عرضة من غيرهم، وهذا التأكيد يعكس وعيًا عميقًا بالواقع النفسي لهؤلاء العاملين، وأنهم يملكون عادة إمكانية التمييز بين ألم الموقف وحدته، وبين التأثر المستمر الناتج عن عوامل داخلية كامنة مسبقًا.

عقيدة التضحية تتجاوز الخوف
وعن احتمالية انسحاب بعضهم من مكان الحريق خشية من خطورته، رد فرويز بشكل حاسم، أن أكثر عناصر الإطفاء يقطعون إجازاتهم للمشاركة في جهود الإخماد، معتبرًا أن تلك المشاركة تتجاوز كونها مهنية لتكون عقيدة ومهمة إنسانية.
وأوضح أن غيابهم عن المواجهة يولّد لديهم شعورًا أقوى بالتأثر النفسي عما لو شاركوا فيها، وهو ما يعمس رؤيتهم الفطرية والعميقة لريادة التضحية وخدمة المجتمع.
انقطاع الإنترنت والاتصالات.. هل هو إدمان أم حاجة؟
وكشف "فرويز" الأبعاد النفسية لانقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت بصورة مفاجئة في القاهرة والجيزة، إثر الحريق، إذ أصبح الناس يشعرون بالعجز أمام مواقف حياتية يومية مثل إجراء معاملات بنكية أو التواصل مع أقارب مسافرين.
وأكد أن ذلك التوقف المفاجئ سبب قلقاً حقيقياً داخل العائلات، ليس لأسباب تعلّقية تكنولوجية، بل لخوف إنساني مشروع ناجم عن انعدام وسيلة الاتصال بأفراد الزوجة أو الأب أو الأخ، خصوصاً إذا كانوا بعيدين أو في دول أخرى.
وأوضح الدكتور فرويز أن هناك فرق واضح وجوهري بين الحاجة الحقيقية للاتصال وبين إدمان الإنترنت، فالحاجة هنا تُحدّد من خلال الأهمية العملية والحياتية للاتصال، مثل إنهاء معاملة بنكية ضرورية أو الاطمئنان على صحة شخص مسافر، دون أن يؤثر ذلك على العمل أو العائلة.
أما إدمان الإنترنت، فهو بعد متطرف يقوم على تجاوز مسؤوليات الإنسان للتصفح على الإنترنت مما يجعله تضييعاً للوقت بغير فائدة، وهذا لم يحدث في سياق الحريق، لقد ظهر أن الرغبة في التواصل كانت مؤشرًا على طبيعة اجتماعية صحية للإطمئنان على الآخرين وليست حالة مرضية.
نصائح للتعامل مع الأزمات
ونصح الدكتور جمال فرويز لمن يتعرض لحادث حريق بالتحلّي بالسكينة والهدوء النفسي، مانعًا الانجرار وراء الذعر الجماعي أو انتقال الشائعات، وهي ظواهر شائعة في مثل هذه الحالات.
ودعا إلى دعم رجال الدفاع المدني معنويًا، عرفانًا لتضحياتهم في مواجهة الأخطار وإنقاذ الآخرين، كذلك، شدّد على ضرورة التعاون مع الجهات المختصة، وعدم نشر أخبار غير مؤكدة أو مبالغ فيها، لضبط الخطاب الجماهيري وضمان وضوح الرسالة في لحظات الضغط.