الزراعة المستدامة في الوطن العربي.. بين التراث والأساليب الحديثة

لا شك أن العودة إلى الممارسات الزراعية القديمة المستدامة تمثل السبيل الأمثل لإنقاذ مستقبل الزراعة في الوطن العربي، إلى جانب تبني الأساليب الحديثة في التنمية الزراعية التي تُعد حلاً ذكياً لمواجهة تحديات الجفاف، والتصحر، والأزمات البيئية والمناخية التي تهدد الثروة الزراعية ومستقبل الزراعة في كثير من دول العالم، و من بين هذه الأساليب البارزة الزراعة الذكية، والزراعة العضوية، والزراعة المستدامة.
ممارسات بيئية سليمة
وقال الدكتور خالد غانم، أستاذ الزراعة العضوية، أن الزراعة العضوية تعني تبني ممارسات بيئية سليمة لإنتاج غذاء آمن يحقق ربحية عالية، ويضمن العدالة الاجتماعية لجميع العاملين في المنظومة، من فلاحين ومسوقين وتجار، وبدأ استخدام هذا الأسلوب في مصر عام 1977، إلا أن التقدم ظل محدوداً نتيجة تطبيقات فردية وصعوبات مختلفة، قبل أن تتبناه الدولة بشكل أوسع بعد وضوح ملامحه.
نشأت الزراعة العضوية في أوائل القرن العشرين كثورة على الأساليب التقليدية، وكان السير ألبرت هاورد أول من ابتكر "الكمبوست" وهو المكون الأساسي لهذا النوع من الزراعة.
وأضاف الدكتور غانم أن الزراعة العضوية يمكن تحويلها إلى نموذج اقتصادي عالي الربح، حيث تتيح فرصاً تجارية متعددة، مع سهولة تطبيق أساليبها واستبدال المحاصيل التقليدية بمحاصيل عضوية، كما يمكن الاستفادة من الأراضي المزروعة تقليدياً لتحويلها إلى زراعة عضوية، رغم أن البدء بأراضٍ جديدة يُعد الأفضل، وتطمح مصر إلى تحقيق 6.7% من الإنتاج الزراعي عضويًا بحلول 2030، وقد اقتربت حالياً من الوصول إلى 3% بعد تطبيق القوانين المنظمة وفق معايير الاتحاد الأوروبي.
الزراعة العضوية وعلاج التربة
تعتبر الزراعة العضوية علاجاً فعالاً للتربة عبر استخدام السماد العضوي، مثل السينانو بكتريا (الطحالب الخضراء المزرقة)، التي تعيد توطين الميكروبات النافعة في الأرض، ما يزيد من إنتاج النيتروجين الضروري للنباتات، و هذه الطريقة تخفض تكلفة السماد بنسبة 25-30%، وتزيد المحصول بنسبة تصل إلى 30%، وتنتج غذاءً آمناً بيئياً، وتساعد في مواجهة التغيرات المناخية، مما يعزز فرص تصدير المنتجات المصرية التي تتوافق مع المعايير الدولية.
المزارع الصغيرة والتنمية المستدامة
يرى الدكتور غانم أن المزارع الصغيرة المستدامة تشكل نهجاً جديداً يمكن أن يحدث تحولاً كبيراً في الزراعة العالمية، ويجب أن تُعتمد كمشروع وطني خاصة في الدول ذات التكنولوجيا المنخفضة والاقتصاد الضعيف، ويشير إلى أن الزراعة العضوية يمكن أن تقود هذا التغيير ليس عبر التحول الكامل الصعب، بل بممارستها تدريجياً.
ويؤكد على أهمية دعم هذه المزارع عبر منصات معرفية قوية، تعاونيات عصرية، وإعلام وطني مساند، و المزارع الصغيرة ليست مجرد حلم، بل مشروع وطني حيوي يعزز الأمن الغذائي ويوفر فرص عمل، ويساعد في استرداد صحة التربة، ومواجهة تغير المناخ.
مزايا المزارع الصغيرة العضوية
-الاعتماد على العمالة الذاتية (المزارع وأسرته).
-تجهيز مستلزمات الإنتاج داخل المزرعة بسهولة.
-تنوع الإنتاج بين خضروات، فواكه، محاصيل حقلية، ماشية، دواجن، ونحل.
-سهولة الوصول للأسواق عبر نظم تسويق مبتكرة وتعاونية.
-الاكتفاء الذاتي للمزارع والمجتمع المحيط بها.
-تطبيق مبدأ "الأكل المحلي" للحصول على غذاء طازج وعالي القيمة الغذائية.
-تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، والحد من الملوثات بقدر الإمكان.
-أحد الأمثلة الناجحة هو مزرعة "كفاف أرجانيك" بالدلتا التي تضم أنواعاً نباتية مستوردة من أندونيسيا.